تغريبة القافر > مراجعات رواية تغريبة القافر

مراجعات رواية تغريبة القافر

ماذا كان رأي القرّاء برواية تغريبة القافر؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.

تغريبة القافر - زهران القاسمي
تحميل الكتاب

تغريبة القافر

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم



مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    4

    عالم ثري ولاشك يختار منه القاسمي هذه المرة رحلة القافر في مجاهل الصحراء للبحث عن قطرات الماء المخبوءة بين الصخور، تلك الرحلة التي لم تبدأ عند الولد سالم القافر بطل الرواية، وإنما بدأت قبل ولادته مع أمه مريم التي سماها الناس "الغريقة" بذلك المشهد الأخاذ الذي يفتتح به هذا العالم ويجذب انتباه القارئ إلى وجود "غريقة" وكيف يتجمع أهل البلدة للتعرف على هوية تلك المرأة، وكيف تتناسل الحكايات لنتعرف من خلال هؤلاء البسطاء على عالم القرية ومن فيها، وكيف تقوم العلاقات بينهم وكيف تتكون.

    خصوصية اللغة وثراء العالم

    لاشك أن واحدًا من عوامل تميز هذه الرواية هو ذلك المعجم القروي الخاص، بل وسيفاجئ القارئ بأنه يقرأ اللهجة العمانية المحلية ويفهمها، رغم غرابتها وربما بعدها عن الأسماع، ولكن هذه قدرة الروائي المحترف على أن يجمع بين خصوصية اللغة قدرته على توصيل المعنى من خلال السياق، يبدو ذلك جليًا في حوارات أهل القرية التي جاءت كلها باللهجة المحلية، وكان ذلك ولاشك متسقًا مع طبيعة الرواية وعالمها.

    وإذا كانت علاقة القافر بالأرض والتربة والصخور على هذا النحو من الخصوصية، حتى أنه يسمع خرير الماء من داخلها، فلاشك أن علاقته بالآخرين أيضًا تحمل بعدًا آخر، يتجلى في تلك الفتاة التي تشررق له من بين صفحات الصحراء، ويراقبها فتيًا وتلفت نظره شابًا حتى يقرر الزواج بها:

    (كما ينفجر الماء من قلب الحجر ويسري الينبوع منحدرًا برقته على الأرض العطشى، وكما كان القافر يطرب لخرير الماء في الأعماق، ناداه الحب. رآه في ابتسامتها عندما كانت تقف أمام داره، في نظرتها الحالمة وهي تحنو على الكدمات التي خلفتها ضربات المعلم فترفع عنها الألم، ناداه الحب ليذهب إليها دون أن يدرك أنها هناك تنتظر في البلاد البعيدة.. ناولته حباتٍ من التمر وهي تبتسم فرق قلبه واستكان ألمه، أراد أن يرتوي بابتسامتها ويعلق نظره في أسنانها البيضاء، أما هي فقد جلست بجانبه وبدأت تتحدث وكأنها تعرفه من قبل، كانت كثيرة التلفت كثيرة الحركة، وكان ساكنًا ينصت بقلبه إلى صوتها الشبيه بأغنية نسيتها الجنيّات في جنبات الدار)

    للماء في هذه الرواية حضور خاص، فالناس تشعر بالعطش بل وتعاني منه، وبطل الرواية القافر يدلهم عليه، بطريقة تبدو سحرية ولكنها واقعية في الآن نفسه، ذلك الماء الذي تبدأ به الحياة وتنتهي، والغريب أن القرى تصاب بالجفاف والرياح التي تهلك كل ماحولها، ويلجؤون إلى الجبال يحتمون بها من الكوارث والنوازل، ثم يعودون مرة أخرى بعد زوال الخطر، وينتظرون المياه التي تسقي أرضهم وتعيد إليهم الحياة من جديد، وكأنها دورة الحياة الطبيعية لا تتوقف، بل تبدو في طريقة حكيها وسردها وكأنها تستحضر الإنسان الأول وعالمه بالفعل، لا وجود للتاريخ الراهن ولا تحديد للزمان، هي حكايات متتالية وعالم نغرق جميعًا في تفاصيله ونتفاعل مع شخوصه ونتأمل حياتهم وتصاريف القدر معهم.

    كما يدخلنا الكاتب من حين لآخر في عدد من الحكايات الجانبية لأفرادٍ عابرين في القرية، ولكننا نتعرف من خلالهم على ما يدور بينهم من علاقات وخلافات، وكيف ينشأ بينهم الحقد والغيرة، وكيف تؤثر عليهم طبيعة تلك الحياة القاسية، وتجعل بعضهم كالحجارة بل هم أشد، وبعضهم الآخر يبدون في انسيابية الماء ونعومته،

    وللمرأة كذلك حضور شديد الخصوصية والأهمية، ليس فقط لتلك الأم التي نستقبل بها الحكاية والعالم، بل حتى مع المربية التي تحمل صفات ذلك العالم من احتضان الصبي والحفاظ على سره حتى مراعاته وتجنيبه أخطار وشرور أهل القرية من حوله حتى وفاتها، كاذية بنت غانم التي تبدو واحدة من بطلات الروايات التي لا تنسى، رغم أن دورها ينتهي في الرواية بسرعة إلا أنه يبقى حاضرًا مؤثرًا، حتى تنتهي الرواية بين يدي الزوجة "نصرا" التي بقيت على حال الوفاء لزوجها الذي لا تعلم هل يمكن أن تغدر به الصحراء بالفعل وتقتله، أم أنه سينجو بعد غيابه الطويل ويعود إليها!

    (يزداد العتاب ويتكاثر الكلام فيملأ صدرها، وتضيع التفاصيل والكلمات في انتظار عودته، ستقول له كذا وكذا، ستمنعه في المرة المقبلة من السفر، ستصرخ في وجهه وتغضب، لكنّها تعرف أنه ما إن يعود وتسطع رائحته في أنفها، يحتضنها حتى يندثر ذلك الجدار الذي شيدته في مواجهة غيابه، إنها ترى فيه إنسانًا غير الذي يراه الناي، الناس الذين يقيسون بمسطرة الجاه والمال والمكانة الاجتماعية، ويعدون كل مختلفٍ عنهم مجنونًا أو ممسوسًا، ولطالما حمدت ربها على بذرة الحب التي ألقاها في صدرها لتكبر يومًا بعد يوم حتى صارت شجرة عشقِ فارعة كثيفة الظلال)

    ورغم أن السارد/ الكاتب قرر أن ينهي الرواية بفصلٍ أخير يستدعي ما دار مع القافر في آخر لحظات حياته وتغريبته، إلا أنني كنت أرى أن النهاية التي جاءت مع زوجته نصرا كانت أشد وقعًا وأكثر تأثيرًا.

    ....

    من مقالي عنها على موقع الرواية، سعدت بوصولها قائمة البوكر العربية 2023، وأتوقع أن تصل للقصيرة أيضًا

    Facebook Twitter Link .
    24 يوافقون
    4 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    4

    "لقد شعر بثقب في روحه، ثُقب في وسط جسده بين صدره وبطنه، ثقب كبير كأنه نافذة يستطيع أن يرى منها ما خلفه وراءه."

    رواية "تغريبة القافر" للكاتب العُماني "زهران القاسمي" -التي وصلت إلى القائمة الطويلة للبوكر العربية لعام -2023 هي واحدة من أجمل ما قرأت في الأدب العربي والخليجي، رواية تخلط الخيال بالواقع، تُقدم قضايا عديدة، تطرح تساؤلات، تُجيب على بعضها وتترك الباقي لك، رواية عن الوطن، وما يُقدمه لنا، وماهية الوطن، وهل سيقبلنا الوطن حتى لو كُنا مختلفين، أم سيلفظنا خارجه، سيسخر منا قاطنيه، لاختلافنا، مهما قدمنا له من مُساهمات، رواية قد تكون شديدة الرمزية، وفي نفس الوقت قد تكون شديدة الواقعية رغم السحر والخيال في بعض الأحداث، ولكن ما حدث في قرية "المسفاة" قد يكون رمزية ودلالة على ما يحدث في أي قرية أخرى لو نظرنا من نطاق ضيق، أو أي وطن لو نظرنا من نطاق أوسع.

