إن جمهور الفقهاء على امتداد التاريخ الإسلامي كان حريصاً على الدرء أكثر من حرصه على القطع،وقد آل هذا الميل -مع الوقت- الى تعطيل شبه كلّي لهذا الحد، تعطيلاً اجتهادياً، غير أن هذا التطور لم يؤد الى ضياع حقوق العباد، ونقض أحكام العدل، وتشجيع السرّاق، أو الاستخفاف بحقوق الله، بل على العكس من ذلك، فعند اتصال الحد بحق من حقوق الله، كان الفقهاء يحثون المذنب على التوبة والتطهر التي لا تحصل بالعقوبة أو الحد، وهذا سر حماسة الفقهاء في رد المقرِّين، وندب الشهود الى الستر وممارسة انواع من التحيّل .. الخ. أما في حالة تعلّق الحد بحقوق الآدمي، بسبب المطالبة أو غيرها، فإنه كان يُلجأ إلى إرضاء الطرف المتضرر، واستيفاء حقوقه كاملة، على أن لا يرفع الامر الى الامام، وذلك اعتباراً لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "تعافوا الحدود بينكم، فما بلغني من حد وجب". أو يحكم عليه بعقوبات مختلفة، كالحبس والتأديب والضمان وغيرها من الاحكام، بسبب الشبهة المختلفة المانعة من القطع، والمتعلقة بنقص شرعي في الإثبات (إقرارً وبيّنة).
المؤلفون > امحمد جبرون
امحمد جبرون
02 مراجعة