هذه زوجتي ؛ الرجل الذي حسب زوجته قبعة

أعجبني هذا الكتاب فعلاً وعلى غير العادة أجدني أستمتع بكل حكاية بل تثير لدي العديد من التساؤلات والرغبة في المعرفة. ان علم نفس الأعصاب يبدو لي موضوع مثير حقاً لأنه لم يتناول الحالات المرضية من ناحية علمية عصبية فحسب بل تناولها من ناحية سيكولوجية وعاطفية أضافت بعداً انسانياً نجح الدكتور أوليفر ساكس بالتعبير عنه بأسلوب سلس وغير متكلف لأنك تستطيع أن تشعر بمشاعره تجاه مرضاه تنساب بطريقة جميلة بين السطور.

كان يمكن أن أمنحه العلامة الكاملة لولا الترجمة السيئة للكتاب. بالعادة أتغاضى عن سوء الترجمة بل لا ألقي لها بالاً الا أنه هذه المرة أغضبتني جداً لدرجة أنني كنت أرى الأخطاء على طول قراءة الكتاب. ترجمات لم تكن في محلها تراكيب الجمل غير موفق وفي بعض الأحيان محاولة لترجمة بعض العبارات الطبية التي لم تكن لها أي صلة بالمفهوم المرضي أو العلمي!!

وجدتني في حكاية الرجل الذي حسب زوجته قبعة أنجرف بالتفكير وراء مثل هذه الحالات وأتساءل وأكتب وربما أضيف على هذه المراجعة مستقبلاً باذن الله ما أثارت بي باقي القصص من تساؤلات قد لا ترتبط بالمفهوم العلمي للمرض بل بالدلالات الرمزية لمثل هذه الحالات في واقع الحياة.

****

في قصته التي أخذ منها عنوان الكتاب يعاني الرجل الذي حسب زوجته قبعة واسمه الدكتور بي من حالة اختلال قي جزء دماغه الأيسر لينتهي به المطاف بحالة فقد او انفصال بصري عن الواقع بحيث يعجز عن رؤية المشهد ككل فلا يستطيع تمييز وجوه الناس ولا الأماكن ولكن لديه قدرة عجيبة على تجريد الأشياء الى أشكالها الأولية كالخطوط والمجسمات الأفلاطونية ليتخذها أساساً في تعرفه على الأشخاص بناءاً على ملامح أو تراكيب معينة وبنفس الوقت وهو أستاذ موسيقى ساعدته حاستي السمع والشم على اكمال حياته بشكل طبيعي دون ان يدرك أن هنالك خطب ما يحصل معه وهنا اعترف ساكس أن علم النفس العصبي قد وقف عاجزاً على ايجاد تفسير لهذه الظاهرة في حينها.

قد يصدف أن تمر بمثل هذه الحالة عند شعورك بالارهاق الشديد وانقطاع النوم لعدة ايام بحيث يحدث بطء في الاستجابة عند الرؤية فيحدث تأخير في الادراك فلا نستطيع تمييز ما ننظر اليه الا بعد مرور عدة ثواني من رؤية الشيء وقد تصيبك حالة من الهلع عند ادراك ما حصل الا أن المثير في هذا الفعل هو التعامل الاولي أو التجريدي مع الأشخاص... تخيل أن يتم النظر اليك ليس ككل (كائن بشري لديك روح وأحاسيس) لكن كشيء لديه ميزات كالرأس الكبير، فم صغير، أنف.... الخ... ان يتم تحطيمك وتجريدك الى عناصر أولية مجموعها كأشياء يعطي صورة أو هوية عنك حتى لو تم ربطها بعلاقات منطقية كما يفعل الكمبيوتر هل تعبر بالضرورة عن حقيقتك كإنسان!! هل يمكن النظر الى هكذا مجموع بمجرد عملية تصنيف كما نفعل عادة (هذا كذاب، غشاش، مخادع، مؤمن، تقي، ... الخ) دون اصدار عملية حكم متواصل لديناميكية الانسان المتغيرة فأنا اليوم لست نفس الشخص البارحة ولن أكون أنا نفسي غداً فالتغيير ولو كان غير ملموس فيزيائياً عملية مستمرة حتى على مستوى اللاوعي لدينا.

