كانت الأسئلة ترعبني، فقد كنت أصغر من أن أعرف الإجابة، لكني علمت أن أعظم ما يملكه الأطفال أسئلة الدهشة الأولى التي ليس لها إجابات حقيقية، كأنَّ الإجابات لا قيمة لها!
الحرب في الشرق
نبذة عن الرواية
"الشتاءُ في بورسعيد له مذاقٌ مختلفٌ عن شتاءات العالم، إذْ يتكاثفُ الضبابُ كل صباح ، وينطلقُ سريعا كفارسٍ قديمٍ مُتسلقا البيوتَ والقبابَ، يلتهمُ صورها القديمة ويمنحُها صورة جديدة، صورة ذاتَ ملامح غارقة في ضوءٍ بهيج، لا يُمكنُك أنْ تعرفَ أين البيوتُ إلا من الضوء المتسرب منها، ضوءٌ له معنى آخر للحياة، كما تتكاثر خيالات الآلهة القديمة التي عاشت على شطآن البحر المتوسط، فرعونية وإغريقية وفينيقية وبدائية، كلها تركضُ في مباراة حماسية تُثبتُ فيها ولاءها لهذه الشطآن والشوارع، بينما على الأرض تتجمعُ قطراتُ المطر، مُعلنة عن موسم جديد للشتاء."التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2022
- 160 صفحة
- [ردمك 13] 9789778462708
- دار بتانة للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية الحرب في الشرق
مشاركة من نهى عاصم
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
نهى عاصم
الحرب في الشرق
ل زين عبد الهادي
الغلاف لمبنى مهدم وعلى إحدى الجدران علقت صورة لجمال عبد الناصر، لم تقع ولم تتحرك من مكانها من جراء الانفجارات ولو شعرة، بأعلى المبنى نرى جندي يمسك سلاحه، ولا ندري هل هو مصري أم محتل، بأسفل المبنى أطلال يقف عليها طفل على كتفيه جناحي فراشة، امرأتان أمام دبابة، رجل يمسك هراوة..وهناك كلمات حاولت اقرأها خلف المبنى كما لو كانت تشير إلى مكان هام ولكنني لم استطع سوى قراءة كايرو وقلت لعل العمل يكشف لي هذا أو يساعدني الكاتب..
وبالغلاف من الخلف كلمات شاعرية في حب بورسعيد والشتاء فيها..
يبدأ الكاتب روايته بكلمات من بريخت عن الحرب، ثم مقدمة لبريخت عن الحرب .. ثم يسطر اهداءً لمدينة بورسعيد يهدي فيه الكتاب من أجل شهداء الحروب ويخصص شهداء مدينة بورسعيد والمدينة التي وكما يقول:
"احتضنت الجميع وعانت كثيرا مِنْ كُلِّ من أحبَّها ومِمنْ لم يحبها، أن يعود لها حقها وقيمتها التاريخية كمدينة مصرية ذات صبغةٍ عالمية من أجل الإنسانية كلها في يوم قريب"
ثم يضع كلمات أخرى تشعرنا أنها حبًا في بورسعيد ويضع اسمه بأسفلها..
نحن أمام عائلة يمثل لهم الفونوغراف عضوًا بالعائلة، استمعوا فيه إلى كل ألوان الغناء، العربي والأجنبي.. الأم هجرت الغناء لتتزوج بعامل في مصنع الغزل والنسيج واتفقت مع زوجها على انجاب نصف دزينة من الأطفال:
❞ سيعلمونهم القراءة والموسيقى والرسم والخيال والحكايات، وسيطلقونهم كالعصافير في عالم آخر لم يعرفه أحد من قبل!!. ❝
تسكن تلك العائلة ببورسعيد المدينة الجميلة المتمدنة، التي تستلم الأفلام والاسطوانات الموسيقية في نفس أسبوع صدورها في أمريكا وأوروبا..
بورسعيد التي يقول عنها الكاتب:
"بورسعيد تمثل مقبرة ومسجدا وكنيسة ومعبدا لكل أرواح السكان في الألم، إنها رمز للإنسانية ككل في مواجهة عذاباتها وبهجتها".
تبدأ روايتنا بطفل يستيقظ باحثًا عن أمه زينب ليجدها فوق السطوح تغني بصوتها الخلاب، حبيب الروح وفيينا وهي تنشر الغسيل..كانت العلاقة بينه وبينها كأبن أكبر كما لو كان حبله السري معها لم ينقطع أبدًا..
يحدث الكاتب القارىء متحديًا أياه أنه سيقرأ ما يكتبه وسيرى أمورًا جنونية أصلية كما تقول جدته.. فهو يراها في كل شيء وفي كل مكان حوله، ترى من هم ومن هو
❞ذلك الرجل العالق في منطقة ما بين الذكريات والأحلام❝..
يسرد لنا البطل حكاياته في بيت يسكن فيه عدة عائلات، ويحكي عن سيده؛ جده ورحلات الصيد صيفًا وشتاءً، وذهابه معه على عربة الخضار لبيعه، كما يحكي عن سته؛ جدته التي حمته وخوفته من الشياطين في آن واحد..والتي يصف لنا طقوسها مع إعداد القهوة فأتذكر جدتي الحبيبة وطقوسها هي الأخرى..
