اقتباسات من رواية طواسين الغزالي

بِنَفَائِسِ الأَمْوَالِ وَالأَرْبَاحِ

‫ وَظَنَنْتُ جَهْلاً أَنَّ حُبَّكَ هَيِّنٌ

‫ تَفْنَى عَلَيْهِ كَرَائِمُ الأَرْوَاحِ

‫ حَتَّى رَأَيْتُكَ تَجْتَبِي وَتَخُصُّ مَنْ

‫ تَخْتَارُهُ بِلَطَائِفِ الأَمْنَاحِ

‫ فَعَلِمْتُ أَنَّكَ لاَ تُنَالُ بِحِيلَةٍ

‫ فَلَوَيْتُ رَأْسِيَ تحتَ طَيِّ جَنَاحِي

‫ وَجَعَلْتُ في عُشِّ الغَرَامِ إِقَامَتِي

‫ فِيهِ غُدُوِّيَ دَائِمًا وَرَوَاحِي

نَفْسُ وَمَا لَكِ مِنْ فَرَجٍ

‫ إِلاَّ مَوْلاَكِ لَهُ فَعُجِ

‫ وَبِهِ فَلُذِي وَبِهِ فُوزِي

‫ وَلِبَابِ مَكَارِمِهِ فَلِجِي

‫ كَيْ تَنْصَلِحِي كَيْ تَنْشَرِحِي

‫ كَيْ تَنْبَسِطِي كَيْ تَبْتَهِجِي

‫ وَيَطِيبُ مُقَامُكِ مَعْ نَفَرٍ

‫ أَضْحَوْا فِي الحِنْدِسِ كَالشرَجِ

تركتُ هَوَى لَيْلَى وَسُعْدَى بمَعْزِلٍ

‫ وَعُدْتُ إِلى تَصْحِيحِ أَوَّلِ مَنْزِلِ

‫ ونادتْ بيَ الأَشْواقُ مَهْلاً فَهٰذِهِ

‫ مَنَازِلُ مَنْ تَهْوَى، رُوَيْدَكَ فَانْزِلِ

‫ غَزَلْتُ لَهُمْ غَزْلاً رَقِيقًا فَلَمْ أَجِدْ

‫ لِغَزْلِيَ نَسَّاجًا فَكَسَّرْتُ مِغْزَلِي

وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ

‫ وَلاَ حُزْنٌ يَدُومُ وَلاَ سُرُورٌ

‫ وَلاَ بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلاَ رَخَاءُ

‫ إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ

‫ فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدنْيَا سَوَاءُ

‫ وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا

‫ فَلاَ أَرْضٌ تَقِيهِ وَلاَ سَمَاءُ

‫ وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ وَلكِنْ

‫ إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ

‫ دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ

‫ فَمَا يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلْ مَا تَشَاءُ

‫ وَطِبْ نَفْسًا إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ

‫ وَلاَ تَـجْزَعْ لِحَـادِثَةِ اللَّيَالِـي

‫ فَمَا لِحَـوَادِثِ الدُّنْيَـا بَقَـاءُ

‫ وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْدًا

‫ وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ

‫ وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا

‫ وَسَرَّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ

‫ تَسَتَّرْ بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ

‫ يُغَطِّيهِ كَمَا قِيلَ السَّخَاءُ

‫ وَلاَ تُرِ لِلْأَعَادِي قَطُّ ذُلاًّ

‫ فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَا بَلاَءُ

‫ وَلاَ تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ

‫ فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ

‫ وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التأَنِّي

وَالوَيْلُ لَهَا إِنْ لَمْ تَهِجِ

‫ يَا مَنْ عَوَّدْتَ اللُّطْفَ أَعِدْ

‫ عَادَاتِكَ بِاللطْفِ البَهِجِ

‫ وَاغْلِقْ ذَا الضيقَ وَشِدَّتَهُ

‫ وَافْتَحْ مَا سُدَّ مِنَ الفُرَجِ

‫ عُجْنَا لِجَنَابِكَ نَقْصِدُهُ

‫ وَالأَنْفُسُ فِي أَوْجِ الوَهَجِ

‫ وَإِلَى أَفْضَالِكَ يَا أَمَلِي

‫ يَا ضَيْعَتَنَا إِنْ لَمْ نَعُجِ

‫ مَنْ لِلْمَلْهُوفِ سِوَاكَ يُغِثْ؟

‫ أَوْ لِلْمُضْطَرِّ سِوَاكَ نَجِي؟

‫ وانفتح لي نور من السماء وخرجتُ عن جاهي ووجاهتي وزَهِدْتُ في كلّ شيء.