على العموم صديقنا الدكتور بي عندما أراد أن يرتدي قبعته أمسك برأس زوجته وحاول أن يرفعها ليرتديها فالاثنان كأشياء عبارة عن شيء واحد نموذج دائري الملامح! لا عجب أني أكره فنك التكعيبي يا بيكاسو!

وعندما همَّ السيد "بي" بالمغادرة ، ودَّع الطبيب و مدَّ يده ليتناول قبعته وأمسك بدلاً منها برأس زوجته ........ ومن هنا جاءت تسمية الكتاب (الرجل الذي حسب زوجته قبعة) ، ولمعرفة السبب والتفاصيل أدعوكم لقراءة الكتاب

الكتاب يتناول مجموعة من الاضطرابات العصبية الغريبة و النادرة، مشروحة بطريقة مبسطة سهلت الفهم ... ولأنني أملك خلفية/اهتمامات طبية لم أجد الكتاب معقداً وكان أشبه بالمراجعة، وأعتقد أن الكتاب في متناول الجميع بكافة المستويات

الكتاب مُقسَّم لأربعة أقسام، كل قسم يتناول مجموعة من الحالات المرضية مشروحة بطريقة قصصية ولكنها تشترك في صفة أساسية اختارها المؤلف كعنوان للقسم

القسم الأول: عن "الفقد" ... يتكلم عن الاضطرابات الذي تؤدي إلى فقد وظيفة معينة في الجسم

القسم الثاني: عن "الفرط" ... يتكلم عن الاضطرابات التي تؤدي إلى فرط "زيادة" إحدى وظائف الجسم

القسم الثالث: عن "قدرة التخيُّل والذاكرة" ... الاضطرابات التي أدت إلى مضاعفة قدرة التخيل والذاكرة للمرضى (استمتعت بهذا الفصل كثيراً)

القسم الرابع: "عالم السُّذَّج" ... حالات لأشخاص مختلين ولكنهم عباقرة (آلمني هذا الفصل كثيراً) ... أحسست بحزن المؤلف لشعوره بالتقصير ووقوفه عاجزاً أمام هؤلاء المرضى الذين عجز العلم عن تقديم يد المساعدة لهم "فصل إنساني جداً"

خلال عرضه للحالات لفت انتباهي "القسم الثاني من الكتاب" تشبث بعض المرض بمرضهم ورفضهم بأن يكونوا طبيعيين، لأن ما هم عليه من تميُّز كان بسبب هذه الأمراض "نحن في مياه غريبة هنا، قد تُعكَس فيها كل الاعتبارات المعتادة، حيث المرض قد يكون عافية، والسويَّة مرضاً، وحيث الإثارة قد تكون عبودية أو تحريراً"

شعرت بالذنب عند قراءتي للكتاب، وكأنني أحتاج لمن يُذكرني بإعجاز خَلْقِنَا ودقة تصميمنا وتوازننا، وكيف أن اختلال بسيط في مكان ما قد ينتج عنه حالة مرضية تُعجز العلماء بطبيعتها وصعوبة علاجها (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) ... سبحان الله ... فعلاً صدق الله عندما قال (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)

الترجمة "معقولة" وكان من الممكن أن تكون أفضل ... هذه النوعية من الكتب من المفروض أن تراجع من قبل أشخاص لهم خلفية طبية لإعطاء ترجمة المصطلحات الطبية حقَّها

عاطفة جياشة تجتاحك بعد أن تقرأ هذا الكتاب

الكتاب عبارة عن حالات من الأمراض العصابية النادرة والغريبة عاينها الدكتور أوليفر ساكس في عيادته .. الرجل الذي حسب زوجته قبعة هي الحالة الأولى في الكتاب والذي سمي الكتاب على اسمها .. وهي حالة حدثت في عيادة الدكتور حيث كان الرجل يهم بمغادرة العيادة فأمسك بوجه زوجته ظانا أنه قبعته !!