    تبدأ حكاية سالم بن عبدالله بن جميل بالموت، والغرق، يُنتشل من رحم الموت، لتبدأ رحلته مع الماء، وتلك العلاقة السحرية التي نشأت، فهو يستطيع أن يسمع الماء مهما كان بعيداً ومتوارياً، حتى أصبحت تلك مهنته، رغم السخرية التي لاقاها في أول الأمر، ولكنه أثبت بموهبته الإلهية وأنقذ قريته، فهل سيشفع ذلك ليكون مقبولاً اجتماعياً بينهم؟ أم سيظل ود الغريقة؟

    قد يكون العنوان غريباً وغير مفهوماً، ولكن بتقدم الأحداث تفهم من هو القافر، وتغريبته وسط قريته، القافر هو المُتتبع أو الذي يقتفي أثراً، فهل كان فقط ما يبحث عنه سالم هو الماء؟ أم كان يبحث عن وطناً يحتضنه؟

    الحكاية زاخرة بالشخصيات، والكاتب بذل جهداً كبيراً في تقديم الشخصيات، وخلفياتهم، والسحر المُرتبط بكلاً منهم، حكايات وقصص مليئة بالعبر والدلائل، ولكنها تصب في منبع واحد، فكانت الحكايات كالماء، مُتماسكة ومُترابطة مهما تشتت، ولكن الجهد الأكبر المبذول فكان في التفاصيل الدقيقة لعمل الأفلاج، طريقة الحفر، والتكسير، استرسل الكاتب، ووصف كل العمليات المُصاحبة للكشف عن الماء، لم يتكاسل في أي مرة، فزادت واقعية للحكاية.

    رغم قصر الرواية النسبي حوالي 225 صفحة إلا أنها مليئة بالتفاصيل المُمتعة، السرد ساحر وينساب بسلاسة، لم أشعر بالملل قط حتى في أوقات وصف الأفلاج الذي من الطبيعي أن تكون مُملة، النهاية مفتوحة بكل تأكيد، ولكن لها دلالتها، وبعد الإنتهاء من الرواية وتُفكر في الأحداث بصوت عال، رُبما ترى الرواية بشكلاً مُختلف، رُبما ترى رمزية مستترة قصدها الكاتب أو لا، ورُبما ترى حكاية عن المعاناة، مُختلفة عما قرأته من قبل.

    بكل تأكيد يُنصح بها، وترشح مُستحق.

    Facebook Twitter Link .
    13 يوافقون
    2 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5

    انا استمتعت جدا عمل مبدع جماعه انا عاوزه اقول الروايه دي عامله زي النداهه بتخطفك من كل ال حواليك ماسبتهاش من ايدي طيرت النوم من عيني روايه قمه فالابداع ممها اوصف كم المتعه ال فيها روايه رهيبه تستحق انها تاخد البوكر بجد ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    اول مرة اقرأ لكاتب عماني اول مرة اقرأ عن عمان عموما ❤️انا عاوزه اعيط من الحلاوة مش عارفه هلاقي حاجه في حلاوتها ثاني والا لا ❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    Facebook Twitter Link .
    5 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    3

    يقال في اللغة يقفر الاثر اي يتقصى الاثر ويتبعه

    والقافر هو الشخص الذي وهبه الله القدرة على تقصي الاثر

    وتغريبة القافر

    هي الرواية التي تحكي لنا علاقة غريبة تربط الانسان بالمكان الذي بُولد فيه

    الشعور الذي يدفع الانسان للاعتقاد انه لم يخرج من رحم امراة وانما من رحم هذه الارض وهذا المكان بجباله وديانه وسهوله واشجاره

    سالم بطل الرواية والقافر لم يولد حتى يكون رجل عادي جدا ولد لكي يكون الباحث ،العاشق ،المنفذ ،الحالم

    ولد في ظروف غاية في الغرابة حتى يكون شخص المهام الحرجة

    يكبر سالم وتكبر وتتطور معه قدرته العجائبية في البحث عن الماء

    من بين الصخور والسهول عُرف بلزمة على لسانه لا تتغير

    الماي … الماي

    انتشل الكثير من القرى والبلدات من الجفاف قابل من الناس من شكل وأثر في شخصيته حتى جاء ذاك اليوم الذي قرر فيه سالم مصيره

    رواية

    تغريبة القافر

    رواية سلسة في السرد ذات لغة عذبة تناسب برودة الماء وانسيابه من بين الافلاج والصخور

    تشبه الموسيقى المصاحبة لاحداث تتمازج فيها الالام والاساطير والاحلام والفقد والامل الذي ياتي من بعد عناء

    لا توجد في الرواية احداث كثيرة من هنا في رأي كان من الصعب ملاحظة تطور الشخصيات او الصراع القائم في انفسهم

    وكأن تطور الشخصية جاء لضرورة الاحداث وليس من تقلب داخلي فيها

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    السِّحر يكمن في التفاصيل.

    القراءة الأولى في الأدب العُماني، رواية رائقة جدًا، شديدة الخصوصية في شخوصها وبيئتها، تسمع خرير الماء، تشعر بحرارة الرمال، تعيش معهم الظمأ فتبحث دون أن تدري مع القافر في عروق الأرض عن منابت الماء، تُباغتك الأحداث بيأس بعد أمل، وأمل بعد ظمأ، وظمأ بعد شغف، وشغف بعد ارتواء، لا ترصد مشاعر أهل القرية من بعيد كالراوي العليم الذي لا يتداخل في الأحداث، بل أنت أقرب منه إليهم؛ تشاطرهم الأحلام، مع الهواء المغبَّر، وشحيح الزاد، وما ندر من الماء.

    حتى لتكاد تُفتِّش عن الثوم في مطبخك كي تساعدهم في شق الصخرة الكبيرة الملساء.

    بعض الروايات تُقرأ، وبعضها يُعاش.

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    "وهذه العين التي يطربه خريرها في باطن الصخرة تشبة الكنز المدفون، كما يقول القافر، فهي لا تعطيك تفاصيلها بدقة، تبدو موجودة وتسمعها لكن الوصول إليها ليس سهلاً، ولابد من الخبرة وإعمال العقل حتى تجتذبها لتخرج." - تغريبة القافر للعُماني زهران القاسمي، والحائزة على جائزة البوكر العربية للعام الحالي 🇴🇲

    تم بالأمس الإعلان عن فوز هذه الرواية بجائزة البوكر العربية، وكنت -بالصدفة- أنتهي آنذاك من قراءتها، ففاجئني الاختيار، ليس لعيب في الرواية، وإنما لفكرة أن يكون هذا العمل هو أروع ما أبدعه الأدب العربي على مدار عام كامل. وعلى كلٍ، فالرواية أفضل عشرات المرات من الكثير من الكتب "الأكثر مبيعاً" التي تحاصرنا مؤخراً في الإعلام ومنتديات المريدين والمحمومين بالبريق. وبعيداً عن الآراء الشخصية، إليكم مراجعتي لهذا العمل الممتع.

    القافر هو الشخص القادر على تقفّي الأثر وتتبعه، وبخاصة أثر الإنسان والحيوان. وفي هذه الرواية محكمة البناء، يستحضر القاسمي أصداء أساطير الجن والعوالم السّفلى في حياكتة لقصة سلامة، القافر الذي يصغي لخرير الماء في قلب الأرض وداخل جلاميد الصخر الصلد، والذي يصير مهووساً بهذا الصوت الهيولي الذي أضحى أقنوماً لوجوده وعنواناً لعلاقته مع الناس.

    ومن خلال تعدّد أصوات القصّ، نشهد الميزة التي اختص الله بها سلامة وقد باتت نقمة، فتتوالى النّذر كالتماعات سريعة في سماء مكفهرة ويتسارع الإيقاع وصولاً للذروة/الفجيعة. لغة القاسمي بديعة وتمكنه من أدواته واضح، كما أن قدرته على نقل افتتان بطله بالماء ومعرفته بطرائقه يجعل من هذا العمل في جزء منه 'دراسة' في معارف تراكمية ضاع أغلبها أمام زحف التمدّن الغير مرادف للتحضّر.

