أحبائي
أبنائي وبناتي
الزميلة المبدعة الكبيرة المتألقة إنعام كجة
عمل جيد
ماذا كان رأي القرّاء برواية طشّاري؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.
مع كُل رواية تلامس قلب قارئها؛ يبرز السؤال الذي يطارده دائمًا بلا إجابة - لماذا تأثّرت بهذه الرواية إلى هذا الحَد؟
نجتهد -كقُرّاء- في محاولة إيجاد إجابة لهذا التساؤل، فنسترجع أحداث الرواية في عقولنا، نبحث عن وصف مُبهج أو تصوير موجع. أو عن شخصية جذابة؛ خيّرة كانت أو شريرة. أو عن لغة ساحرة أو سرد رائع. لكن اجتهادنا الحثيث لا يمنحنا إجابة نهائية. فنخترع تأويلات للنصوص، ونختلق أعذارًا للشخصيات، ونبتكر مدلولات أخرى للمعاني! وكأنه مطلوب مِنّا أن نجد سبًبا للحب!
هكذا كانت تجربتي مع رواية "طِشّاري" كُلّما حاولت الكتابة عن سبب إعجابي الشديد بهذه الرواية، أجدني أعجز عن إيجاد سبب مُقنع. ليس هناك أحداثًا مُبهرة، ولا أوصافًا مُدهشة، ولا شخصيات استثنائية. إنها رواية عادية. وشخصياتها مألوفة وكأنني أعرفها من قبل! رُبما كان أعظم ما في هذه الرواية هي عاديّتها!
لقراءة المراجعة بشكل مُنسّق مُطعّم بالصوّر اضغط على الرابط التالي
****
جاءت الرواية هادئة الأحداث، عذبة السرد، فاتنة الصُحبة. تمامًا مثل شخصيتها الرئيسة وبطلة حكايتها "ورديّة إسكندر"، تلك الشخصية الرقيقة التي نرى من خلالها العراق وتحوّلاته السياسية والاجتماعية، والتي وعلى الرغم من عدم فعاليتها في الأحداث من حولها إلا أنها تستمر بطاقة الحُب التي تشعّ من جسدها النحيل ذي الروح الأخّاذة.
ومن الموصل إلى بغداد إلى الديوانيّة إلى باريس وكندا والكاريبي، تأخذنا وردية معها في رحلتها الطويلة التي تبدأها مع مجتمعٍ مُتعدّد متلاحم بلُحمة الأُلفة وترابط القُرب وانسجام العيش، وتبقى حتى العقد الثامن من عمرها -رغم كل شيء- في العراق لا تريد أن تتسرّب منه. لكنها مُرغمة تترك العِراق في النهاية وتلحق بأرض المنافي، تاركة وراءها مُجتمع مُتشظّي ومُتَشَيّطِن أهله، غارقًا في وحل صراع طائفي يُدمّر كل جميل في ذاكرة العراق.
ورديّة... حلم الأهل الطازج بأن تُمثّلهم ابنتهم خير تمثيل في مُجتمع لا يؤمن بتعليم أو قدرات الإناث، تشقّ طريقها بكل هدوء رغم توجسّاتها في رحلة لإثبات ذاتها. ورغم أن أحلامها كانت غاية في البساطة والوضوح إلا أننا نشهد معها كيف يُمكن لتصاريف القدر أن تُبعثر كل مخططاتنا وتُبدّل أحلامنا بأخرى رُبّما تكون أكثر عملية لنا.
ركّزت الكاتبة إنعام كجه جي على الحضور الطاغي للشخصيات النسائية، لكن هذا التركيز لم يكن بشكل مُتمركزّ حول الأنثى -حسب تعبير الكاتب عبد الوهاب المسيري- وهو التعبير الذي يشير إلى المفهوم الشهير-النَسَويّة، حيث لم تلغي الكاتبة وجود الرجل في حياة المرأة، بل عزّزَت أهميته كأب أو كأخ أو كشريك في الحياة وسند في ظهر أُنثاه بل وفي قمة تفهّمه وقبوله بكل وعي عمل المرأة. وذلك على غرار التغيير الذي يحدث على مر سنوات حقبة الرواية للمجتمع العربي والعالمي.