هذه إحدى الحالات الغريبة والكتاب يحوي العديد منها .. ما يلفت النظر أن مغلب العصابين كانت لهم مواهب فريدة في الرسم والموسيقى والتمثيل والغناء والعد وغيرها .. ربما هذا يفسر العبارة التي تقول " أن الفنان إنسان مريض عُصابيا " بوجهها الحرفي والمدهش في آن

قسم الكتاب إلى أربع أقسام بناء على المجموعة المرضية لكل حالة .. تحدث القسم الأول عن الفقد والقسم الثاني عن الفرط والثالث عن الحالات النقلية والرابع عن السذّج

مما يثير الدهشة أكثر أن جميع هذه الحالات أصابها خلل بسيط في إحدى الخلايا العصابية التي لا نكاد نعرف اسمها .. كم يدل هذا على دقة الخلق ... ربما يكون هذا الكتاب من أعظم الكتب التي تضع الإنسان في دهشة من إحكام الخلق ودقته ولا يسعه إلا أن يهتف للخالق العظيم أن سبحانك !!

من أجمل الكتب التي قرأتها في هذا المجال وأكثرها تشويقا وغرابة

وحدها قدرة الخالق عز وجل كانت قادرة على تفسير الغرائب التي قرأتها في هذا الكتاب

فلا علم مدروس كان بقادر على تفسيرها ولا خبراء أو أطباء استطاعوا فهمها

فاكتفوا بتدوين ملاحظاتهم عنها ، ومحاولة التخفيف عن مرضاهم بشتى الطرق الممكنة

تمنيت لو أن أطباء أمتنا العظام كابن سينا والرازي وغيرهم كانوا حاضرين في زماننا هذا

ما كانوا ليفوتوا دراسة أشباه هؤلاء المرضى ، بل وربما استطاعوا فك لغز هذه الحالات وإيجاد العلاج المناسب لها

تماما كما فعلوا في أوج نهضة أمتنا قبل عقود منصرمة

رغم أن الكتاب قد يكون موجها في الدرجة الأولى للمختصين والدارسين

إلا أنه غني بثقافة طبية مميزة للقارئ العادي

لغة ساكس السهلة، وتبسيطه لحالات عصبية صعبة ومعقدةلتسهيل فهمها رائع، كما أنّ تعامله مع المرضى والحالات المختلفة يكاد يكون نادرًا في البلاد النامية -بلادنا العربية على وجه الخصوص-ساكس طبيب وأديب في الوقت ذاته،وذلك نادر!

يقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء، من الأول أعجبتني قصة "يدان" من الثاني" مسألة هوية" أما الثالث والرابع ف"تذكر الماضي" و"الفنان المتوحد" على الترتيب.

المرضى هم أشخاص ويجب معالجة الشخص قبل المرض، هذه هي الفكرة الأساسية التي يقدمها ساكس في معظم مقالاته وكتبه.

الكتاب ده كان من أمتع ما قرأت . حسيته قدر يجمع مابين العلم و الأدب . إحساسه بالمرضي كان عالي أوي و قدر ينقلي الإحساس ده . حسيت و تأثرت بكل شخصية فيهم. نفسي أكتب مراجعة عن الكتاب ده بس حاسة إني لازم أقراه تاني عشان أكتبله مراجعة تليق بيه :)

H.S

"الرجل الذي حسب زوجته قبعة" لأوليفر ساكس ليس مجرد عرض لحالات طبية عصبية، بل هو تأمل فلسفي في طبيعة الإدراك البشري، الهوية، والذات. عبر تقديم حالات غير مألوفة مثل جيمي ج. الذي فقد ذاكرته قصيرة المدى ويعيش في "حاضر أبدي"، يناقش ساكس مفاهيم الزمن والإدراك المتداخلة مع الفلسفة البرغسونية، حيث يُعاد تعريف الزمن كتجربة ذاتية معقدة تتجاوز التدفق الخطي.

حالة ستيفن، الموسيقي العبقري رغم اضطراباته العصبية، تسلط الضوء على نقاشات بوردون مارتين حول الإبداع تحت القيود العصبية، بينما تُظهر حالة كريستينا، التي فقدت الإحساس بجسدها، تأملات شيرينغتون عن الجسم كآلية عصبية. هذا الفقد الجسدي يستدعي فكر كيركيغارد حول الانفصال بين المستويات الفنية والأخلاقية والدينية، حيث تعيش كريستينا مأساة وعيها بوجود جسدها وفقدان قدرتها على الشعور به.

أما ويليام، الذي يعاني من هلاوس بصرية، فيثير تساؤلات فلسفية مرتبطة بـ فيتجنشتاين ونظرية المعرفة، حيث تتلاشى الحدود بين الحقيقة والوهم، متقاطعًا مع السينما العبثية لـ لويس بونويل، التي تعبث بالواقع لخلق اضطراب إدراكي في أذهان الجمهور.

حالة الدكتور بي، التي أعطت الكتاب عنوانه، تُبرز فشل الدماغ في إدراك الوجوه والأشياء، مما يعيدنا إلى تأملات شيرينغتون حول التفاعل المعقد بين العقل والجسم وضرورة الاعتماد على بنية عصبية سليمة للتنظيم. حالات أخرى مثل لويس، الذي تحدى متلازمة توريت عبر الفن، والسيدة S. التي فقدت القدرة على إدراك الجانب الأيسر من جسدها، تُظهر تعقيد الإدراك البشري، وتضيف حالة المريض W.، الذي فقد إحساسه بالزمن، بُعدًا أعمق لاستكشاف الهوية والإدراك.

الكتاب يلامس أيضًا البعد الكيركيغاردي من خلال "الدراما الوجودية" التي تعيشها هذه الحالات، حيث ينتقل الأفراد بين المستويات الفنية (الوهم)، والأخلاقية (العجز)، والدينية (البحث عن المعنى). يُعاد طرح مفهوم الذات بشكل أوسع، إذ تتحول هذه الحالات إلى دراسات فلسفية عميقة حول الوعي المحدود.

فكرة فرويد عن "أنا الجسد" تتجلى في الحالات التي تفقد فيها الشخصيات الإحساس بجسدها أو تشهد اضطرابات إدراكية، مما يعيد تسليط الضوء على الدور الجوهري للجسد في تشكيل الهوية الفردية. هذا الانفصال بين الوعي والجسد يعكس كيف يؤثر الإدراك العصبي في تشكيل الهوية الذاتية.

يدمج ساكس بين التحليل الطبي والعمق الفلسفي، حيث لا يُعرض "العمى الإدراكي" كمجرد اضطراب عصبي، بل كنافذة على تساؤلات فلسفية أعمق حول المعنى والهوية. الكتاب هو أكثر من دراسة طبية، إنه رحلة فلسفية غنية متعددة الطبقات حول الإدراك البشري.

هاشم السيد / روائي فلسطيني

Insta:@hashemksayed

الرجل الذي حسب زوجته قبعة... هو من الكتب التي تشكل خليطاً بين أسلوب الكتابة القصصية والسرد المرتبط بمجموعة من الحالات التي يرويها الدكتور أوليفر بكتابه، وقد استعان الدكتور بالحالات المرضية التي عاصرها خلال فترة عمله بالطب النفسي، لذلك تمكن من كتابة هذا الكتاب بالاعتماد على تقسيمه لأربعة فصول فيتحدث بكل فصل عن مجموعة من الحالات المرضية، ويضع مقارنة بين بعض منها، كما يستعين بأمراض سابقة كان قد تعامل معها أو قرأ عنها في مجال عمله أو دراسته أو من خلال استعانته بتجارب أطباء نفس آخرين.

كل قصة من قصص الشخصيات الموجودة في الكتاب هي انعكاس لأحد الأمراض النفسية التي يشرح عنها الدكتور أوليفر بشكل لاحق، من خلال استخدامه لأسلوب كتابة نص تعقيب بنهاية كل قصة، مما ساهم بنقل صورة واضحة حول كل مرض نفسي تحدث عنه الكتاب، وهو ما شكل النجاح الخاص بطريقة السرد التي تميز بها الكتاب خلال روايته لمجموعة من المواقف التي عاصرها الدكتور أوليفر، حتى اهتم بنقل بعض الحالات المرضية في معظم الفصول، وتحديداً الفصل الرابع من الكتاب بالاعتماد على رسومات توضح طبيعة كل مرض، أو التصرفات الخاصة بكل شخصية من شخصيات القصص التي يرويها الكتاب، بطريقة متسلسلة ساهمت بتوضيح الأفكار الخاصة بالقصص

يتحدث الكتاب بشكل عام عن عدد من الأمراض العصبية، تلك الأمراض التي ترتبط بالهوية الذاتية للمريض، أو الأمراض التي تجمع بين النفس والجسد.

تتميز جميع الأمراض بالغرابة، لكنها تجعلك تقترب من كل مريض وكأنك تعرفه منذ زمن.