    يحرمنا القاسمي فرصة الفهم الكامل للحقيقة في ضوء المجاز حتى الصفحات الأخيرة من الرواية، حين يردّ المجاز على الحقيقة، فندرك أخيراً كنه الابتلاء الذي لازم القافر طوال حياته، وصولاً لمماته، فكأنما أصابنا قدر من مصابه. أما المصاب الحقيقي في هذا العمل، والذي يذكرنا -عن بُعد- بعوالم إبراهيم الكوني، فهو مبالغة القاسمي في تلغيز وطوطمة منعطفات القصة، مستعيناً باستدعاءات لشخوص خيالية لم تشارك في صياغة النهاية.

    بشكل غير مباشر (ككل الأعمال القيمة)، يطرح القاسمي أسئلة تبدو هامة في إطار/مسار الرواية: هل نصنع مصيرنا بأيدينا فقط حين تعمى أعيننا عن حتمية القدر؟ هل من الشجاعة التنكر للنذر؟ أم أن علينا أن نتعلم الاصغاء؟ وهل من قيمة لاحترام مجتمع لا يحترم فينا سوى مصلحته؟ أرشح هذه الرواية بقوة لمحبي الأدب الجاد، رغم أنها ليست أفضل ما قرأت هذا العام.

    #Camel_bookreviews

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    تجرفك الرواية إلى قرى عمان القديمة دون تحديد للزمان وتدحرجك في الأفلاج التي تمتلئ بمياه العيون -مصدر الماء الذي يعتمد عليه الأهالي في الأماكن التي دارت فيها القصة-

    وماتلبث أن ترتطم بخبر يُغرق القرية بالحزن وهو موت مريم حمد ود غانم ، التي سقطت في البئر

    وكالينابيع تتفجر الأحداث وتجري بانسياب يدفعك لمواصلة القراءة حتى تروي فضولك.

    روى معظم الأحداث الراوي العليم، وتدخل أبطال القصة في رواية بعضها.

    بعد الرواية سترى الصخور الكبيرة بعيني سالم القافر (ود الغريقة) وربما تضع أذنك بحثاً عن ذلك الصوت الذي كان يطرب سالم لسماعه.

    ستراودك إذا ما أُصبت بالصداع-لاسمح الله- رغبةً في تغطيس رأسك بدلو ماء، أسوةً بمريم حمد ود غانم عندما تفعل ذلك لينقشع عن رأسها الصداع.

    الرواية تدفع قارئها للتأمل في حاسة السمع وتلفت انتباهه إلى الأصوات وخاصة التي تتسرب من الصمت

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    البوكر صادفت ما يستحقّ.

    ‏رواية تُتّنَفس، تُعاش بكلّ الحواس.. تضخّ لقلبك دفعة مشاعر لا تُنسى. بالتأكيد هذه رائعة من روائع الأدب العُماني.

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    تستحق البوكر و كل الجوائز

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    المستوى الديناميكي :

    إن الصورة السردية هي منتج فني, تتدخل في إنتاجه عناصر تكوينية فنية ولفظية, تتفاعل فيما بينها لتنتج ظواهر أو دلالات تبحث عن معانيها في إطار العمل السردي, رواية كان أم قصة أو حكاية, فإذا كانت تلك العناصر التكوينية عناصر ثابتة في الرواية, فإن حضورها اللفظي سينتج ملامح الصورة السردية مؤطّرة بالثيمة الخاصة والثابتة لهذه العناصر, انتظام أجزاء العمل السردي حول بؤرة العمل الثابتة وثيمته الرئيسة التي تتشكّل من هذا العنصر التكويني الثابت ( الماء), يجعل منه بنية متماسكة تنتظم فيها العلاقات والوحدات التكوينية السردية الأخرى ما يحيله إلى دلالة كبيرة, الصورة السردية فيها دلالة كائنة تأخذ مكانها في بناء فني يليق بها.

    بدءًا من العنوان, ( تغريبة القافر), وهو بنية لفظية لغوية, تغريبة: مصدر خبر لمبتدأ محذوف مضاف بصيغة المبالغة والتمادي في السفر, القافر مضاف إليه, يعود بأصله اللغوي إلى التتبع واقتفاء الأثر, وهذا مكوّن نصّي مكثّف عن الحياة والأحداث التي عاشها بطل العمل, سالم ولد عبد الله, في بحثه عن سر الماء في عمق الصخور, أو الأفجاج القديمة المردومة, برع الكاتب في تشكيل هذا العنوان من صورة لغوية, مؤطرة فنيًّا وجماليًّا وتخييليًّا, تختزل العلاقة الإنسانية مع الوجود الكوني في حيّز التغريب, أي تخترل العلاقة بين الرحابة والمحدودية, حتى لو كان الإنسان متخطّيًا حدود المألوف باتجاه غير المألوف, فهو مقيّد بتغريبته النفسية التي لا تقوده إلا باتجاه مصيره المحتوم. وهذا المكوّن التعريفي المكثّف, سنجده حقيقة موجودة في كل فقرة في العمل, في كل مشهد حدثي, وفي كل حوار, وفي كل المواضيع والمضامين, وعند كل الشخصيات التي لعبت أدوارها على مسرح الفضاء المكاني, بعدما أحالها الكاتب من مستند سيميائي إنشائي إلى بلاغة سردية إيحائية تنفتح على لا محدودية التأويل.

    الزمكانية :

    قرية ( المسفاة) في ريف سلطنة عمان, في حيز زماني لم يذكره الراوي العليم ذكرًا مباشرًا, وإنما ألقى دلالات وإشارات دالة إلى أنه في فترة, قديمة نوعًا ما, سابقة للثورة الصناعية, حيث كانت الدواب وسيلة التنقل بين القرى والأماكن.

    فصل الاستهلال :

    يعتبر الحدث أول عنصر من عناصر البناء الفني, وبه وعليه قامت الصورة السردية في رواية ( تغريبة القافر), حدث واقعي, غرق مريم بنت حمد ود غانم, وهي حامل بسالم بن عبد الله بن جميّل, وعلى هذا الحدث تجمّعت شخصيات الرواية, معتمدة عليه في تدعيم الأفعال المتبادلة فيما بينها, وهو حدث قوي متمكن من التحكم في سير أفعالها, وبالتالي هو قادر على دفع عجلة السرد وإنتاج الأحداث التالية, التخييلية الغرائبية والواقعية, على حد سواء, مثلًا, الاستهلال في الرواية جاء في الصورة التالية:

    " غريقة .. غريقة..".

    ارتفع صوت الطارش في بلدة المسفاة وهو يطرق الأبواب ويصيح بالناس:

    " غريقة.. غريقة.. حد غرقان في طوي لخطم..".

    سمعت النساء صوت الطارش, فتفقدن أطفالهن في أرجاء البيوت والحيشان, وبدأت امرأة في وسط الحارة بالصياح والعويل لأنها لم تجد ابنها ذا العشر سنوات بالجوار, وشبّ نزاع بين امرأتين في سكة بين بيتين, لأن طفل إحداهما خرج منذ الصباح الباكر مع طفل الأخرى ولم يعودا....

    كما هو واضح, هناك عدد من الأفعال القولية والحركية تضافرت مع بعضها لتقديم صورة حدثية سردية مترابطة ومتناسقة بما يكفي لتكون صورة دالة متكاملة, فهناك غريقة, يقوم الطارش بإخبار أهل المسفاة عنها, متبعًا طريقة الصياح وطرق الأبواب, وفي هذه الصورة يقدّم الكاتب : حدث + مكان + عرف سلوكي أو موروث اجتماعي يتمثّل في طريقة الإعلام التي كانت سائدة في ذلك الوقت.

    متجنّبًا المباشرة, وبطريقة إيحائية أحالنا السارد العليم إلى زمن قديم سابق لعصر الحداثة بكثير.

