هذه زوجتي ؛ الرجل الذي حسب زوجته قبعة > مراجعات كتاب هذه زوجتي ؛ الرجل الذي حسب زوجته قبعة > مراجعة هاشم السيد

هذه زوجتي ؛ الرجل الذي حسب زوجته قبعة - أوليفر ساكس
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

H.S

"الرجل الذي حسب زوجته قبعة" لأوليفر ساكس ليس مجرد عرض لحالات طبية عصبية، بل هو تأمل فلسفي في طبيعة الإدراك البشري، الهوية، والذات. عبر تقديم حالات غير مألوفة مثل جيمي ج. الذي فقد ذاكرته قصيرة المدى ويعيش في "حاضر أبدي"، يناقش ساكس مفاهيم الزمن والإدراك المتداخلة مع الفلسفة البرغسونية، حيث يُعاد تعريف الزمن كتجربة ذاتية معقدة تتجاوز التدفق الخطي.

حالة ستيفن، الموسيقي العبقري رغم اضطراباته العصبية، تسلط الضوء على نقاشات بوردون مارتين حول الإبداع تحت القيود العصبية، بينما تُظهر حالة كريستينا، التي فقدت الإحساس بجسدها، تأملات شيرينغتون عن الجسم كآلية عصبية. هذا الفقد الجسدي يستدعي فكر كيركيغارد حول الانفصال بين المستويات الفنية والأخلاقية والدينية، حيث تعيش كريستينا مأساة وعيها بوجود جسدها وفقدان قدرتها على الشعور به.

أما ويليام، الذي يعاني من هلاوس بصرية، فيثير تساؤلات فلسفية مرتبطة بـ فيتجنشتاين ونظرية المعرفة، حيث تتلاشى الحدود بين الحقيقة والوهم، متقاطعًا مع السينما العبثية لـ لويس بونويل، التي تعبث بالواقع لخلق اضطراب إدراكي في أذهان الجمهور.

حالة الدكتور بي، التي أعطت الكتاب عنوانه، تُبرز فشل الدماغ في إدراك الوجوه والأشياء، مما يعيدنا إلى تأملات شيرينغتون حول التفاعل المعقد بين العقل والجسم وضرورة الاعتماد على بنية عصبية سليمة للتنظيم. حالات أخرى مثل لويس، الذي تحدى متلازمة توريت عبر الفن، والسيدة S. التي فقدت القدرة على إدراك الجانب الأيسر من جسدها، تُظهر تعقيد الإدراك البشري، وتضيف حالة المريض W.، الذي فقد إحساسه بالزمن، بُعدًا أعمق لاستكشاف الهوية والإدراك.

الكتاب يلامس أيضًا البعد الكيركيغاردي من خلال "الدراما الوجودية" التي تعيشها هذه الحالات، حيث ينتقل الأفراد بين المستويات الفنية (الوهم)، والأخلاقية (العجز)، والدينية (البحث عن المعنى). يُعاد طرح مفهوم الذات بشكل أوسع، إذ تتحول هذه الحالات إلى دراسات فلسفية عميقة حول الوعي المحدود.

فكرة فرويد عن "أنا الجسد" تتجلى في الحالات التي تفقد فيها الشخصيات الإحساس بجسدها أو تشهد اضطرابات إدراكية، مما يعيد تسليط الضوء على الدور الجوهري للجسد في تشكيل الهوية الفردية. هذا الانفصال بين الوعي والجسد يعكس كيف يؤثر الإدراك العصبي في تشكيل الهوية الذاتية.

يدمج ساكس بين التحليل الطبي والعمق الفلسفي، حيث لا يُعرض "العمى الإدراكي" كمجرد اضطراب عصبي، بل كنافذة على تساؤلات فلسفية أعمق حول المعنى والهوية. الكتاب هو أكثر من دراسة طبية، إنه رحلة فلسفية غنية متعددة الطبقات حول الإدراك البشري.

هاشم السيد / روائي فلسطيني

Insta:@hashemksayed

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق