مفهوم الدولة الإسلامية؛ أزمة الأسس وحتمية الحداثة - امحمد جبرون
أبلغوني عند توفره
شارك Facebook Twitter Link

مفهوم الدولة الإسلامية؛ أزمة الأسس وحتمية الحداثة

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

يعد كتاب "مفهوم الدولة الإسلامية: أزمة الأسس وحتمية الحداثة" (392 صفحة من القطع الكبير) للكاتب امحمد جبرون والصادر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مساهمة قيّمة في النقاش العام الدائر حول فكرة "إسلامية الدولة" والتي حظيت بمكانة متميزة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وتأسست الأطروحة التي يحاول هذا الكتاب بناءها على أساس فرضية مفادها أنّ سؤال "الإسلامية" الذي ملأ الدنيا، ليس هو المشكلة الحقيقية، بل هو مجرد مظهر لمشكلة أعقد، وهي مشكلة العطب الإصلاحي - التاريخي الذي حدث قريبًا من عهدنا خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ويرى المؤلِّف في كتابه أنّ أصل الخلل في تصور إسلامية الدولة، يكمن في منهج قراءة الإسلاميين للنص الشرعي (القرآن والسنة). وهو منهج يعطي الأولوية للجزئيات على حساب الكليات، وللأحكام بدل الحكم. ويحاول المؤلف تجاوز هذا الخلل عن طريق السعي نحو تحرير النص الشرعي من التاريخ وآثار الثقافة العالقة بالفهم الموروث. ويرى جبرون في الفصل الأول، وهو بعنوان "الإسلام وأصول الحكم"، أن من الممكن - عبر إعمال هذا المنهج في النص الشرعي - استنباط ثلاثة مبادئ كليّة تمثّل أساس وصف الإسلامية. وهذه المبادئ هي: البيعة (التعاقد)، والعدل، والمعروف. ويؤسس الكاتب هنا لمفهوم "المعرف" بأنه: "مصلحة دائمة دينية ودنيوية لا يحدّها الزمان ولا المكان، وهو كذلك علة دائمة وحاضرة حضور الإنسان في الحياة. إنه - أيضًا - وصف لازم للنشاط الإيجابي للإنسان المسلم على الصعيدين الفردي والجماعي. ومن ثم، فاحترام الوقت واستثماره، وتقديس العمل، وأداء الصلاة في وقتها، والإنتاجية في العمل، وأداء الواجب، والاهتمام بالأسرة، ومساعدة الآخرين... إلخ، كلها وجوه للمعروف. وعليه، يكون حكمه كمفهوم كلي ومجرد، بقطع النظر عن تفصيلاته وأمثلته العينية، واجبًا عينيًا وفرضًا أساسًا من فروض الإسلام". وبذا بات مفهوم الدولة الإسلامية مفهومًا جاذبًا للحداثة، بعد أن كان نافيًا لها بإلحاحه على التطابق مع التاريخ. ويرى المؤلف كذلك أنّ الدولة الإسلامية بمختلف مراحلها، كانت محاولةً لتنزيل هذه المبادئ وفق المتاح التاريخي. ولذا فقد خصّص ثلاثة فصول شغلت المساحة الكبرى من الكتاب لعرض أشكال تنزيل مبادئ "الإسلامية"، وأشكال التكيّف مع التاريخ في ثلاث مراحل كبرى من تاريخ الدولة الإسلامية وهي: دولة الراشدين، ودولة العصبية، والطور الانتقالي نحو "الدولة – الأمة" ابتداءً من العصر الحديث. وفي الفصل الثاني الذي عنوانه "دولة الراشدين وأرخنة الأصول"، يرى الكاتب أنّ دولة الخلفاء الراشدين قد نجحت إلى حد ما في تثبيت سلطة الأمة في تعيين الخلفاء، وكذلك في إقرار قدر مهم من العدل، وخصوصًا أنّ الخلفاء امتازوا بالانحياز في قراراتهم الاقتصادية والاجتماعية للفقراء، أمّا فيما يتعلق "بالمعروف" والذي هو كل مصلحة دائمة دينية ودنيوية، فيرى المؤلف أنّ دولة الراشدين قد فشلت في توسيعه وذلك لأسباب تتعلق بحداثة الدولة الإسلامية، وطغيان الهموم العسكرية والأمنية. أمّا الفصل الثالث وعنوانه "دولة العصبية: الإسلام السياسي والتاريخي" فيتطرق الكاتب فيه إلى المخاض التاريخي العسير ما بين العامين 36 و41 هجريًّا والذي أدّى إلى ولادة دولة العصبية، ويمثّل التأسيس الثاني للدولة الإسلامية بعد التأسيس الأول لها في سقيفة بني ساعدة، وفي تلك المرحلة اكتسبت الدولة الإسلامية نظريتها السياسية والتاريخية التي استمرت حتى مشارف العصر الحديث. وقد انتقلت في هذه المرحلة البيعة من كونها حقًا للأمة في عهد الخلفاء الراشدين، إلى حق عصبي تمارسه عصبية الدولة وباقي الأمة تبعٌ لها، من دون أن تفقد البيعة صدقيتها. أمّا بالنسبة إلى العدالة، فقد عرفت ازدهارًا كبيرًا؛ إذ تمكّنت الدولة من شريعة مكتوبة، مثّلت مرجعية موضوعية للأحكام، كما حقّقت الدولة تطورًا كبيرًا في مفهوم العدالة الاجتماعية؛ فلم يكتف العقل السياسي الإسلامي بعدل الشريعة الذي يتحقق من خلال أحكام الفقهاء في النوازل والأقضية المختلفة، بل تجاوزه إلى الاهتمام بأرزاق الفقراء والمساكين والمحاويج، والمنكوبين وحظوظهم... إلخ، وذلك بتكليف الإمام أخلاقيًا وسياسيًا بسد خلتهم وفك كربهم، ولكن فيما يتعلق بالحضور التاريخي لأصل "المعروف" فقد ظلّ محدودًا وخاضعًا للهواجس العسكرية. وفي الفصل الرابع والأخير بعنوان "الدولة الإسلامية: أزمة الأسس وحتمية الحداثة"، يستعرض الكتاب كيف كانت الدولة العصبية في بدايات العصر الحديث تمر بأزمة قادتها نحو الضعف، بسبب المساس بأسسها (البيعة، العدل، المعروف). وقد أدّت هذه الأزمة إلى تبلور أسس الحداثة السياسية وإلى وجود إحساس بالحاجة إلى "الدولة – الأمة". وقد أفصح الفكر الإصلاحي عن هذا ومهّد له ثقافيًا وسياسيًا، غير أنّ بطء تحوّل دولة العصبية والتدخل الاستعماري، حالا دون ولادة دولة "الأمة - الدولة" ولادةً طبيعية؛ الأمر الذي تسبب للدولة الوليدة في مشكلة مع السياق؛ فباتت مؤسسةً وتنظيماتٍ سابقةً لواقعها، وغير مفهومة في نطاقه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وكذلك سببت لها أزمة شرعية أخلاقية بانقطاعها عن الحركة الإصلاحية التي أخصبت التاريخ والمجتمع وهيئتهما لحمل "الدولة – الأمّة"، واستقبالها. ويختم الكتاب بتعريف الدولة الإسلامية في العصر الحديث، والتي يرى أنها هي دولة الوقت التي تعمُر العالم، وتشبه جيلها من حيث الشكل والمؤسسات والأساليب، وهي تطبيق من التطبيقات التي تسود العالم لـ "الدولة - الأمة"، لكن الفارق بينها وبين النماذج الأخرى هو إيلاؤها الرسالة الأخلاقية والإنسانية للإسلام اهتمامًا، الأمر الذي يضفي عليها معنًى خاصًا؛ إذ تبدو من زاوية هذا الفرق كيانًا أخلاقيًا، خاضعًا لقيم معيارية عليا - إنسانية ومثالية - تمنح الدولة الإسلامية تفوّقها الرمزي على غيرها من تطبيقات "الدولة – الأمّة"، وتنجيها من بعض الآفات البنيوية التي أصابت أبرز تطبيقات "الدولة – الأمّة" في الحقبة المعاصرة.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