«ثم لمّا أَحسستُ بعجزي، وَسَقَطَ بالكلِّيّة اختياري، الْتَجَأْتُ إلى الله تعالى التجاءَ المُضْطَرِّ الذي لا حيلةَ له، فأجابني الذي يُجيبُ المضطرَّ إذا دَعاهُ، وسهَّلَ على قلبي الإعراضَ عن الجاهِ والمال والأَهْلِ والولد والأصحاب»، ثم جرى لساني بالمنفرجة:

‫ الشِّدَّةُ أَوْدَتْ بِالمُهَجِ

‫ يَا رَبِّ فَعَجِّلْ بِالفَرَجِ

‫ والأَنْفُسُ أَضْحَتْ فِي حَرَجٍ

‫ وَبِيَدِكَ تَفْرِيجُ الحَرَجِ

‫ هَاجَتْ لِدُعَاكَ خَوَاطِرُنَا

و«لاحظتُ أحوالي، فإذا أنا مُنغَمِسٌ في العَلائِق، ولاحظتُ أعمالي وأحسنُها التدريسُ والتعليم، فإذا أنا فيها مُقبِلٌ على علومٍ غيرِ مُهِمَّةٍ ولا نافعةٍ في طريق الآخرة.

‫ أَخَذْتَ بأعضادِهِمْ إِذْ وَنَوْا

‫ وخلَّفَكَ الجَهْدُ إذ أَسْرَعُوا

‫ وأَصبَحْتَ تَهْدِي ولا تَهْتَدِي

‫ وتُسْمِعُ وعظًا ولا تَسْمَعُ

‫ فيا حَجَرَ الشَّحْذِ حَتى متى

فأنت طاسين إذن؟

‫ قلت: أرجو الله أن أكون كذلك. وهو مَقامُ الكَليم الذي ينقص بدرجة واحدة عن ياسين. ولطاسين علاقة بحوّاء، فله عدَدها نفسه بالصغير.

وَبِمَا قَدْ أَوْضَحَ مِنْ نَهَجِ

‫ وَبِسِرِّ الأَحْرُفِ إِذْ وَرَدَتْ

‫ بِضِيَاءِ النورِ المُنْبَلِجِ

‫ وَبِسِرٍّ أُودِعَ فِي بَطَدٍ

‫ وَبِمَا فِي وَاحٍ مَعْ زَهَجِ

‫ وَبِسِرِّ البَاءِ وَنُقْطَتِهَا

‫ مِنْ بِسْمِ الله لِذِي النهَجِ

فَبِكُلِّ نَبِيٍّ نَسْأَلُ يَا

‫ رَبَّ الأَرْبَابِ، وَكُلِّ نَجِي

‫ وَبِفَضْلِ الذِّكْرِ وَحِكْمَتِهِ

واستمرَّ الوضع على ما كان عليه، مع بعض الجَزْرِ والمَدِّ طيلة القرن الثالث، فانفصلت بعض الأقاليم والمناطق عن الخلافة العبّاسيّة، فقد ظهرت الدولة الطولونيّة في مصر، والصفَّاريّة في سجستان، والطاهريّة في فارس، والسَّامانيّة في بلاد ما وراء النهر، والأغالبة والأدارسة في بلاد المغرب، والدولة الأمويّة في الأندلس. و

ثم فهمتُ لماذا لقَّبوه بالكيا، علمًا أنّ الكيا بلغة العجم تعني الكبير القدر، المقدّم بين الناس، لكنّ دلالتها في اللسان العجمي تداخلت مع دلالتها باللسان العربي. ولا يكون العلاج والكَيُّ إلاّ بالنار بعد استخلاص زيوت الحشائش، التي يظهر أنّ الرجل كان عليمًا بخواصّها وكيفيّة تراكيبها، والبلاد التي اختار إقامة قلاعه عليها زاخرة بأنواع الحشائش الطبِّيّة. لقد كنت أيضًا ضمن هؤلاء، لكنّي تعجَّبتُ من المهمّة التي أُوكِلَتْ إليّ.

