اقتباسات من كتاب جواد يبلغ منتهى وجهته

“تسعة أعشار حُسن الخلق في التغافل»، في أن تدع مُحبًا يمر بحكايته، في أن تُقابل لحظة العرض البسيطة للحكاية بقبول مُتفرج مُتحمس لا ناقد مُتفحص

" يعني التغافل، قُدرتك على إخراس القاضي بداخلك، أو وسواس الكمال الذي يدفعك دومًا لتصحيح الأمور، اللهجات، الأفعال، لفظة “لكن” الفجة التي تحطم كل ما شيده مُحادثك في سرده مُتحمسًا "

‏❞ خلق المرء هذا السلام بين خشونة مسعاه ورقة قلبه هي كل ما يحتاجه للسير في الدنيا، دون أن يكون للعالم سُلطانًا على دواخله. لا تتسلل الرقة لمسعاك فتسكن، ولا تتسلل الخشونة لقلبك فتهلك، توازن مُرهف تُزهر به الروح ❝

❞ ستظلّ طباعنا موسويّة، لهفتنا وهلعنا تسبق صبرنا على ظلم اللحظة الراهنة ولا معقوليتها، سنغضب ونحطم ألواح الحكمة ونفرغ غضبنا على من نحب كما شد موسى أخيه هارون من لحيته، سنتوسل الله أن يحضر عيانًا، ليطمئننا، سنحيا وسط أقوام مُثقلين بالخوف، نستغفر لهم، نتيه معهم، قد نصل لأحلامنا، وقد نموت على مرمى حجر منها، عسى أن تجبر سعة أرواحنا، كل نقص في بشريتنا، وعسى أن يغلب السكون القلق، والطمأنينة اللهفة، واليقين الهلع، عسى أن نتوسل قول موسى كلما حاوطنا السوء: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. ❝

❞ هذا ما يعنيه الأدب بالأساس، أن تتذوق عبارة لم تكن لتظن أبدًا بقدرة امرئ على صياغتها أو تطويع مُفردات اللفظ لتحملها، ❝

لا يوجد واجب للوقت أدعى من حفظ الروح والنفس من الدنس، من خطر أن نسير حُفاة بدواخلنا في عالم قاسٍ كذلك، فيكسوها بما نكره.

كل امرئ له عودة أخرى للعالم، بعد موته، نعت خفي، طبع مُتوارٍ، يُنسج ببطء، مُعد لأجلك، باسط ظله على كل دراما أناك، مُستدعيًا إياك مرة أخرى في نفوس أحبتك، وتلك حياة أخرى.

وربما الحكاية تحيا بكل محاولات استعادتها، لا بموت شخوصها.

كمقاتل الصفوف الأمامية، أودع الآخرين خلفه ذكراه مُطمئنًا، ليفتتح معنى الفقد والخسارة في قاموسهم دون أن يختبره فيهم أبدًا، ينال الرّحمات ويترك لهم نصيب الألم كاملًا، الموتى ناجون دومًا، الهالكون فقط هم من يعايشوا مرارة اليوم التالي.

مَاذَا لَوْ كَانَ المرء مَخلوقًا مِن حنينٍ؟

“فيكتور فرانكل» أحد آباء علم النفس، بنى مدرسته على العلاج بالمعنى، كان ناجيًا من الهولوكوست، كان وجوده إمكانيةً استغلها كاملة، ووصلت فكرته لكل العالم، لم ينس في سيرته أنْ يعود بالامتنان لعجوز مجهول كان يطوف في الأوشفيتز، يتقاسم كسرة الخبز

الشم أدب كوني لتمهيد الحضور، الرائحة تسبق ما تدُل عليه، رسول الشيء لتُقبل أو تستوحش وتُشيح، تمهيد لولاه لكان الحضور لكل ساحة فج مُقتحم.

أميل إلى السهولة وكل خصالها، اللين، الرفق، الرحمة، التغافُل… أُدرك الظُلمة في قلبي وأروضها، يُخبرنا “كارل يونج” أنَّ إدراك ظلامك الخاص هو وسيلتك لتغفر للآخرين الشر والظُلمة فيهم، إيماني يزيد وينقص كمد وجزر ليلة قمرية، الشك وقودي لفعل الخير، يحضر الله لعالمي بقدر التماسه.

❞ نصيب المرء من دينه، أن يجد طريقه للسكينة ولو في قلب المهالك، وأن يكون سلام قلبه، رهين روحه، وليس العالم. ❝

أنا أتمنّى متى غلبني شر نفسي، أنْ ينفذ فرد واحد لما وراء الشر، ويبحث عن مساحة لُطف تردني لنفسي.

بعد كل حال مُدوّخ يتلبس القلب، وبعد تيه النفس عن غايتها، وجفاف الروح عن سكينتها، أطرق الباب بتواضع، وأحمل روح عَطبة، وأُشْفَى كلّ مرةٍ بقدر التماس الله بصدق، عبد وحيد يطرق بيد مُرتعشة أبوابَ السماء، ولا يرتدّ مخزيًا أبدًا.

فأنت تسير إلى الأمام، لكن بقلبك تتوق إلى السير إلى الخلف؛ إلى لحظة أمان طفولي مُطمئن.

الحب وصال الروح خارج وعاءها، شرايين حياة تمتد وتصب في مواجيد أخرى، فيُستعاد المرء كل مرة، وإن ضل.

لذا كثير من الحُب ليس كما يروي، شتات وفناء، إنما حفظ المرء حقيقته في مواضع أخرى

ربما كُل امرئ يصمد بقدر الحُب الذي قُدم له، كل حُب قُدم لك يسري في نسيجك ويمنحك شعورا دافئًا أنَّك على كل ما أنت عليه مُستحق للسعادة