أبلغوني عند توفره
4 1 تقييم
15 مشاركة

اقتباسات من كتاب مفهوم الدولة الإسلامية؛ أزمة الأسس وحتمية الحداثة

إن جمهور الفقهاء على امتداد التاريخ الإسلامي كان حريصاً على الدرء أكثر من حرصه على القطع،وقد آل هذا الميل -مع الوقت- الى تعطيل شبه كلّي لهذا الحد، تعطيلاً اجتهادياً، غير أن هذا التطور لم يؤد الى ضياع حقوق العباد، ونقض أحكام العدل، وتشجيع السرّاق، أو الاستخفاف بحقوق الله، بل على العكس من ذلك، فعند اتصال الحد بحق من حقوق الله، كان الفقهاء يحثون المذنب على التوبة والتطهر التي لا تحصل بالعقوبة أو الحد، وهذا سر حماسة الفقهاء في رد المقرِّين، وندب الشهود الى الستر وممارسة انواع من التحيّل .. الخ. أما في حالة تعلّق الحد بحقوق الآدمي، بسبب المطالبة أو غيرها، فإنه كان يُلجأ إلى إرضاء الطرف المتضرر، واستيفاء حقوقه كاملة، على أن لا يرفع الامر الى الامام، وذلك اعتباراً لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "تعافوا الحدود بينكم، فما بلغني من حد وجب". أو يحكم عليه بعقوبات مختلفة، كالحبس والتأديب والضمان وغيرها من الاحكام، بسبب الشبهة المختلفة المانعة من القطع، والمتعلقة بنقص شرعي في الإثبات (إقرارً وبيّنة).

مشاركة من khaled suleiman
كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب مفهوم الدولة الإسلامية؛ أزمة الأسس وحتمية الحداثة

    2

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    4

    ثلاثة اسس تقوم عليها الدولة الاسلامية لتحقق اسلاميتها: البيعة (سيادة الامة)، العدل والمعروف، عرّف المفكر امحمد هذه الاسس ومدى اهميتها في الدولة الاسلامية، حيث قرر ان الامة تمارس سيادتها من خلال البيعة باختيار من يحكمها، وان ممارسة العدل بجميع انواعه هو شرط لاستقرار الامة، وان المعروف ( وهو ما يصلح للناس حياتهم من الخدمات المادية والمعنوية) شرط لازم لمعاش المواطن تحت ظل اي دولة.