    وبعده يتصاعد الحراك السردي عبر الخط السردي السببي التصاعدي: بداية – عرض – نهاية, مع تداعيات ذاك الحدث, واجتماع أهل القرية برجالها ونسائها عند حافة البئر, وإخراج الغريقة من البئر, وملاحظة حركة في بطنها, ما دلّ على أن الجنين ما زال حيًّا, وخلافهم على مشروعية إخراجه أو دفنه " بو بطنها أولى به الدفن", ثم حدث الولادة الغرائبي, الذي تحسم أمره كاذية بنت غانم, عمّة مريم وأمها التي ربّتها يتيمة, التي قامت ببقر بطنها بسكين أخذته من حزام أحدهم, وأخرجت منه الجنين باكيًا, سالم بطل الرواية, لتعلن بالتكرار المؤكّد أول حقيقة منبثقة من فعل عجائبي :

    وعندما انتبه الناس إلى بكاء الرضيع التفتوا إلى مصدر الصوت مندهشين, فابتسمت في وجوههم, ابتسمت وسط الفجيعة ورددت وقد ملأت الدموع عينيها:

    " محلاه... صلاة محمد السّلام... يُخرج الحيّ من الميّت, يُخرج الحيّ من الميّت, يُخرج الحيّ من الميّت"

    إلى هنا يكون الحدث هو العنصر الأول الذي نهض بالصورة السردية, وما بعد ذلك ستتولى الشخصيات هذه المهمة بما يضمن الحفاظ على ترابط واتساق الصورة السردية, وقد يتدخل العنصر الثالث ( الراوي العليم) في القيام بهذه المهمة, عندما تستوفي الشخصيات دورها في القيام بالأحداث, فيقصّ علينا الراوي العليم حكايات قديمة تخصّ بعض شخصيات العمل, فالعمل قائم فنيًّا على مجموعة من القصص المنتهية التي تخصّ أبطالها, والتي يتتبّع فيها السارد مسيرة حياة بطلها منذ نشأته وحتى انتهاء حياته أو اختفائه عن مسرح الأحداث الروائية, وهكذا, وعلى سبيل المثال, من بعد حدث الاستهلال يقصّ الراوي بتقنية الفلاش باك حكاية الغريقة( مريم بنت حمد ود غانم ), التي تزوّجت من عبد الله بن جميل, عامل بالأجرة, يعتني بالمزروعات وسقي النخيل في الضواحي, بعد أن تقاسم أهل القرية أملاك أبيه ونهبوا إرثه, يتأخر حمل مريم سنوات, وهي الخياطة الماهرة التي يقصدها نساء علية القوم لتفصيل وتطريز أثوابهن, فجأة تداهمها نوبات صداع, لا تخف شدّتها إلا عندما تغطس رأسها في دلو ماء, ثم يهاجمها حلم ترى فيه مناديًا يناديها من قعر البئر, فتلبي نداءه, هذه التلبية تنتقل من نطاق الحلم إلى حيّز الواقع, فتتداعى حقيقة إلى قعر البئر لتنتهي غريقة فيه, ويبقى الماء هو البؤرة الثابتة التي يقوم عليها البناء الفني للعمل, باعتبار العلاقة التي تربط الماء بالحياة, تلك العلاقة الغامضة المتأتية من التناقض والإلتباس في ماهية الماء, من كونه روح الحياة للإنسان والنبات والحيوان, لكنه أيضًا جندي من جنود الموت, قبض حياة مريم وعبد الله, والدَي سالم, وسجن سالم في معبر بين الحياة والموت.

    روى السارد أيضًا حكاية آسيا مرضعة سالم, وحكاية زوجها ابراهيم بن مهدي ورحلته في بحثه عن حلمه, وحكاية الوعري, وحكاية عبد الله بن جميّل, وحكاية الشايب حميد, والحكاية التي روتها المرأة العجوز عن مسيعيد ولد خلفون وخصامه مع أخيه على خاتم ورثاه عن أبيه.....

    ولا يخلو السرد من شيء من الواقعية السحرية, حيث يتداخل الواقعي بالمتخيّل من غير أن يثير ذلك استغراب الشخصيات, سيما عند الحديث عن مراسم الدفن وما رافقه من أمطار غزيرة وأعاصير شديدة, جعلت القبر يمتلئ بالماء إلى منتصفه :

    "القبر جام والميتة تغرق, إيش الحل ؟"ليرد آخر " الميتة غرقانة من قبل".

    كذلك نجد الواقعية السحرية عند الحديث عن الشايب حميد بو عيون الذي:

    بلغ من العمر الثمانين, وبقي يرى في البعد ما لا يراه الآخرون, وهو قادر على معرفة القادم من بعيد, وعلى تبيّن حيوانات أهل القرية التي تسرح بعيدًا في الجبال والسيوح المتاخمة, فيعرفها ويعرف أصحابها.

    وفي قصة سلام ود عامور الوعري, الذي مرض مرضًا شديدًا في عمر السابعة, واحتارت أمه في علاجه, حتى لجأت إلى تطبيبه على يد ساحر يستعين بالجان, صحا ولدها فجأة من رقدته الطويلة, وصار يأكل كل طعام تقدمه له مهما كثر دون أن يشبع, وينظر إليها بعينين محمرتين مركزتين على وجهها, بملامح جامدة تمامًا, وينقطع عن الكلام لسنوات.

    كما تتنامى الغرائبية من بعد حدث سقوط المطر من شق في السقف في أذن الوليد سالم, وما أعقبه من تقديم لشخصه كطفل يمتلك قدرة خارقة على سماع صوت الماء الجاري تحت الأرض. والربط الجمعي الذي قام به أهل القرية كتفسير ساخر من تلك الملكة, وأن ما يسمعه سالم ليس إلا أصوات الكائنات الشيطانية التي تسكن العالم السفلي. إلى أن تتعرض القرية لقحط شديد, مات فيه الزرع, وابتلعت فيه الأرض ماءها, وحبست السماء غيثها, وأخفق أهل القرية في تذكّر أماكن الأفلاج وقنواتها التي ردمها الزمن بأنوائه.

    مستفيدًا من قدرته الخارقة على سماع صوت الماء الغائر في بطون الوديان وعمق الصخور, استطاع سالم تحديد مكان الماء, وبدأ الحفر بمفرده في البداية, ثم بمساعدة أبيه, تدفّق الماء الذي أعاد الحياة للقرية بعد أن أوشكت على الهلاك, كما استعاد ثقة أهل القرية بقدرته الخارقة التي صارت مجال عمله الذي بات يترافق فيه مع والده والوعري, من خلال هذا العمل يلتقي في إحدى القرى المجاورة مع فتاة كان قلبه قد خفق لها في مرحلة الطفولة حين كانت في مع أمها في زيارة لعمته كاذية, أطلع والده على رغبته بالزواج منها, وفعلًا طلبها له وأقيم حفل زفافهما, ولم تكتمل فرحتهما في صباحية العرس حيث أفاقا على مأساة كارثية مات فيها الأب عبد الله بن جميل, إذ سقط عليه سقف القناة فسرق حياته, غادر سالم القرية مع عروسه عائدين إلى قريته يأكله الحزن الشديد على والده, وعاهد نفسه على ألا يعود إلى هذا العمل الذي جلب له الإهانة في البداية بسخرية الناس منه, ثم التعاسة بفقدان والده, وبعده عمته كاذية التي ماتت حزنًا على عبد الله بن جميل, ولكنه بعد سنوات وافق على العمل في قرية كاد الجفاف يفتك بآخر أهلها, استجاب للندّاهة التي كانت تعصف كالهاجس في رأسه حتى أصابته بالصداع الشديد, كان العرض مغريًا جدًا, سيحصل على نصف أملاك القرية, وكافيًا ليتخلى عن عهده, لم يطق العاملون معه صبرًا فغادروه, وعاود العمل بمفرده كمحاولة أخيرة, نجح, وانفجر الماء, لكنه سحبه إلى الأعماق, لم تفلح محاولاته الحثيثة بالنجاة, فعاش في محبسه المائي مقتاتًا على ما يتوفر في السرادي من هوام وعناكب وأسماك, ولا يبقى إلى نهاية الرواية سوى زوجة القافر التي لم تفقد الأمل بعودته, فعاشت تبدّد وقت الانتظار برعي أغنامها, وغزل صوفها. منح الحظ سالم فرصة ثانية للنجاة حينما عثر على مسماره ومطرقته, فحاول توسيع فتحة الخاتم كي تتسع لخروج جسمه:

    صار الزمن دائريًا مفتوحًا على الأبدية, ولم يعد مستعجلًا على تثبيت المسمار, ولا يهمه الوقت الذي سيصرفه أمام البوابة الصخرية التي تفصله عن الهواء والضوء والحياة. ...

    لكنه فقد المسمار ثانية فاستعر غضبه واكتفى بالمطرقة, ثارت فيها فصول مأساته وذكرياته وعذاباته:

    تداعت الصخرة أمامه, وانفتح الخاتم على النفق الطويل, فانطلق الماء بقوة وجرف معه كل شيء.

    يضع القافر نهاية مفتوحة للرواية, لا يقرّ فيها الكاتب موته كنهاية حتمية وموضوعية, لوعيه وإدراكه ككاتب فني المحترف من أن الموت ليس نهاية في مخطط التشابك السردي الذرائعي من المنظور الفلسفي , لأن الصراع الإنساني مع الحياة مستمر, ولم ينته بعد.

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    رواية تغريبة القافر للكاتب العماني زهران القاسمي هي الرواية الحائزة على الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر لعام 2023، وقد اشتريتها العام الماضي خلال جولة زهران القاسمي في مصر بعد حصوله على البوكر، وكانت آخر محطات جولته في مكتبة ميكروفون الدقي بتاريخ 25 أغسطس كما هو مدون على الإهداء، أي أننا قاربنا على إتمام العام كاملاً، وكالعادة وصلت متأخرة على ندوة المناقشة؛ فلم ألحق إلا توقيع الرواية بعد المناقشة، ولكنه ليس ذنبي؛ فأنا لا أدري أساساً لم يقيمون ندوات في السادسة أو السابعة مساءً صيفاً والشمس لا زالت في كبد السماء؟! هل لديهم ثأر ما لا أعرفه مع توقيت الساعة الثامنة مثلاً؟!

    ما علينا، ولكنني كما وصلت متأخرة إلى ندوة المناقشة، تأخرت أيضاً في قراءة الرواية رغم اقتنائي لها، انشغلت بين الكثير من الأمور وتنقلي ما بين القاهرة وأسيوط والدراسة والعمل؛ فلم أبدأ في قراءتها إلا في الفترة الحالية، على أية حال لا أحب القراءة التابعة للموضة، لقد كان الجميع يقرأها العام الماضي بسبب حصولها على البوكر، ولكنني قرأتها الآن على مهل وفقاً لذوقي أنا لا ذوق البوكر أو ذوق قراء البوكر، وربما هي الرواية الأولى التي أقرأها من بين الروايات الحائزة على البوكر العربية منذ بدايتها.

    وبعيداً عن أجواء البوكر وتفصيلات أسباب منح الجائزة من عدمها، إلا أن رواية تغريبة القافر للكاتب العماني زهران القاسمي هي من نوع الروايات التي أحب، وأظن أن لأجل هكذا أعمال تم اكتشاف الأدب وقرأه الناس، فمثل هذه الأعمال تسافر بك إلى عوالم أخرى ربما لن تتمكن يوماً من زيارتها، وتجعلك تعيش في عصور ربما لن يعود لها الزمن يوماً وفاتك أن تعيشها، وتلتقي بأناس وتشاركهم حيواتهم وأنت لا زلت قابعاً في مكانك على فراشك أو مقعدك بمنزلك أو في وسيلة مواصلات مزدحمة تنسى وجودك بها لتغرق في عالم آخر لم تكن تعرف شيئاً عن وجوده.

    تسافر بنا رواية تغريبة القافر للكتاب العماني زهران القاسمي إلى قرى الصحراء العمانية في زمن ما قبل انتشار الحضارة والنفط، لنعيش معها أجواء هذه القرى، وكيف كان يحيا الناس، وينقل لنا أجواء التراث العماني الذي ربما لم يعد كما كان مع انتشار التكنولوجيا والإنترنت، على الرغم من كون لدي صورة ذهنية خاصة حول خصوصية المجتمع العماني وتفرده ربما لإننا لا يصلنا الكثير عنه، ولا أعلم حقيقة هذه الصورة من عدمها، ولكن حتى مع اختلافه إلا أن الرواية تزيح الستار عن كثير مما لا يصلنا؛ لنكتشف أن رغم اختلاف الظروف والأزمان والأماكن تظل طباع البشر واحدة في كل زمان ومكان.

    فأهل القرى العمانية على الرغم من صحراواتها ومعاناتها من الجفاف والبحث عن الأفلاج والمياه الجوفية لإعادة الحياة إليها كل حين، يتشابهون أيضاً مع أهل القرى المصرية الذين ينعمون بوفرة مياه النيل ويحيون على ضفافه، فكما قد تجف مياه الآبار وتضن السماء على أهل عمان بأمطارها، أو ينفتح خاتم الفلج أثناء البحث عن مصدر للمياه؛ فيغرق في طريقه الأخضر واليابس، فقد كان أهل مصر أيضاً يعانون في القديم من جفاف النيل في بعض المواسم وفيضانه في أخرى، قبل بناء السد العالي، وربما نعاني هذا الجفاف ثانية في القريب والله المستعان.

    أما بالنسبة لطباع أهل القرى فهم يشتركون جميعهم في حب الحديث والنميمة وظلم الفقير من لا ظهر له ولا سند والخوف من أصحاب السيادة والرفعة والمال ونبذ المختلف عنهم ولو كان اختلافه وتفرده موهبة يمكنها أن تجر عليهم الكثير من الفائدة، وهذا ما حدث مع القافر بطل الرواية والكثير من الشخصيات الثانوية التي أتت الرواية على ذكرها، وربما أهتم الكاتب زهران القاسمي بذكر عدد كبير من الشخصيات الثانوية التي لم يكن لها دور فاعل حقيقة في أحداث رواية تغريبة القافر؛ ليوثق لحياة القرية ومعتقدات أهلها أكثر من كونه محرك للأحداث.

    ولكن على الرغم من هذا كان الأمر مسهباً في بعض الأوقات، وربما أكثر قصة فرعية شعرت بالتشتت حيالها هي قصة آسيا مرضعة سالم القافر مع زوجها؛ فعلى الرغم من أهمية شخصية آسيا في حياة بطل رواية تغريبة القافر إلا إن الكاتب أراد إزاحتها من النص الروائي بسفرها إلى زوجها الذي هجرها سبع سنوات لتبقى إلى جواره، لا مشكلة لدي في هذه التفصيلة فهي قد تفضل حياتها إلى جوار زوجها الذي أحبته رغم كل شيء عن أن تهب حياتها لابن من الرضاع ربته ست سنوات ولكن لديه أم بديلة على أية حال.

    ولكن ما أراه تفرعاً لا طائل من وراءه عن النص الروائي الأصلي هو تتبع حياتها لفترة مع زوجها حتى برئ من مرضه، ولا أظن هذا كان له أي علاقة بأحداث الرواية أو تأثير على شخصية البطل أو الشخصيات الرئيسية الأخرى؛ فلا أظن أحد منهم عرف بما حدث من الأساس، نحن كقراء فقط من علمنا بخط سيرها مع زوجها خلال هذه الفترة، كما أن قصة زوجها أيضاً تحوم حولها التساؤلات؛ فمن المفترض أنه ترك القرية ليذهب إلى مسقط ويستفيد من طلاوة لسانه ومعرفته بفنون الحديث ويكون له مستقبل ذو شأن.

    ولكن نجد أن كل ما فعله هو أنه كان يذهب إلى قرى أخرى لاستصلاح أراضيها ثم بيعها للآخرين، وهذا أمر كان بإمكانه فعله في قريته، ولا علاقة له بطلاوة لسانه وإتقانه فنون الحديث، بل إنه حتى لم يكن يتعامل مع سكان هذه القرى ولا يخالطهم من الأساس، كان هذا بمثابة علامة استفهام كبيرة بالنسبة لي، ولو أن الكاتب زهران القاسمي ترك أمر آسيا مرضعة سالم أنها سافرت للحاق بزوجها حين طلبها دون أن يذكر تفاصيل أخرى لكان أوقع، خاصة وأنها لم تظهر مرة أخرى بعد ذلك، فلو كانت ستعود هي وزوجها للقرية في النهاية ويكون لهما دور ما لكان لقصتهما التي تم ذكرها مبرراً فنياً.

    بخلاف ذلك أجد أن القصص الفرعية الأخرى التي تم سردها خلال النص الروائي، على الرغم من أن البعض قد يراها تشتيتاً عن الأحداث والشخصيات الرئيسية، إلا أنها من وجهة نظري ساهمت في التأريخ للقرية عند القارئ وتبرير أساطيرها وطريقة تعاملهم مع الأحداث؛ فهم أناس يحيون على الأساطير والقصص الخرافية التي يضفوها على كل غريب وشاذ عما اعتادوا عليه، وهذا يبرر تصرفاتهم، كما إن هذه القصص الفرعية تدخل القارئ في جو القرية والتراث العماني، خاصة القارئ الذي لم يحتك بهذا العالم من قبل، وقد يجد تشابهاً بينه وبين عالمه يعطيه شعوراً بالألفة والحميمية ويجعله أكثر اندماجاً في القراءة وتعاطياً مع العمل.

    عادة بعد الانتهاء من قراءة أي عمل أقوم بقراءة ما نُشر عنه في الصحف والمجلات، وكذلك التقييمات على مواقع القراءة المختلفة، أتمنى أن أتوقف عن هذه العادة يوماً ما لأنها كثيراً ما تحرق دمي، ومن الآراء التي حرقت دمي فعلاً ما كان يلوم على الكاتب زهران القاسمي وعلى جائزة البوكر في تتويجها للرواية لكونها رواية تقليدية تحكي عن أمر عادي، وأن الكاتب أهدر فكرة رائعة كان يمكنه استثمارها بشكل غرائبي فانتازي فإذا به يتناولها بطريقة تقليدية وحكي تقليدي!

    لا أعلم من الذي صور لبعض البشر أن الكتابة والتأليف يجب أن تكون عن عوالم غرائبية وربما كائنات تطير وتتسلق الفضاء وحوادث تخترق المألوف لتستحق أن تتوج بجوائز ويتم النظر إليها؟! لا ضير بالتأكيد من الخيال وخلق عوالم خرافية كأفتار وإكس مين ومصاصين الدماء والمستذئبين وما شاء لهم خيالهم أن يخلقوه، ولكننا أيضاً بحاجة إلى الأدب الذي يوثق حياتنا، الذي يحكي عنا كبشر طبيعيين، كأناس عشنا وما زلنا نعيش على هذه الأرض ولم تنبت لنا أجنحة بعد، نعيش في عالم طبيعي لا هو ديستوبيا ولا هو يوتوبيا، به الصالح وبه الطالح.

    وليس معنى تمتع سالم بقوة سمع أكثر من الطبيعي أن هذا أمر غرائبي فانتازي؛ فالحقيقة أن كثير منا يولدون بمواهب زائدة عن الطبيعي، ولنا في زرقاء اليمامة خير مثال؛ فهي لم تكن شخصية خرافية أو غرائبية بل كانت بشرية طبيعية ولكن حباها الله بقوة نظر أزيد من الطبيعي، كما حبا أم كلثوم مثلاً بقوة صوت كانت تؤدي إلى انفجار الميكروفونات أمامها، فلم يكن معنى قوة سمع القافر أننا أمام رواية فانتازية غرائبية، بل هي رواية طبيعية ابنة بيئتها تؤرخ لموقعها.

    ومن الآراء التي أثارت أعصابي كان أحد الآراء التي تأخذ على رواية تغريبة القافر كونها تناولت موضوع الآبار الجوفية واستخراج المياه منها وحفر الأفلاج وما إلى ذلك، بأن هناك رواية ما في أسبانيا تناولت أيضاً موضوع الآبار الجوفية واستخراج المياه منها، حقا؟! هل أصبحت الآبار حكراً على دولة معينة؟ ثم هل إذا تناول كاتب ما في السودان مثلاً علاقة السودانيين بالنيل، أضحى من الممنوع على أي كاتب مصري أن يتحدث عن النيل لأن هناك كاتب سوداني كتب عنه؟! ما هذا الهراء؟! وهل علاقة الأسبان وحياتهم مع آبارهم الجوفية هي نفس حياة العمانيين؟!

    لأجل هذا أريد التوقف عن قراءة مراجعات الآخرين، فليذهبوا للجحيم جميعاً مع آرائهم، المهم أن العمل أعجبني أنا، ولأن نهايته كانت شبه مفتوحة؛ فلا زال يحدوني الأمل أنه سينجح يوماً ويعود إلى نصرة بعد طول غياب؛ لتهيل عليه عتابها الذي ادخرته طوال تلك الأيام القاسية، وتلقي بنفسها في حضنه؛ فيعود الضلع إلى أصله، وينام جفنيها بأمان بعد طول سهر وعذاب.

    رواية #تغريبة_القافر للكاتب #زهران_القاسمي

    #جولة_في_الكتب #روايات

    #سارة_الليثي

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    ✍🏻ريـــــڤــــــــيـــــــــــــو.

    -العمل. تغريبة القافر.

    -الكاتب. زهران القاسمي.

    -فئة العمل. رواية أدبية .

    -الغلاف. حسين المحروس

    -الطبعة. التاسعة.

    -دار نشر. صفصافة للنشر والتوزيع.

    -الصفحات. 228.

    -الجوائز. حصلت الرواية علي الجائزة العالمية للرواية العربية ( البوكر2023م).

    -اللغة.اللغة العربية الفصحي سرداً والحوار بالعامية العمانية.

    -أسلوب الكتاب. السرد.

    -المكان. قرية المسفاة.

    -الزمان. قبل معرفة أجهزة الكشف عن المياه في باطن الأرض.

    ____________________

    -الغلاف. يمثل صورة عليها بئر ماء في الصحراء، والذي هو شريك أساسي في العمل، حيث سيادة الصحراء والجفاف، فوجود الماء عنصر هام لوجود الحياة هناك واستمرار حيواتهم، وشمل الغلاف صورة أدوات تطريز والتي كانت تعمل به والدة بطل العمل، والذي تستمر زوجته بعدها في غزل الصوف، الغلاف يتناسب مع الرواية.

    -اسم العمل . مناسب للرواية ، فالقافر هو اسم البطل لذي يطلقه الجميع علي البطل في الرواية، حيث ترمز كلمة قافر في أصلها من القفر وهي الصحراء شديدة الجدب والتي ترمز لطبيعة المكان في الرواية،

    -البداية. تبدأ الرواية بحدث يجذب القارئ، وهو العثور علي غريقة، ورغبة الجميع في معرفة شخصها، ومحاولة استخراج الجثة من البئر، لم تتوقف الأحداث عند خروج الجثة الغارقة بل بتداخل العنصر الديني ما بين إخراج الطفل من داخلها ورأي رجل الدين الذي رفض ذلك، بدأ الكاتب طوال العمل السرد الكامل لسيرة الشخصيات.

    -الحبكة. كبر الطفل الذي استخرج من داخل أحشاء والدته وهي جثة هامدة، وصار مثلها، يتتبع ويسارق السمع لصوت المياه من طفولة، وعمل في حفر الفلج والبحث عن المياه، وتتبعها، فاتخذ ذلك عمله هو تتبع المياه باستراق السمع لباطن الأرض، وحفر الفلج، اشتهر وأصبح الجميع يسترشد به، لحفر الفلج والعثور علي المياه، وتستمر الأحداث.

    -النهاية. تتشابه النهاية مع البداية، بل تتطابق، رغم كون الكاتب تركها شبه مفتوحة، والتي لا أحبها. إلا انه لم يختلف في بداية العمل عن نهايته فوالدته كانت الغريقة لتتبعها صوت المياه، ثم يموت هو غرقاً باندفاع المياه، كما تتبعها طوال حياته في العمل علي البحث عنها وجني منها المال، أصبحت في النهاية هي سبب هلاكه غرقاً.

    -السرد والحوار. السرد باللغة العربية الفصحي، اللغة متميزة في اختيار التراكيب، والعبارات الموزونة، التعبيرات بالغة الدقة في التعبير عما يريد الكاتب قوله تماماً، الحوار كان صعب، لأنه بالعامية العمانية التي بها الكثير من الصعوبات في أدراك الكثير من إدراكها.

    __________________

    _الشخصيات.

    •القافر أو سالم بن عبد الله. بطل العمل، الذي حفر الأفلاج بمقابل مادي، للعثور علي المياه، فقد ورث ذلك عن والدته، فكان يستمع لصوت تدفق المياه في باطن الأرض، ويتتبع مكانها بالحفر، وخروج المياه، لم تختلف نهايته عن نهاية والدته فيموت غرقاً.