وعلى الرغم من اعتناء الكاتبة بالشخصيات الرئيسة في الرواية، إلا أن اللافت للنظر هو اهتمامها بالشخصيات الثانوية ورسمها بإتقان، لهذا فعلى الرغم من شخصية ورديّة المرسومة ببراعة، جاءت شخصيات أخرى ثانوية تحمل طابعًا مُميزًا يترك أثره على القارئ مثل بُستانة المُربيّة وغسّان الطفل الفلسطيني وهِندّة الابنة البِكر وفرنجيّة رئيس الصحة اللبناني وحتى أبو يعقوب اليهودي
قد لا يناسب البعض أسلوب السرد، وقد اشتكى البعض من الملل الذي أصابهم أثناء قراءة النصف الثاني من الرواية، لكنني -وعلى العكس- لم أجد ذلك إطلاقًا. جذبتني الرواية بشكل جارف حتى أنني كنت أجد صعوبة في التوقف عن القراءة، وكنت أتحيّن أي وقت فراغ لأكمل القراءة، ورُبّما كانت طِشّاري هي أسرع رواية -في حجمها- قرأتها في خلال رحلتي القرائية.
قرأت رواية طِشّاري بعد رواية النبيذة - <a href="****">لقراءة مُراجعة رواية النبيذة</a> - وجدت تشابهًا في الإطار العام للحكيّ، وهو استخدام تقنية السيدة العجوز التي تحكي حكايتها مع تداخل بعض الرواة المُختلفين، بالطبع كان الرواة أكثر قوة ومساحة سردية في رواية النبيذة، لكن الإطار العام جاء مُتشابهًا. لكن الغريب هو أنني وجدت طِشّاري أكثر إتقانًا أو أفضل جودة في حبكة الرواية ورسم الشخصيات، حتى أنني ظننت في البداية أن النبيذة هي التي كُتِبَت أولًا، مع الإقرار بأن اللغة في رواية النبيذة كانت غاية في الجمال، لكنني أميل إلى طِشّاري لأن الرواية كانت حقًا تنبض بالحياة!
لإنعام كجه جي قدرة على تطويع اللغة، ومن الصعب ألا يقع القارئ في غرام هذه اللغة الشاعرية، والتي تأتي كتهويدة سحرية تخاطب أحاسيسنا وتهدهد أرواحنا. تأخذنا الكاتبة على بساط كلماتها فنترك الواقع ونرحل إلى أبعاد أخرى لا تعرف أسرارها إلا هي. نحيا في حكايتها وكأننا جُزءًا منها، فنفرح ونغضب ونخاف ونحزن، وعند النهاية لا مناص من أن تترك لنا الكثير من الشجن!
يلوم البعض على الكاتبة عدم ذِكرها -في رواية طِشّاري- لأهل السُنّة في الرواية، وأرى أن الأمر ليس أمرًا حتميًا ولا يُقلّل من النصّ، لأن الرواية لم تكن توثيقًا عن العراق وإنما كانت توثيقًا لرحلة طبيبة عراقية مسيحية رقيقة زادتها الحياة قوة بحُب الناس من حولها وحُب الخير داخلها. وهكذا نرى الرحلة بعيون مُختلفة ورؤية غير نمطية، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها مُجرد حكاية واحدة وسط آلاف من الحكايات التي تكوّن جميعها تاريخ العراق.
رُبما لا يعرف الكثير أن شخصية ورديّة إسكندر هي شخصية حقيقية، وأنها هي الطبيبة "ماهي كجه جي" عمّة الكاتبة إنعام. وما كانت الرواية إلا سيرة ذاتية للعمّة المسيحية التي عملت طبيبة في محافظة الديوانية لربع قرن. أحداث الرواية تُطابق أحداث الواقع بكل وقائع الديوانية ومنافي الأبناء والأحفاد وحتى قصة هِندة. بالطبع هناك بعض الاستثناءات مثل تغيير الأسماء وإضافة أقل القليل من الأحداث الفرعية.
رواية طِشّاري للكاتبة إنعام كجه جي، رواية استثنائية رغم عاديتها، هادئة رغم تقلّباتها، عذبة رغم متاعب بطلتها. إنها رواية تفيض بالإنسانية، وسيرة ذاتية تثبت لنا أن الإنسان بلا حلم هو شخص ميّت حتى وإن كان على قيد الحياة!
تقييمي
5 نجمات
ملحوظة
بقي أن أوضّح أن كلمة طِشّاري هي مُفردة تُستخدم في العراق لوصف طلقة الصيد والتي تتشتّت بعد إطلاقها – في مصر تُستخدَم مُفردة خرطوش- وهي تشير إلى التشتّت والتشرذم، وقد جاءت مُفردة طِشّاري في الرواية في إشارة إلى تشتّت الشعب العراقي في أنحاء العالم.
أحمد فؤاد
السابع عشر من آذار مارس 2021
تقدم الكاتبة إنعام كجه جي روايةً عن التغريبة العراقية، عن الأبرياء الذين فرقتهم الحروب والنزاعات الطائفية، وتستنطق الكاتبة صوراً مؤلمة من تاريخ العراق الحديث وحكايا كثيرٍ من أبنائه الذين انغمسوا في غربةٍ طويلة جعلتهم غائبين عن الدنيا رغم حضورهم فيها؛ ذلك أن روح المرء لا تلتئم إلا في أرضه التي نبت فيها مهما خفق بنعله في أصقاع الأرض.
وقد قرأت الرواية في سهرتين متعاقبتين وكتبت حولها النقاط الآتية:
وردية اسكندر طبيبةٌ بغدادية، رمت بها قرعة التعيين في مستشفى الديوانية جنوب العراق حيث تبقى هناك مدة ربع قرن و تلتقي بمن سيصير زوجها وتنجب منه أبناءها: برّاق، وهندة، وياسمين. الذين ترمي بهم الأقدار -مرّةً أخرى- في ثلاث قاراتٍ متباعدة لايجمعهم إلا التواصل عبر فضاء الانترنت الافتراضي.
تقدّم وردية، وهي على مشارف الثمانين، طلب لجوءٍ في باريس يُقابل بالترحيب، وينالها تكريمٌ من الرئاسة الفرنسية يضعها من فرط سعادتها على ذروة العالم، وهو الشيء الذي لم تنله في وطنها الأم. رغم خدمتها الطويلة في قطاعٍ حساسٍ زمن الحروب والويلات. وعند هذا التكريم تحديداً تستفتح انعام كجه جه روايتها، ثم تعود بالقارئ القهقرى أزماناً مرّت بالطبيبة وولّت لكن تبعاتها لاتزال تحفر في نفسها وتوقظ في ذاكرتها أفعال لصوص الفرح الذين جاؤوا العراق من قعر الآدمية ليسلبوا منها لذيذ التواصل الشخصي مع أفراد عائلتها المتشظّين طشاري في البلدان.
في باريس تقيم الطبيبة وردية رفقة ابنة أخيها وزوجها وابنهما اسكندر متحاملةً على ماتكره من الحياة وهي الغربة. أما اسكندر فله حكاية أخرى حيث يبتكر هذا الشاب العبقري مقبرةً إلكترونيةً تجمع -رمزياً- رُفات العراقيين ليدفع عنهم وحشة الموت في الغربة، كما يتحصّل على معلوماتٍ عنهم وعمّا يحبونه من موسيقى وغيره ليُضيفه إلى ملفاتهم/قبورهم، ملفات الحزن والفقد التي اندثرت بينها المسافات بعد أن كانت أكبر بلائهم.
إنّ المُستبحر في زمن وتسلسل الأحداث في رواية طشاري لن يرسوَ على ترتيبٍ واضحٍ لنقطتي البداية والنهاية وهو إجراءٌ فنيٌّ محبّبٌ -إليّ على الأقل- ويجعل للنهاية فضاءً رحباً أمام قناعات القارئ وتأويلاته.
رغم تنوّع الفسيفساء القومية والطائفية في العراق إلا أنّ الكاتبة جعلت من شخصيات الرواية (مسيحيين وشيعة فحسب) واذا أتت على ذكر غيرهم (السنّة مثلاً) فإنها تأتي عليهم في مقام الانكار والتشنيع. وهنا أودّ الإشارة إلى ملاحظةٍ هامة:
ليس من المفترض على الراوي أن يذكر كل الطوائف والملل في عمله، ولسنا نطالبه أن يذكرهم بالخير والحُسنى بالمطلق ففي الحياة خيرٌ وشر والرواية مرآةٌ لهذه الحياة، وبالمجمل فإنّ أيّ عملٍ روائيٍ مبتكر يحق له ذلك إذ لسنا أمام خطاب احترام لأتباع الملل على تنوعها، ولكن يؤخذ على الكاتبة هنا أن تحصر المأساة في طائفتين دون أن تذكر (ولو تلميحاً) أنّ العراق كل العراق ناله من نهك السيف والسلاح وتفشّي القتل شيءٌ كثير، ولو فعلت لكان ذلك أدعى للحياد وأنفى للشك.
أوغلت الكاتبة في استخدام اللهجة العراقية دون أن يضرّ ذلك بجمال السرد، لكنّ بعض التعابير الغليظة لاتجري على ألسنة كل القرّاء فيضّطرون إلى التماس المعنى من الانترنت، وهذا -عند كثرته- يُفقد العمل السموّ الأدبي في التعبير.
صدرت الرواية عن دار الجديد، وتقع في 251 صفحة من القطع المتوسط، وهي رواية جميلة تحكي آلاماً لاتزال حاضرةً في الذهن عن العراق الجريح.. البلد الأقدم عهداً في القانون والأسبق ميلاداً بين الحضارات.
طشاري
رواية للكاتبة "إنعام كجه جي" وهي الكاتبة التي اخترتها لهذه السنة لأقرأ كل رواياتها - وها أنا ورواية جديدة لها :)
عندما بدأتها على ستوريتيل - دخلت في نفس الأجواء لرواياتها - فالقارئة هي هي، والقصة فيها تشابه من حيث التيمة ورواياتها الأخرى - بهذا الطابع بين الشخص العراقي الذي ذهب ليعيش في الخارج والغالب فرنسا! ولكن اللغة والأسلوب اللذان لا أمل منهما استطاعا أن يجعلاني أدخل في أجواء هذه الرواية الانسانية السياسية الرائعة!
القصة عن الدكتورة العراقية التي عاشت حياتها في العراق ثم ذهبت في النهاية إلى فرنسا بعد أن أدمت الحروب بلادها وتفرق عنها أبناؤها بين دول العالم!
انظروا مثلاً كيف وصفت هنا بطلة الرواية دكتورة "وردية":
"من يعرف هنا الدكتورة ورديّة؟ إنّ من يراها تدفع عجلة كرسيّها الـمتحرّك، لدى الـجزّار القبايلي في كريتاي، لا يصدّق أن هاتين الكـفّين الصغيرتين الّلتين ترتسم عليـهما خارطة من الأوردة الزرق هما اليدان السحريّتان، ذاتـهما، بأناملهما الـمطواع الـمدرّبة التي كانت تجوب الـمغارات السريّة للنساء فتفكّ وتربط وتكشط وتنظّف وتكوي وتداوي وتـهجس بالبشارة. تتلـمّس الـمواضع الخفيّة وتروز تكوّرات الأجنّة وتقدّر أشهر الـحمل. ثم تتسلّل إلـى الّلتين ترتسم عليـهما خارطة من الأوردة الزرق هما اليدان السحريّتان، ذاتـهما، بأناملهما الـمطواع الـمدرّبة التي كانت تجوب الـمغارات السريّة للنساء فتفكّ وتربط وتكشط وتنظّف وتكوي وتداوي وتـهجس بالبشارة. تتلـمّس الـمواضع الخفيّة وتروز تكوّرات الأجنّة وتقدّر أشهر الـحمل. ثم تتسلّل إلـى الأرحام فتسحب الـمواليد إلـى حياة كُتبت عليـهم في سجلّ مجهول. تُطبطب علـى ظهورهم الـحمراء الـمجعّدة وتسمع صرخاتـهم الأُولـى وتقطع الـحبال وتعقد السُرر. " - هذا الجمال في الوصف يظل معنا من بداية الرواية لآخرها!