    عقد الكاتب مقارنة بين 3 عصور مرت على الامة الاسلامية وهي عصر الخلافة الراشدة والدولة العصبية والدولة الحديثة، وبيّن في كل عصر مدى تطبيقه لهذه الاسس، ففي عصر الخلافة الراشدة مارست الامة سيادتها من خلال البيعة، اي بيعة الخلفاء والتي جاءت مختلفة من خليفة الى آخر وبيّن ان الامة اسندت هذه السيادة لاهل المدينة الذين كانوا يقررون (من خلال اهل الحل والعقد والشورى) من هو الخليفة ويبايعونه وعلى هذا تسير باقي الامة، واوضح ان هذا التسليم لاهل المدينة انتهى باغتيال الخليفة عثمان وان باقي امصار الامة الاسلامية لم تقبل لاهل المدينة بعدها ان تقرر نيابة عنهم، جاء العدل في دولة الخلافة عفوياً غير مقنن بقوانين واضحة كما قال الكاتب واوضح ان بنية القضاء ومؤسساته لم تكن موجودة في عصر الخلافة حيث كان هذا الامر منوطاً بالخليفة نفسه او بالوالي او من ينوب عنه في باقي الامصار، اما عن المعروف فقد كان اهتمام الخلفاء الراشدين بهذا الامر ضعيفاً ولم يكن هذا عن جهل او قلة ادراك او مقصوداً لنفسه، ولكن لان المعروف في ذلك الزمان لم تكن له ملامح واضحة. اما في عصر الدولة العصبية فقد قال ان الدولة مارست هذه الاسس الثلاث ولكن بطريقة مختلفة، فقد اضحت البيعة واقعة تحت عصبية او قوة قاهرة تقوم على حمايتها كما في الاسرة الاموية والعباسية وباقي الدول التي ظهرت بعدها، وقد قال ان هذه حتمية املاها التاريخ على الامة الاسلامية التي لم تكن عندها رؤية واضحة قبل الاسلام لممارسة سيادة الامة وانه لولا هذه الممارسة لضاعت الدولة الاسلامية واندثر الدين، اما من ناحية العدل فقد تم تأسيس نظام قضائي هو الافضل من وجهة نظر الكاتب، حيث تم ممارسة القضاء والعدل بعيداً عن سطوة الحاكم وان الحاكم في احيانٍ كثيرة كان يخضع لهذه السلطة، وكان احد اسباب انهيار الدولة العصبية في آخر أيامها هو فشل النظام القضائي الذي لم يتم قوننته بشكل واضح، وأدى تشعّب المذاهب والاراء الفقهية في الفروع الى ضياع حقوق العباد، وكان اهتمام الدولة العصبية بالمعروف اكبر من اهتمام دولى الخلافة الراشدة ولكن كان هناك معيقً وحيداً امامها الا وهو تمويل هذه المصارف حيث ان المصارف المالية في الشريعة محددة، وكانت مصارف المعروف تأتي من خمس خمس الفيء والخراج وهو مبلغ كان بسيطاً جداً من وجهة نظر الكاتب لم يكن يكفي لاداء هذا المعروف. بعد انتهاء ملامح دولة العصبية وفي بدايات القرن التاسع عشر ولعدم تمكن الدولة العصبية من مقاومة تأثير المستعمر وانهزامها امامه في كثير من جوانب الحياة، سواءاً التقنية او العسكرية بدأت ملامح اصلاح جديدة تظهر على الامة وبدء بعض المفكرين بالبحث عن الحلول الناجعة لاعادة الامة الى مسارها لطبيعي، ومع تباشير هذه الاصلاحات في المجالات الثلاثة المذكورة التي لا تقوم للدولة الاسلامية قائمة بدونها، جاءت هجمة الاستعمار واحبطت هذه الاصلاحات وفرضت على الامة متغيرات جديدة لم تستطع معها ان تباشر بعملية الاصلاح بنفسها، ومع خروج المستعمر لم تقدر الامة ان تعود لنهجها الاصلاحي لتخبطها بين تيارات العلمانية والليبرالية والاسلامية التي لم تستطع مواكبة العصر بقانون اسلامي حديث يزيل الغبار عن الجمود الذي نزل على الفكر الاسلامي من قرون.

    دولة الشريعة-الدين مقابل دولة الشريعة-القانون، هذا ما خلص اليه المفكر امحمد، عندما يتم قوننة الشريعة بقوانين واضحة لا تخرج عن الشريعة الاسلامية سوف يكون هذا هو الحل مع اعادة الاعتبار لسيادة الامة من خلال البيعة وانتخاب من يحكمها وايلاء المعروف العناية التي ترفع من قدر الانسان معنوياً ومادياً.

    كتاب يستحق القراءة وقد يغيِّر كثيراً من المفاهيم السائدة الان على شكل الدولة الاسلامية وما يجب ان تكون عليه.

    Facebook Twitter Link .
    5 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    الكتاب جيد يحتوي على مفهوم ثوري حقيقة وهو اعتبار ان الدولة الإسلامية ترتكز على ثلاث أسس اهمها العدل ثم المعروف ثم البيعة .. الا ان الكاتب تعرض لبعض الجزئيات أحب ان انوه عليها في عجاله

    أولا : أن بناء الدولة الإسلامية اتى من حاجة الجماعة المسلمه إليها وليس من الشريعة في شيئ .. وبخصوص الرد على هذه الجزئية فبرجاء مراجعة كتاب "الخلافة الإسلامية" لدكتور صادق شايف نعمان وهو قد أصل هذه القضية واستدل بمنطق عقلي ولم يكتفي بالنقل.

    ثانيا : دعوته لتجديد مفهوم الحدود وهنا قد اتجه نحو منحنى اخر هو قد اشار اليه انها ليست قضية الكتاب لذا وجب التنويه ان هذا الجزء لم يشرحه بتشعب ليبنى عليه حكم او يرد عليه في هذا الكتاب وأظن انه قد نوه انه قد نشر كتاب حول هذا الخصوص.

    أخيرا الكتاب أفضل ما فيه رؤيتة لقضية المعروف والسعي لتطويرها بمفهومية زمان الثورة المعلوماتيه والعولمه فقد أصاب فيها الكاتب .. سيغير الكاتب مفهومك لهذه القضية

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق