اقتباسات من كتاب قلبي يحدثني بأنك متلفي

‫لو أَسمَعوا يَعقوبَ ذِكْرَ مَلاحةٍ

‫في وَجهِه نَسِيَ الجَمالَ اليُوسُفِي

‫أوْ لوْ رآهُ عائدًا أيُّوبُ في

‫سِنَةِ الكَرَى قِدَمًا مِنَ البَلوَى شُفِي

ولَقَد أَقولُ لِمَن تَحرَّشَ بِالهَوى

‫عَرَّضتَ نَفسَكَ للبَلا فاستَهدِفِ

‫أَنتَ القَتيلُ بِأيِّ مَن أَحبَبتهُ

‫فاختَرْ لِنَفسِكَ في الهَوى مَن تَصطَفي

غَلَبَ الهَوى فأَطعتُ أَمرَ صَبابَتِي

‫مِن حَيثُ فِيه عَصَيتُ نَهْيَ مُعنِّفي

‫مِنِّي له ذُلُّ الخُضوعِ ومِنه لِي

‫عِزُّ المَنُوعِ وقُوَّةُ المُستَضعِفِ

‫أَلِفَ الصُّدودَ ولي فُؤادٌ لم يَزَلْ

‫مُذْ كُنتُ غَيرَ وِدادِه لم يألَفِ

يا أَهلَ وُدِّي أَنتمُ أمَلي ومَن

‫ناداكُمُ يا أَهلَ وُدِّي قَد كُفِي

‫عُودُوا لِما كُنتم عَليهِ مِنَ الوَفَا

‫كَرَمًا فإنِّي ذَلِك الخِلُّ الوَفي

‫وحَياتِكم وحَياتِكم قَسَمًا وفي

‫عُمري بِغَيرِ حَياتِكم لمْ أَحلِفِ

‫لَو أنَّ رُوحي في يَدِي ووَهَبتُها

‫لمُبَشِّري بقُدومِكُم لم أُنصِفِ

‫لا تَحسَبوني في الهَوى مُتصَنِّعًا

‫كَلَفي بِكُمْ خُلُقٌ بِغَيرِ تَكَلُّفِ

فالوَجْدُ باقٍ والوِصالُ مُماطِلي

‫والصَّبرُ فانٍ واللِّقاءُ مُسوِّفي

قَلبي يُحدِّثُني بِأنَّكَ مُتْلِفي

‫رُوحي فِداكَ عَرَفتَ أمْ لم تَعرِفِ

‫لَم أَقضِ حَقَّ هَواكَ إنْ كُنت الذي

‫لم أَقضِ فِيهِ أسًى ومِثْلي مَن يَفي

أنا الذَّاكِرُ المَذكورُ ذِكْرًا لِذاكِرٍ

‫أنا الشَّاكِرُ المَشكورُ شُكرًا بنِعمَتي

‫أنا العاشِقُ المَعشوقُ في كُلِّ مُضمَرٍ

‫أنا السَّامِعُ المَسموعُ في كُلِّ نَغْمَةِ

‫أنا الواحِدُ الفَردُ الكبيرُ بِذاتِه

‫ويا مانِعُ امنَعْني مِنَ الذَّنبِ واشفِني

‫مِنَ السُّوءِ ممَّا قَد جَنَيتُ تَعمُّلَا

‫ويا ضارُّ كُنْ للحاسِدينَ مُوَبِّخًا

‫ويا نافِعُ انفَعْنِي برُوحِ مُحَصَّلَا

‫ويا نُورُ أَنتَ النُّورُ في كُلِّ ما بَدَا

‫ويا هادِ كُنْ للنُّورِ في القَلبِ مُشعِلَا

فَحُكمُكَ حَسْبي يا حَسِيبُ تَوَلَّني

‫وأَنتَ جَليلٌ كُنْ لِخَصْمي مُنَكِّلَا

‫إلَهي كَريمٌ أَنتَ فَاكْرِمْ مَواهِبي

‫وكُنْ لِعَدوِّي يا رَقيبُ مُجَندِلَا

‫دَعَوتُكَ يا مَولَى مُجيبًا لِمَن دَعا

‫قَديمَ العَطايا واسِعَ الجُودِ في المَلَا

عَلِيٌّ وقَد أَعلَى مَقامَ حَبيبِه

‫كَبيرٌ كَثيرُ الخَيرِ والجُودِ مُجزِلَا

‫حَفيظٌ فَلا شيءٌ يَفوتُ لِعِلمِه

‫مُقِيتٌ يُقيتُ الخَلقَ أعلى وأسفَلَا

يا قابِضُ اقبِضْ قَلبَ كُلِّ مُعانِدٍ

‫ويا باسِطُ ابسُطنِي بأَسرارِكَ العُلَا

‫ويا خافِضُ اخفِضْ قَدْرَ كُلِّ مُنافِقٍ

‫ويا رافِعُ ارفَعْني برَوْحِكَ أَسْألَا

وأَرسَلَ فِينا أحمدَ الحقَّ مُقتَدى

‫نَبيًّا به قامَ الوُجودُ وقَد خَلَا

‫فعَلَّمَنا مِن كُلِّ خَيرٍ مُؤيَّدٍ

‫وأَظهَرَ فِينا العِلمَ والحِلمَ والوَلَا

‫فَيا طالِبًا عِزًّا وكَنزًا ورِفعةً

‫مِنَ اللهِ فادْعُه بِأسمائِه العُلَا

‫وقُلْ بانكِسارٍ بَعدَ طُهرٍ وقُربةٍ

‫فأَسألُكَ اللَّهمَّ نَصرًا مُعجَّلَا

أَنتَ في غَفْلةٍ وقَلبُكَ سَاهِي

‫نَفِدَ العُمرُ والذُّنوبُ كَما هِي

‫جَمَّةٌ أُحصِيَتْ عَليكَ جَميعًا

‫في كِتابٍ وأَنتَ عَن ذاكَ لاهي

‫لَم تُبادِرْ بِتَوبةٍ مِنكَ حتى

‫صِرتَ شَيخًا فَحَبلُكَ اليومَ واهي

‫فاجتَهِدْ في فِكاكِ نَفسِكَ وَاحذَرْ

‫يَومَ تَبدُو السِّماتُ فَوقَ الجِباهِ

ذَكَرتُكَ لا أَنِّي نَسِيتُكَ لَمْحةً

‫وأَيسَرُ ما في الذِّكرِ ذِكرُ لِساني

‫وكِدتُ بِلا وَجْدٍ أَموتُ مِنَ الهَوى

‫وَهامَ عَلَيَّ القَلبُ بِالخَفَقانِ

‫فَلمَّا أَراني الوَجْدُ أنَّكَ حاضِري

‫شَهِدتُكَ مَوجُودًا بِكُلِّ مَكانِ

‫فَخاطَبتُ مَوجُودًا بِغَيرِ تَكلُّمٍ

‫وَلاحَظتُ مَعلُومًا بِغَيرِ عِيانِ

وَلَمَّا وَرَدْنا ماءَ مَديَنَ نَستَقِي

‫عَلى ظَمَأٍ مِنَّا إلى مَنهَلِ النَّجوَى

‫نَزَلْنا عَلى حَيٍّ كِرامٍ بُيوتُهمْ

‫مُقَدَّسةٌ لا هِندُ فِيها وَلا عُلْوَى

‫وَلَاحَتْ لَنا نارٌ على البُعدِ أُضرِمَتْ

‫وَجَدنا عَليها مَن نُحِبُّ ومَن نَهوَى

وعِندي شُهودٌ لِلصَّبابةِ والأَسَا

‫يُزَكُّونَ دَعوايَ إذا جِئتُ أَدَّعي

‫سُهادِي ووَجْدِي واكتِئابِي ولَوْعَتي

‫وشَوْقي وسُقْمِي واصْفِرارِي وأَدمُعي

إلى كَم أَنتَ في بَحْرِ الخَطايا

‫تُبارِزُ مَن يَراكَ ولا تَراهُ

‫وسَمْتُكَ سَمْتُ ذِي وَرَعٍ ودِينٍ

‫وفِعلُكَ فِعلُ مُتَّبِعٍ هَواهُ

‫فَيا مَن بَاتَ يَخلُو بِالمَعاصِي

‫وعَينُ اللهِ شاهِدةٌ تَراهُ

‫أَتَطمَعُ أنْ تَنالَ العَفوَ ممَّنْ

‫عَصَيتَ وأَنتَ لم تَطلُبْ رِضاهُ

ولا جَلَستُ إلى قَومٍ أُحَدِّثُهم

‫إلَّا وأَنتَ حَديثي بَينَ جُلَّاسي

‫ولا ذكَرتُكَ مَحزونًا ولا فَرِحًا

‫إلَّا وأَنتَ بِقَلبي بَينَ وَسواسي

‫ولا هَمَمتُ بِشُربِ الماءِ مِن عَطَشٍ

‫إلَّا رَأيتُ خَيالًا مِنكَ في الكاسِ

قَلبي يُحدِّثُني بِأنَّكَ مُتْلِفي

‫رُوحي فِداكَ عَرَفتَ أمْ لم تَعرِفِ

‫لَم أَقضِ حَقَّ هَواكَ إنْ كُنت الذي

‫لم أَقضِ فِيهِ أسًى ومِثْلي مَن يَفي

‫ما لي سِوى رُوحي وباذِلُ نَفسِهِ

‫في حُبِّ مَن يَهواهُ لَيسَ بمُسرِفِ

زِدْنِي بِفَرطِ الحُبِّ فِيكَ تَحيُّرَا

‫وارْحَمْ حَشًا بِلَظَى هَواكَ تَسعَّرَا

‫وإذا سَألتُكَ أنْ أَراكَ حَقيقةً

‫فاسمَحْ ولا تَجعَلْ جَوابِيَ لَن تَرَى