بصراحة قصة جميلة ورواية رائعة - وفكرتها رائقة وأسلوبها لطيف ممتع - وأنا سعيد بكل لحظة قضيتها مع هذه الرواية الدسمة والمليئة بالجمال والشجن!
اقتباسات
"لـم يكذب الشعراء الـملاعين الغاوون، أصدقاء أخيـها سُليمان وندماؤه، حين زعموا أن هناك مساقط للرؤوس وأُخرى للأفئدة"
"أفقد نظري ولا أفقد جوازي. هكذا كانت حالي قبل أن آتي إلـى هنا وأفهم أن هذا الدفتر ليس أكثر من وثيقة مثل غيرها من الوثائق. هويّة يمكن لأهل البلاد الـحصول عليـها آليًا لأنـها حق من حقوقهم."
"التاريخ يحفظ نزاعات البشر فيرفع ضغطهم ويمرضون."
"منديل ورقيّ يصلـح لتجفيف الدموع. هكذا جاءت هندة.
فرحت ورديّة بالطفلة لأنـها أُنثى، مثلـما طلبتـها من العذراء وحدّدت جنسها في صلواتـها. "
"الـمهاجر الـجيّد هو الـمهاجر الـمندمج"
"تفرض الـمنافي ضروراتـها وتقاليدها وتطرد البطر. تجعل من القليل والبسيط نعمة كبرى."
"كان الـموت كثيرًا، بحيث لا يتوقّف الـمرء أمام الـميتات العاديّة"
"إتفقنا عليـه، اليأس، كهدف لنا طالـما أنّ لا أمل يأتي من تلك البلاد. لا إشارة. لا بارقة. ولا حامض حلو. صار الوطن، لكثرة ما لكناه، علكة ماء ممطوطة نخجل أن نتفّها من أفواهنا."
#فريديات
#كاتب_السنة_٢٠٢٤
الوطن ألا يحدث ذلك كله قالها غسان قديمًا و مزجتها أنعام فى حكاية فى قلب وردية التي كانت كالوطن المكسور الذي يعاني لكن لا يزال فى قلبها جذور ترسخ و تنمو لتنشر الحب و الإنسانية و لم تعلم ان حياتها كطبيبة التي لم تختارها ستكون هى حياتها التي تدخل الدفء الى قلبها و لم تعلم ان الديوانية المكان الذي جاء فيه تكليفها بالعمل به هو من سيكون مسقط روحها و فؤادها .
العراق بمآسيها الاخيرة حتي من قبل الغزو كانت هى رمز للحزن الذي يصيب قلوبنا مع فلسطين الدامية .. شعب على مدار سنين طويلة عاني الآمرين من ديكتاتورية و غزو و حروب طائفية و شعب اصبح بداخلها شعوب متفرقة كالقبائل فى الجاهلية و كلها كان طريقها العنف لفرض سيطرتها و أيدلوجيتها المنحرفة و تركت ورائها ألاف الضحايا فى الشوارع لم يكن يطلبوا إلا راحة و مسكن فى هدوء .
" هم فائضون في هذه الدنيا. مسجّلون في خانة الزوال. لا أحد يـهتـمّ لـمصائرهم ولا يقلقه أنـهم يخبطون في الظلام."