بالنسبة لي لم أفهم العديد من الأمراض من الناحية الطبية، حيث كان يتحدث ساكس عن تفاصيل تصلح للمختصين أكثر منها لقارئ عادي، ولكنها على الرغم من ذلك راقت لي على اعتبار أني مهتمة بما يتعلق بالنفس البشرية بكافة أشكالها وتقلباتها

شعور غريب انتابني وانا اقرا هذا الكتاب. حقا تعرفت على حالات مرضية. كان من المستحيل تخيل ان احدا مصابا بها. حقا كتاب ليس ككل الكاب. ومقاسمة تجارب الدكتور كانت فكرة رائعة

كتاب يفتح لك نوافذ على عوالم اخرى وأمراض مدهشة نادرة إحتجز بداخلها إنسان مبدع .

ينقلها لنا اوليفر ساكس بأسلوب أدبي زاخر بالتشويق.

القسم الاول

تعطلت السيارة ذات مرة في الطريق السريع. كان عطلا فريدا من نوعه. المصباح الداخلي يضيء وينطفئ بلا توقف وكأنها سيارة اسعاف. ولكن الضوء في داخل السيارة بدلا من أعلاها. كان ذلك يشوش عقلي ويشتتني ويثير حالة من الضحك في الطريق. توقفت بالسيارة على جانب الطريق واتصلت بأحد الأصدقاء فوجهني لإزالة الفيوز الخاص بهذا المصباح من علبة الفيوزات لحين اصلاح العطل. وقد كان.

لماذا تذكرت هذه القصة الآن؟

عندما قرأت هذا الكتاب أيقنت أن الإنسان له أيضا علبة فيوزات تماما كالسيارة. ولكن ليس من السهل تغيير فيوز ليتوقف الصرع أو تنتعش الذاكرة أو تقل الكوابيس.

الكتاب الشيق الذي ينقسم إلى أربعة أقسام يتحدث عن أربعة أشياء أساسية نتجت عن تأثر الجهاز العصبي للإنسان نتيجة حادث ما سواء كان هذا بصورة عرضية أو منذ الولادة. وأولها هو الفقد: فقد الذاكرة أو فقد الإحساس بأحد أعضاء الجسم أو حواسه أو فقد الإحساس بالكليات أو الجزئيات. والثاني هو الفرط: فرط الحركة. فرط التفكير. فرط الإدراك. فرط الإحساس بشيء ما. الثالث هو ما سماه الحالات النقلية وهي حالات غريبة تعود فيها الذاكرة إلى الماضي وربما تعلق به تماما أو بجزء منه مع تذكر كل شيء بتفاصيله وان كان شيئا حاضرا على خلفية الأحداث مهما بدا هامشيا أو بلا قيمة. والأخير هو حالات البله والتوحد.

ما يجمع الحالات السابقة على اختلافها هو تعطل أحد الفيوزات أو أكثر داخل الجهاز العصبي. فقد يجد شخصا ما فجأة أن لديه حاسة شم تتفوق على الكلاب أو سوبر رؤية أو سمع يتخطى الهمس والجدران وقد يجد أحدهم أن لديه القدرة على تذكر أحداث في طفولته المبكرة لم يكن يعييها أو يدركها من قبل. أو أن تحلم بشيء ويتحقق في الواقع.

كل هذا جعلني أفكر مرة أخرى. هل يمتلك كل انسان تلك القدرات جميعها ولكنها معطلة بداخله لأسباب تطورية ترجع لعدم قدرة الإنسان على أن يمتلك كل تلك الصفات دفعة واحدة أم أن هذه القدرات هي قدرات خاصة جدا يمتلكها عدد محدود من البشر؟

ولكن لماذا نجد شخصا عاديا تحدث له حادثة ما أو يتعاطى دواء معين فتتعطل إحدى الحواس أو ترتقي. ألا يعد هذا دليلا على أن علبة الفيوزات هي نفسها وكل ما يحدث هو تفعيل أو تعطيل للفيوز الخاص بهذه الخاصية أو تلك؟

الأمر الأهم الذي خرجت به من هذا الكتاب هو ألا أنظر نظرة استعلاء إلى أي شخص غريب أو مختلف فالحكايات التي أوردها الكاتب تفسر الكثير من السلوكيات التي قد لا نفهمها في البشر والتي ترجع لاختلاف تطور الجهازه العصبي لهذا الشخص وطريقة تعامله مع الأحداث والأشياء على مدار تاريخه. فالشخص المتوجس والشخص المتمهل والشخص الغير مبالي والموهوب موسيقيا أو فنيا أو رياضيا والعبقري والغبي والمتوحد والمتشنج والمكتئب وغيرها من الصفات قد لا يكون لنا فيها يد وكل ما نستطيع هو تهذيب هذه الصفات ومحاولة إبراز الجيد منها وكنس الخبيث ولو بإخفائه تحت السجادة.