    •نصرا بنت رمضان. الفتاة الوحيدة في طفولته التي وافقت علي اللعب معه، بعد تجنب جميع الأطفال له ووصمه بابن الغريقة، وكبرت وتزوجت منه، فتاة جميلة وصادقة تنتظر غيابه بيقين من أنه سيعود ذات يوم، ورفضت محاولات أهلها في الزواج برجل غيره.

    •سلام ود عامور الوعري. هو من الشخصيات التي ظهور يستمر من بداية العمل لقرب نهايته، حيث هو من يخرج الغريقة من البئر، وهو من يساعد القافر في اتخاذ قرار حفر هذا الفلج واتخاذ كل سبل الأمان لزوجته أن حدث له شيء. كان له قصة طويلة بالعمل هو شرهة في الطعام وعينين محمرتين، ترتعد والدته منه وتكره وتحاول طرده من المنزل حتي يكون سبب في قتلها، ثم يكبر وهو يتجنب الجميع ويعيش اليتم، يعتمد علي ما تركه له والده بعيداً، ويحب جارته وصديقة الطفولة كاذية بنت غانم.

    •كاذية بنت غانم. جارت سلام ود الوعري، وكانت تحبه رغم كبرها عنه بخمس سنوات، لكنها لم تتزوج وتربي القافر، إلا أنها تحب سلام الوعري، كانت في يتمه تضع له الطعام داخل بيته وتغطيه، رفض الزواج منه للعادات والتقاليد وأحاديث الناس التي تتوقف، كانت هي من تولت تربية القافر، ومساعدته بكل السبل التي تملكها.

    •مريم بنت محمد ود غانم. والدة القافر، بطلة الفصل الأول من العمل، والتي لا ينقطع الحديث عنها بالإشارة طوال العمل، من خلال وصم القافر بابن الغريقة، ومن خلال عمله بنفس بالعثور علي المياه التي أذهبت عقل والدته وحياتها، تصاب بمرض غريب يبدأ بصداع لا يتوقف ثم يتحول الصداع لضجيج لا يتوقف في رأسها، ثم تشعر أن المياه تناديها كأغنية رقيقة، وتسقط في البئر غارقة.

    •عبد الله بن جميل. هو زوج مريم بنت غانم ، والد القافر، كان يعمل معه في حفر الأفلاج، ثم ينهار عليه أحد الأفلاج، ويموت وهو يسمع نفس صوت الأغنية الرقيقة التي سمعته زوجته.

    والكثير من الشخصيات الأخرى.

    _____________________

    _أقوي مشهد أو حدث في الرواية.

    •المشهد الأول.

    مشهد زوجة القافر ووفائها له، حيث بعد ان استمرت فترة غياب القافر، لفترة كبيرة حاول أهلها تزويجها واعتبروا القافر توفي، رفضت وظلت تماطل معهم، حتي اقترحت عليها أنها ستوافق علي الزواج بعد أن تنتهي من غزل أصوافها، وكانت تسمي كل خيط باسم الأفلاج التي حفرها القافر، وكانت تراجع كل ذكرياتها مع زوجها، وأحاديثه لها عن قصص وتجارب حفر هذه الأفلاج وتتبع المياه والعثور عليها، وكانت تفكر في كل خيط علي أنه يحمل طريق ربما يصل بها لزوجها وكأنها تبحث عنه وسط القفر والصحراء الجدباء. لافتة رائعة من الكاتب.

    •المشهد الثاني.

    مشهد بداية العمل والعثور علي الغريقة، واجتماع الجميع ، وخلاف الآراء بين الدين وأراء عامة الناس وغيرهم حول حال الطفل، هل الطفل يدفن مع والدته الغريقة ؟ أم يخرج ليري الحياة التي سيواجه فيها نفس المصير الذي واجهته والدته.

    _______________

    _الجوانب الإيجابية.

    ١.التراكيب اللغوية التي استطاع الكاتب من خلالها التعبير عن المعاني التي يقصدها تماماً.

    ٢.الحوار العامي لإكساب الرواية ثوب الواقعية.

    ٣.استخدام الكاتب الماء التي هي رمز الحياة لتحويله إلي رمز الموت ( كبداية الرواية وغرق والدة القافر، وغرق والده ، وموت القافر بالغرق) هنا تظهر قدرة الكاتب علي استخدام وتطويع الأشياء لخدمة عمله الروائي.

    ٤.استخدام الكثير من الرمزيات للربط بين القافر وأسرته والدته توفيت غرقاً بالمياه وهو والده. ثم استخدام الماء كمصدر لجذب الرزق بتتبع أثره والاستماع للأرض لمعرفة مكانه وحفر الأفلاج.

    امتداد صورة والدته في زوجته التي كانت تعمل في نسج الصوف والدته التي تعمل بالتطريز.

    ٥.عرض كامل لحياة القرية ، ونماذج مختلفة من العادات والتقاليد ، ومساوئ تلك العادات والتقاليد وتتبع أهالي القرية لسقطات ونواقص بعضهم البعض، اتباعهم أمور السحر والشعوذة في كل صغيرة وكبيرة كآسيا والدة الوعري، التشاؤم الذي كان يتبعونه تجاه بعضهم البعض، وصمة العار التي يلحقوها ببعضهم البعض كالتي لحقت بالقافر والوعري، الطبيعة الجافة الصلبة التي اكتسبها أهالي القرية من الصحراء، فكانوا يواجهون أغلب أمورهم بالقتل كوالد الوعري، هيمنة الكبار والأغنياء واعتبار أراء الأخرين دون أهمية بل ٦.ورفض الاستماع إليها.

    البعد عن الابتذال بكل صوره داخل الرواية.

    ٧.ارتباط بداية ونهاية العمل بالمياه حيث كانت سبب في القضاء والدته ثم والده وبالنهاية القافر.

    ٨.استخدام الأسماء الشخصيات مناسبة للطبيعة الجغرافية كالقافر، وباقي الأسماء مناسبة للفترة الزمنية هذه.

    -الجوانب السلبية.

    ١.النهاية المفتوحة التي ربما تحمل وجهين، التي لا افضلها علي الأطلاق، ربما احتمال أن ينجو أو ربما يغرق.

    ٢.اللغة العامية في الحوار التي أفاده العمل كثيراً حيث أكسبه عنصر الواقعية، لكني وجدت صعوبة في فهم الكثير من المعاني.

    ٣.النهاية الغير منتهية لبعض شخصيات العمل كآسيا وزوجها ، والوعري ، ونصرا.

    •الاقتباسات في الصور.

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    4

    #ريفيوهات

    "تغريبة القافر.....ملحمة الغرقى وأسماك الصد "

    مما أعجبني في الآراء المحللة لمسلسل التغريبة الفل.سطينية للكاتب د.وليد سيف أن المسلسل لم يرتكز على الأحداث الفاصلة ليبني على أساسها الشخصيات وانفعالاتها، بل جعل تلك الشخصيات ممتدة لها حياة تمر على تلك الأحداث وتتأثر بها على حسب موقعها وقوتها، ولكي يتناسب عنوان المسلسل-الذي يعبر عن حالة فل.سطيني الشتات- مع الواقع وزع الكاتب لكل شخصية معاناتها وغربتها الخاصة فكشف لنا صورة حية، نرى من خلالها الأوضاع الاجتماعية والجوانب النفسية وثقافات الناس إلى جانب الأحداث السياسية، بل تصل لأن تكامل تلك الأحداث وترمم نقصها

    -أما عن تلك الرواية فقد برعت بوصفها حال أهل عُمان من جوانب هامة، سواء في عرض الظروف الاجتماعية "في عرض مباهجهم الخاصة في عصور الرخاء وأحزانهم في أيام الجدب" أو عرض الثقافات والاعتقادات "من اعتقادهم بسطوة القوى الخفية- في مشاهد عدة منها غيبة سالم أو بناء الأفلاج أو حتى في غضبة بسيطة كغضب الشايب بو سليمان - إلى جلسات التسامر وشخصية الملسونة"، وأيضا برعت في اختيار المكان بابتعاده عن العاصمة وانغلاقه على نفسه "نراه جليا من خلال اندهاشة ابن مهدي حين ذكرت مسقط" فتخففت من عرضها للأحداث السياسية إلا من تلميحات نادرة "عن الوجود العماني في زنجبار في سرد قصة مريم " لتتخفف بدورها عن التقيد بزمن معين "ومنه كان زمن الرواية ملقى عليه بعض الرتوش"

    -ومنه صبغ الكاتب الرواية بلون الرواي العليم، فهو -وإن كان به بعض التخلخل في النصف الثاني من الرواية- إلا أنه كان الأنسب في نقل صورة شاملة، لتصبح شخصيات "الواعري وكاذية، وسالم وأبيه عبد الله، ونصرة، وآسيا، والمسافر" وما يدور بداخلهم من معاناة وغربة، فضلا عن علاقتهم بالآخرين، منفتحة قابلة للتشكل والإحالة لأزمان عدة "كمعاناة القافر مع أهل القرية، أو حديث عبد الله بن جميّل قبل موته (باه بلادك ما هي بلاد)"، وأيضا قابلة للتماس مع واقعنا، فنستطيع رؤية أنفسنا ومآسينا في تلك الرواية وإن اختلفت البيئة والثقافة.