طشّاري أسم الرواية لم يكن له معني قبل قرائتي لهذا العمل و بعد ما عرفت معناه أصبح الاسم عالم فى ذهني لمدلولته القوية على أحداث شعب تفرقوا فى الارجاء و توزعوا فى كل الاتجاهات للبحث عن سماء صافية آمنه تحميهم من التطرف و حروب بدأت فى عبث أطلق سهامه كالفطر تخلل العقول فأصبحت بليدة حيوانية فقدت إنسانيتها و تغلب الجانب الحيواني فما فعلوه بأنفسهم لم يفعلوه الغزاه بهم .
" ترفع الثورات شهداءها وتـخسف بخونتـها ولا تبقي ولا تذرّ. ثم تدور العجلة وتنقلب الـمرحلة فيصير الخائن شهيدًا ويذهب الشهيد إلـى طاحونة الصور."
رواية مبنية على الذكريات عن عائلة وردية الذين تفرقوا فى البلاد بعدما كانوا كالجسد الواحد و معها نري حكايات شعب كان بكل طوائفه كالعضد المتين لا تقدر على كسرهم كانوا مسلمين مسيحين اكراد بكل طوائفهم إخوة عائلة واحدة حتي تطايروا مثل الطلقة فى كل الاتجاهات و أصبحت محاولة إسكندر حفيد وردية لانشاء مقبرة إلكترونية تحمع الاحباب و العائلة اخر مسمار فى نعشهم كلاجئين بلا وطن أصبح برائحة الموت .
أحببت الرواية و استمتعت بها على الرغم من تداخل الشخصيات مع بعضها الذي افقد تركيزي أحيانًا و اصابني بالتشتت .. أحببت وردية التي ذكرتني يشخصية ذات فى رائعة صنع الله ابراهيم و احببت مغامرة هندة فى مغامرتها الشاقة فى كندا .. فى المجمل تجربة اولي غنية و لقاء انتظرته كثيرًا مع الكاتبة أنعام كجه جي .
" إنّ خروجنا من بين قَوْسي الوطن قد وضعنا في خانتين متعاكستين من العقوق. لـم أكن بارّة بـه لأنني أفلتّ من فكّيـه الـمفترسين، باكرًا، ومضيت بدون رجعة. وكان الوطن عاقًّا بـها، نبذها وهي في آخر العمر ولـم يشملها بخيمة حمايتـه. "
مهما أجبرتك الظروف لتكون لاجئ فى أوروبيا او امريكا الشمالية فى مكان يمنحك الأمان و الحياة لكن لا شيء كالوطن مهما قسي عليك، تتمني الرجوع له يوميًا لتكمل ما تبقي من عمرك هناك .
حتى الشرطة اختفوا من الشوارع و المفارق ثم عادوا بأزياء أخرى. بعضهم ملثم و بعضهم مسلح و بعضهم ملتح و الباقي يبدو و كأنه في ورطة وجودية. و لا أحد يعرف لمن يأمن و ممن يخاف.
عثر على دفتر بني سميك يلفت النظر في درج والدته و على غلافه كلمة بالعربية لم يفهمها و حين سألها قالت أنه ديوانها الجاهز للطبع.
-ما عنوانه؟
-طشارى
-يعني؟
-بالعربي الفصيح: تفرقوا أيدي سبأ.
-يعني؟!
-تطشروا مثل طلقة البندقية التي تتوزع في كل الإتجاهات.
هل المقبرة الإلكترونية دليل على وحدة العراق رغم تطشره
هل تقول حتى و ان فرقتنا الحياة فإن الموت سيجمعنا و ستوحدنا مقبرة و ان كانت افتراضية
لعل أباه كان على حق و يجب ألا ينشغل عن دراسته بالعمل دفانا يحفر في تربة الغيب. يلملم العظام من تربة الخليج و الشام و ديترويت و نيوزيلندا و ضواحي لندن و ينفخ فيها من موهبته لتستريح في أرض محايده. يجمع شمل الرجال و النساء الذين وضعوا الرءوس على مخدة واحدة لعقود من الزمن ثم تفرقوا و هم أموات في الترب الغريبة. طواهم طير اليبابيد الذي حلق فوق العراق و رماهم في بلاد الله الواسعة.