هذا الإنسان العجيب الذي يمتد تاريخه إلى الكهوف والغابات ما زال يحتفظ بخوفه وحذره وأنانيته وما زال يرهف سمعه ويرنو ببصره إلى مواطن الخطر. وما زالت هواجسه تسيطر عليه وما زال يحمل بداخله تاريخ انتصاراته وهزائمه وما زالت أفعاله تدهشنا وتجعلنا نعي أننا لا نعرف إلا أقل القليل مما يدور داخل أدمغتنا.

أنهيت قراءة هالكتاب و أنا مندهشة كثير

أوليفر ساكس طبيب أعصاب لخص في هالكتاب بعض الحالات المرضية اللي مرت عليه و اللي صعب إننا ندرك وجودها

شخص يفقد الجزء الحاضر من ذاكرته بشكل كامل و يبقى محبوس بداخل فترة ماضية من حياته

و شخص ثاني يفقد قدرته على التمييز بين الصور و يحسب رأس زوجته قبعته !

واحد يعتقد بأن قدمه ليست قدمه و هي مجرد شيء ملصق بجسده و يبغى يتخلص منه هالحالة تم تمثيل حالة مشابهة لها في مسلسل (grey's anatomy )

إمرأة تفقد السيطرة على جسدها و لا تستطيع التحكم فيه إلا من خلال النظر و كأنه كيان مستقل عنها و خارج عن إرادتها ! .. إلخ

كل هالمشاكل و العلل تحدث بسبب خلل في جزء من الفص الأيمن أو الأيسر بالدماغ

خلل في جزء من الدماغ ممكن يفقدك جزء ماتتخيله من هويتك اللي تعتقدها (كل لا يقبل التجزئة)

الكتاب لا يخلو من الطرح العلمي للحالات المذكورة فيه و هذي أكثر جزئية ثقيلة أثناء القراءة

اللي يحب يقرأ شي مختلف و يولد داخله مئات الأسئلة أنصحه بقراءة هالكتاب .

هذا الكتاب بالنسبة لي كان مفاجأة 🙈 فأنا كنت أظنة رواية بعنوان مختلف عما تعودت أن أراه وغلاف الكتاب المترجم مختلف كذلك حيث يحمل صورة حقيقية للشخص الذي كنت أظنة الزوج 🥴، شد أنتباهي بتقيمه العالي بالجودريدز لكن اتضح لي عندما بدأت بقراءته أنه ليس برواية🫠بل هي قصص غريبة لمرضى طبيب الأعصاب المشهور مؤلف هذا الكتاب.

تم اصدار الكتاب في عام ١٩٨٥ 🤗 وفي مكتبتي منذ ٨ سنوات 🙈، فصول الكتاب مقسمة لأربعة أقسام مهمه ( الفقد ، الزيادة ، الحالات النقلية ، عالم السذج ) يطرح من خلالها بقصص مرضاه للحاجة الملحه إلى طب جديد أكثر تكاملاً لا يعالج الجسد بمعزل عن الذهن والروح كما هو متعارف عليه آنذاك لذلك هو يؤكد لنا هنا من خلال الحالات التي ذكرها العلاقة المركبة بين الجسد والذهن والعقل وتوحد عناصرها هو ما يشكل الإنسان.

كتاب مثير بكل صراحة ومختلف عما تعودت قراءته تعرفت من خلاله على عوالم مختلفة لأمراض عصبية غريبة لا تصدق 🫢.

أنصح بهذا الكتاب للمهتمين 👌🏻

.

.

.

.

.

.

18-05-2024

كتاب حلو يحجي عن امراض نفسية متتخيل تلكاها بحياتك

وبالنسبة الي اكثر شي حبيتة الفصل الاخير اليحجي عن البه العباقرة

انصح بقرايتة