أنّ فيك قوّةً فقهيّة ستلابسُك وستمنعُ عنك لوامعَ الحقيقة الأزليّة، فلا تَركنْ لتلك القوّة، بل انفخْ فيها من نور الحقيقة، حتى تُنهتكَ لك الأسرار وتُرفعَ عنك الحجب والأستار. ثم أَخذتِ الشيخَ شبهُ غيبوبة، وعلا وجهَه نورٌ وهَّاجٌ، لم أُطِقِ النظر إليه فخَفَضْتُ طَرْفي عن مُعاينة هذا اللألاء. ثم عاد إليَّ باسمًا مستبشرًا قائلاً: إنّك ابنُ الخامس بلا شكّ يا ولدي، أحيا الله بك زماننا، وجعلَك كليمَ سيناء، وطاسينَ نِداء.

أن تكون طاووس الفقراء. فطاووس الوجهاء يرفعُ ذيلَه فتنكشفُ للناس عورتُه، وطاووسُ الفقراء ساكنٌ بين إخوانه لا يتكبَّر ولا يترفَّع، ولا يَرفعُ ذيلهُ على إخوانه، منحجبٌ بعلمه عن الغير، فإن نطقَ نَطق بالله وإن صَمَتَ صَمت بالله، وإن سمعَ سمِع بالله، فلا تكون منه ذرَّة إلالله، عبدٌ خالصٌ في عبوديّته، قِنٌّ من الأَقْنان في مملكة العبيد، لكنّه مَلِك الملوك عند الملِك الديَّان.

فلم أدر الفرقَ بين التوسُّم والتفرُّس فسألته عن ذلك، فقال: قال شيخنا أبو القاسم القشيري: المتوسِّم هو الذي يَعْرِفُ بالوَسْم ما في القلوب بالعلامات والاستدلال. أمّا المتفرِّسُ، فإنّه ينظرُ بِنُورِ الله، يَقذِفُه في قلبه فَيَهْجُمُ الخاطرُ عليه ويَفترِسُ غيرَه من الخواطر. وقد كان لشيخنا باع في الفراسة والفروسيّة واستعمال السلاح والفُتوَّة.

أنَّ مَنْ يَنسلخُ عن شهواتِ نفسِه وهواها وهمِّها، لا يبقى فيه مُتَّسَعٌ لغير الله، ولا يكونُ له هِمَّة سوى الله سبحانه وتعالى، وإذا لم يحلَّ في القلب إلاّ جلالُ الله وجمالُه صار مُستغرِقًا به يصير كأنّه هو، لا أنّه هو تحقيقًا. وفرقٌ بين قولِنا «كأنّه هو» وبين قولنا «هُوَ هُو».

إنّ معاني الأسماء هي صفاتُ الله تعالى، وصفاتُه لا تصيرُ صفةً لغيره، ولكنْ معناه أن يَحصلَ له ما يناسبُ تلك الأوصافَ، كما يُقال: فلان حَصَلَ له علمُ أستاذِه، وعِلْمُ الأستاذ لا يَحْصلُ للتلميذ، بل يَحْصلُ له مِثْلُ عِلْمِهِ. فقلتُ له مرَّةً أخرى: وما معنى قولِ أبي يزيد البسطامي رضي الله عنه: اِنْسَلَخْتُ مِنْ نفسي كما تنسلخُ الحيَّةُ من جلدها.

سبع، أوّلها، مرتبة الحجّة وعدد أفرادها سبعة، والمرتبة الثانية خاصّة بكبار الدعاة، ولا يجاوز عددهم ثلاثة، والمرتبة الثالثة خاصّة بالدعاة، ثم مرتبة الرفاق ومهمّتهم الإعداد، ومرتبة الفداويّة، الذين كانوا يُضَحُّون بأنفسهم في سبيل الدعوة فداء للحجّة، ومرتبة اللاصقين أو المنتسبين، ثم أخيرًا المرتبة السابعة للمستجيبين، وهم عامّة