وحكايات أخرى: هذا العم الذي لا يموت والعمة أمينة، ورحلة صيد الطيور مع الخال نصر وغيرهم..
قام البطل برسم ذكرياته عن بورسعيد في عشرات من كراسات الرسم، رسم فيها عالمه هناك بعدة ألوان، ولون البحر بألوان كثيرة منها الأسود المرعب ولم لا وهو يستمع إلى أحاديث والديه عما يقوله ويفعله عبد الناصر..
كان طفلًا دائم التساؤل ولم لا وهو يقول:
❞ كانت الأسئلة ترعبني، فقد كنت أصغر من أن أعرف الإجابة، لكني علمت أن أعظم ما يملكه الأطفال أسئلة الدهشة الأولى التي ليس لها إجابات حقيقية، كأنَّ الإجابات لا قيمة لها! ❝
وفي القاهرة حيث ترحل الأسرة يشعر الطفل بكراهيتها، باحثًا عن البحر وذكرياته الجميلة في مدينته، فيهزأ به التلاميذ في المدرسة ويعاقب من المدرسين..
إذ وكما يقول:
❞ لا شيء جميل في مدن لم تعرف معنى الطفولة. ❝
امتلئت الرواية بومضات تاريخية كثيرة وضعت بصورة شيقة ومختصرة، فنجد الكاتب يحكي تاريخًا هامًا عن اعتقال والده الذي أحب وآمن بناصر:
❞ كان الحال كله عجيبا في العالم، كنا ندافع عن أبوية عبد الناصر وكانت فرنسا تهاجم أبوية ديجول الذي ساعد في إعادة بناء فرنسا وعودتها منتصرة في الحرب العالمية الثانية، كل هذا تقوله كتب التاريخ، مالم تقله كتب التاريخ أن عاملا في مصنع الغزل والنسيج كاد أن يموت في السجن لأنه آمن بما يقوله آباؤه. ❝
وهكذا يذهب بنا الكاتب إلى تاريخ وذكريات وحياة عاشها في مدينته الجميلة، وينهي روايته بذكرى بورسعيدية جميلة..
لغة الكاتب مرهفة شفافة أعجبتني كثيرًا فما أجمل مقارنة المواطن الذي عاش ببورسعيد بمن ذهب ليعيش في القاهرة وما أجمل كلماته عن بورسعيد إذ يقول:
"الصباحُ هناك يُعيدُ كتابة تاريخ الحياة، الشمسُ لا أثر لها في سمائنا الصغيرة، الأمطارُ خفيفة حانية ككفي أمي حين تأخذُ وجهي بين يديها الصغيرتين الدافئتين الجميلتين، نسماتٌ باردةٌ تتحركُ في هدوء بين الشوارع، وغيمٌ إلهيٌ لا يدعُ مكانا للرؤية، يخترقُ البيوت ويتراكم على النوافذ يحجبُ كلَّ شيء، لكنه لا يحجبُ - أبدا - الخيال.
شكرًا للكاتب على هذا العمل الرائع، مع تمنياتي له بمزيد من الإبداع..
-
Amany Ezz Eldeen
في البداية أود أن أذكر أننا أمام رواية تتجلى قوتها في أن الراوي هنا هو طفل صغير
لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك حدثا أشد إيلام علي النفس البشرية من الحرب وما تتركه من أثر مظلم داخلنا .
الحقيقة أني لا أجد من الكلمات ما يساعدني علي وصف ويلاتها ومدى تأثيرها الكارثي وما تخلفه وراءها من دمار.
يأخذنا الطفل الراوي إلى عالمة ليحدثنا عن واقع الحياة التي عاشها تحت وطأة الحرب وما تبعها من تدمير و تهجير وانتقاله من مدينته الجميلة بورسعيد الي القاهرة تلك المدينة ذات السماء الضيقة كما وصفها
ربما رأها كذلك بعين طفل لم يستطع أن يمارس فيها براءته كبقية أطفال مدينته ويستمتع باللعب بطائرتة الورقية فقام بتمزيقها وكان هذا اعتراض واضح منه برفضه التأقلم مع تلك الحياة الجديدة ...
هذا الطفل الذي بالكاد لامست اقدامه الارض منذ بضع سنوات...
هنا في رواية "الحرب في الشرق" ستجد الكثير من الأحداث التي يرويها لنا بدقة بدءا من وصفه للشتاء والسماء والبيوت وصولا الي تعلقه الشديد بامه التي يحكي لنا عن صوتها العذب وهي تغني أغاني ليلي مراد واسمهان وماتحدثه من تناغم بينهما...
اجدني اقف امام فيلم قديم ابيض واسود له خلفية موسيقية كلاسيكية تأخذني وتظل تلازمني طيلة احداث الرواية
طفل يحمل في داخله الكثير من المشاعر مع القليل من الاماكن والكثير الكثير من التفاصيل التي جعلتني أقرأ وكأنني اري وكأنني اسمع اقرأ وكأنني انتقلت بروحي عبر الزمن لمكان اخر حيث يحكي لي هذا الطفل عن عالمة وعائلته.
وبلدته الجميلة كل شيء هاديء الي ان تعصف الحرب...
منذ البداية وحتي الختام اجد هذا الطفل فى حالة بحث دائم ينبش بين ذكريات بدت غير واضحة وكأنها تختفي خلف ضباب ثقيل يحاول ان ينتزع منها ما قد يساعده ويدله علي طريق يعيده الي ذلك الوطن المسلوب والمتمثل في مدينته بورسعيد حتي يجد الامان الذي سلب منه...
يتحدث عن بيت جده كان بيت واحد يجمع عائلة كبيرة، فيتشارك الأجداد والآباء والعمات والأبناء حياة واحدة، وسقفاً واحداَ وطعاماً واحداً .يجلسون جميعا حول طبلية ترفض ارتداء الاقنعة فتنكر طلائها وتعود للونها الكالح.
يحكي عن الصور الكثيرة الباهته المعلقة داخل البرواز...
كذاكرته المثقلة المحملة بالكثير من الاحداث التي لا أعرف هل يرويها لنا ليتحرر منها ام انه يرويها ليثبت غرسها في وجدانه...
ارهقني هذا الطفل الذي يحمل في ذاكرته اشياء لا ادري كيف أنه ما زال محتفظا بها يصف كل شيء بدقة متناهية دون ان يغفل التفاصيل ..
اري ذلك واضحا حين قام بوصف عمته امينة انها مثل الثعبان لم يخطر ببالي ابدا انه يقصد انها بلا رموش بسبب تكرار اصابتها بالرمد ..
هذا الطفل استطاع ان يتأرجح بي ما بين الخيال والحقيقة
ينقلني الي عالم الخيال وحكايات الجدة عن العفاريت والجنيات والعمالقة و الاسكيلوب ذوي العيون الواحدة، وأيضاً في اعتقاده بملازمة اثنين له، لا تدركهما سوى عينيه وحده..
ثم يعود بي الي زمن الحرب كان دقيقا جدا في وصفه ملامح الحرب من ينسي النوافذ ذات الطلاء الازرق والاصوات المدوية والشوارع الخالية من المارة ..
حتي لحظات السعادة القليلة التي مر بها لم يغفل عن ذكرها لكن هل حقا كانت سعيدة بالنسبة له ام انه كان يجترها بأسي وحزن ايضا...
كيوم نجاحة وما ذكرة عن السترة التي صنعتها له جدته شيء ما في وجداني جعلني اتوحد مع هذاا الطفل واتبعة الي حيث يريد.
بكيت لأجل هذا الطفل الذي كره السماء الضيقة سماء القاهرة التي لاتتسع له لطائرته الورقية ...
بئس الحروب وماتخلفه لنا من دمار مادي ومعنوي.
حتي ان داوت السنين الاثر المادي من يداوي ماخلفته من جراح علي الروح لا تصل اليها يد حتي نعرف عل اندملت ام انها ما زالت غائرة...
حين انتهيت من قراءة الرواية ادركت حقيقة ان من يستطيع وصف الحرب ليس الموؤرخون ولا العجائز كما كنت اظن ولكنهم الاطفال هم الأقدر علي وصف ويلات الحرب بعيونهم الصغيرة ومشاعرهم البريئة لانه وللاسف ان الحروب تخلق منهم عجائز من نوع اخر عجائز لم تتجاوز اعمارهم العاشرة ولكنهم محملون بذكريات اضعاف اعمارهم مرات ومرات...
الحرب في الشرق رواية ذات طابع انساني تمس وجدان كل من عاش بزمن الحرب وعاني منها وحفرت في ذاكرته.
-
Zain Abd ElHady
تعلمت من العالم، أنّ مَن يتذكر هم العجائز! لقد كنت صغيرًا، صغيرًا جدًا لأتذكر! هكذا فعلتْ بنا الحرب.
أجيال كاملة، ومدن خرج منها أطفال بعقول عجائز؛ كانوا صغارًا جدًا على أن يتذكروا. يجلس أبي خلف السائق، وأجلس أنا في صندوق الموتوسيكل، ما زال إصبعي السبابة يقف في وجه العالم غير المنظور ويقول أنا أحب! في عمر الحادية عشرة لا يمكنك تحديد كنه هذا الحب. لكني كنت أعرف، وبعناد صلد، أعلنت لزملائي في الفصل أني أكرههم وأكره القاهرة، وتلك المباني الحمقاء وأكره ألوانهم وطعامهم وكل شيء فيهم، أکرہ لہجتهم، وأكره رائحتهم. هكذا كنت معزولاً؛ أخبروا المدرس الأول والثاني والثالث والرابع والأخير لأنال كل حصة ضربتين على يدي، أو صفعة على وجهي ونعوتًا بأني مغفل وأحمق ومجنون.