    --عن النداهة وتصاريفها

    - في مشاهد عديدة من النصف الأول من الرواية- "كمشاهد الزائر الغريب لصبيحة "أم الواعري" ومريم بنت حمد، والطبلة المسحورة التي جذبت غانم "والد كاذية"، وسماع سالم لدفقات المياه في الأرض" - نرى تنقل تلك الشخصيات حول نقطة واحدة تبدأ منها رحلتهم التي تنزع عنهم كل صلة بالناس وواقعهم، نقطة تلوح -مهما كانت صورها- إليهم، عارفة ما يملأهم من أحزان وشكوك حبيسة تسعى فيها حكايات الناس "كمواساتهم لصبيحة، أو وصفاتهم لمريم، أو حكاياتهم عن عبد الله بن جميّل" ناهشة ذواتهم ببطء، فتزيد من مصيبتهم "كوقع صداع مريم بنت حمد"

    -ولذلك فهم يحتاجون لتصريف يلائم حالهم، من طموح أو أسف وأسى، ومنه أوغل الكاتب في وصف الماء الحبيس وهديره الخافت في أذن سالم، جاعلا من هؤلاء والماء وحدة واحدة، فتجد نفس عبد الله بن جميّل ونصرة كالبئر المظلمة والتي تكتفي بما فيها من ماء كما اكتفوا بما بداخلهم من بلايا، وتجد الشق الذي ينبع منه الماء ولو بدرجة قليلة كالواعري في مهابته وتوازنه رغم شدته، وتبصر اندفاع النبع وجريانه مخلفا أطلال الصخور في سير غانم والد كاذية هائما يطرق على طبلته، أو في الملسونة التي تدلق أحاديثها دون أن تتمهل، ونستشف من جريان الماء الهادئ دقات القلب العاشقة كما رأينا سالم وحبه لنصرة.

    --شرفات لنفس النظرة "محنة كمحنة الأنبياء"

    ❞ نعم، للماء أيضًا مفاتيحُه، هذا ما يعرفه القافر من خلال خبرته الّتي راكمها طوال سنين عمله في تتبّع المياه، فهنالك -على حدّ قوله- مياه كريمة قريبة من السّطح تسري في تربة حصويّة أو رمليّة تقول لك تعال خذني، وهناك مياه مخادعة، تسكن التّربة الرّخوة والطمي، تبدو من خلال الثّرى وفيرةً، وما إن تحفر الأرض وتشقّ المجاري لتتبّعها، حتّى تخسر وقتك وجهدك كلّه، وبعد ذلك تُدرك أنّك كنت تطارد قطرات شحيحة تنبجس من منبعها لتسكن ذلك الطمي لا غير. وقد يحاول البعض مطاردة منابعها لكنّه كلّما حفر هبطت إلى القاع بالمنسوب الضّئيل ذاته، فلا هو ينال ماءها ولا هي تتدفّق كما يتمنّى. ❝

    -يتجلى الفرق بينهم "الشخصيات" وبين العامة في أنهم قد تناوبت عليهم المصائب والتجارب التي هذبت تفكيرهم وأزالت عن عقولهم غشاوات فرأوا حقيقة الدنيا "كحديث سالم عن جدوى التقفير، وانتظار نصرة الدائم، وانزواء الواعري عن الناس"، ومنه يتصرفون وفق ما وجدوه برمي أنفسهم في أحضان التجارب للتنفيس عن عظم المصائب "كما فعل غانم مع الطبلة، أو كما لاذ ابن جميل بالصمت في مجالس القوم" أو بحكم العادة، ولأن الناس تعادي ما تجهل فيتناوبون -كما يتناوب السمك- بالنهش والسخرية على مصابهم "كسرد العجوز لقصة بيت القتعة" ويكثر بينهم الحديث وتشكيله وإضافة أحداث بوسع الصحراء تزيد من ذم هؤلاء المختلفين، رغم أنهم ذاقوا بعضا من هذه الحكمة وانصاعوا لها "في القحط الذي أصابهم" لكنهم سريعو النسيان كالأسماك شديدو الانجذاب لإفراغ الحديث كما تفرغ الوديان من الماء "لذا كانت حيلة سالم في اصطياده للأسماك لها مغزى قوي في الرواية"

    - ولا عجب أن تلك الصورة شديدة الشبه بمعاناة أنبياء الله مع أقوامهم، وتلامس تلك الشخصيات مع صفات الأنبياء في العزلة والتغريبة عن أقوامهم، وفي إصرارها على ما تعتقد وتؤمن، وكذا القوم فهم يتطابقون مع الأقوام الماضية في نبرة السخرية والتعالي وأيضا التذلل والإذعان المؤقت حين تنفد الحيل.

    --ثنائيات ممتدة "عن المسافات الواجبة للعشق"

    أَبلى الهَوى أَسَفاً يَومَ النَوى بَدَني

    وَفَرَّقَ الهَجرُ بَينَ الجَفنِ وَالوَسَنِ

    روحٌ تَرَدَّدُ في مِثلِ الخِلالِ إِذا

    أَطارَتِ الريحُ عَنهُ الثَوبَ لَم يَبِنِ

    كَفى بِجِسمي نُحولاً أَنَّني رَجُلٌ

    لَولا مُخاطَبَتي إِيّاكَ لَم تَرَني

    -أبو الطيب المتنبي

    ❞ هرش الطّفل رأسه، محاولًا فهم الفكرة، كيف يمكنها أن تهتمّ بشخصٍ وترفضه في الوقت ذاته؟ ❝

    -وللحب أيضا معياره الخاص لهذه الشخصيات، نرى من ثنائيات "الواعري وكاذية، ونصرة وسالم، وابن جميّل ومريم، وآسيا وابن مهدي وربيبها سالم" اكتمالا لمعنى الحب في الهجر لا في الوصل، في الابتعاد لا القرب" كرقة هدير الماء فوق الأرض التي خلبت سالم وشدتها التي أزعجته ونفرته في باطنها"، كأنهم يدركون أن ذلك سر دوامه وبقاءه في ذاكرة العامة قبل ذاكرتهم، كما بقيت قصص ليلى الأخيلية وتوبة ومجنون ليلى العامرية، فيغتربون عن الناس لأجل أن تبقى ذكراه "كما فعلت نصرة يمغزلها" وعن حبيبهم كذلك إلا بنظرة -كما يفعل الواعري - تروي ظمأهم وتصبرهم "لذا طويت قصة آسيا وزوجها بعد اللقاء، وكأن الكاتب -موافقا السير الشعبية- جعلها نهاية سعيدة خشي منها أن ينالها أي نقصان مرة أخرى لأن التكرار يضيع المعنى"

    الخلاصة: عمل جيد جدا، أعجبني في وصف الصحراء والأفلاج، وقص سير أهل عمان وعاداتهم من خلال لهجاتهم الواضحة والمفهومة -مبتعدة عن الحواشي- إلا أن السرد قد أصابه بعض التفكك في طرحه لبعض الأسئلة في بعض الفقرات "ترى ماذا يفعل؟" لكنه عاد لتماسكه في المشاهد الأخيرة

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
1 2 3 4 5 6 ... 37