نعم هي سعيدة لأنها تأكل و تشرب و تعمل و تقرأ على ضوء الكهرباء و تغتسل بماء وفير و تربي أولادها في أمان و بدون هلع. و مسرورة لأنها تعيش حرة في بلد يسري فيه القانون على الجميع. مسرورة و ممنونة لأنها تمارس اختصاصها بينما لا يملك أطباء كثر من زملائها هذا الترف. لم يفلحوا في معادلة شهاداتهم. ممنونة و في قمة الإغتباط لأنها مرتاحة في عملها البعيد عن بيتها راحة قد لا تتوفر لكثيرين ممن يعملون في المبنى المجاور لمنازلهم. لكن لا. هي غير سعيدة و لن تكون في أي يوم. سعيدة تماما. ثمة مرارة ما تحت اللسان. هناك غبن سيبقى كامنا في موضع ما. من تاريخها الحميم. لأن يدا سلختها عن حياة سابقة و زلزلت ركائزها. هل تعرف جنابك حجر الأساس الذي يحتفلون به عند البدء بتشييد المباني المهمة؟ لقد اهتز حجر أساسها في اليوم الذي حملت فيه جنسية ثانية.
لا شيء يجري في ذلك البلد بالمفرد إلا الولادة. يولد العراقيون فرادى و يموتون جماعات. حتى الزعيم الأوحد وجد من يخلفه و يتناسل مع أسطورته فظهر زعماء متعددون و أوحدون كثر.
روايه كلاسيكيه ....بكل ماتحمله الكلمه من معني في رأيي معني كلمة كلاسيكيه ....هي تلك الروايه التي تنجح في نقلك بسهوله وبدون الفاظ معقده الي جو الكاتب بنجاح لتصبح صالحة للقراءه في كل زمان ومكان
ثاني روايه تمس ماضي شخصي لي في العراق بعد فرانكشتاين في بغداد ....كم لمست قلبي كلاهما وزادت لوعتي علي ذلك البلد الحبيب
بداية العنوان :أختيار موفق اضاف عامل التشويق والجذب ولكنه الي حد ما صعب قليلا حتي انه ينسي معناه بسهوله
ثانيا : الفكره احسستها امراءه تحكي ماضيها حتي انني شككت انه ماضي الكاتبه او والدتها ففيه سلاسه في السرد وتذكر للاحداث بالرغم من النقلات الزمنيه تحسد عليها
ثالثا الاسلوب : وفقت الكاتبه جدا باختيار النقلات الزمنيه وعدم روي القصه في زمان واحد لم يجعلني ذلك اصاب بالحيره او التوهه ابدا فقد شعرت بانني مكانها اتذكر الماضي فعلا
اوصاف الكاتبه متوسطه الي حد ما لكنها لم تنجح في نقلي الي مكان الحدث في مناطق كثيره التعبيرات ......
والتصويرات رائعه وان اصابنى الملل احيانا في مناطق وصفتها بدقه شديده واحيانا اخري شعرت انها اختصرت بدون داعيا
الروايه ككل عمل فني يحترم تضافرت فيه الناحيه الانسانيه مع سمو اهداف وظيفه الكاتبه التي تم اختيارها بدقه لتأتي جزء من المنحوته الرائعه كما تضافرت وحشه مشاعر الهجره والغربه والاغتراب في الوطن مع وحشة مشاعر الاحتلال والعنصريه والتشويه القاتم
ليتضافر ذلك كله في معزوفه تعزف علي اوتار قلب القارئ فتعطيه مع انقلابة الصفحه الاخيره مراره لاتنسي وذكري تظل بذهنه للابد
نجمه ناقصه للاجزاء الممله بالروايه وفقدان التفاصيل في كثير من الاحيان ....
اقتباسين من الكتاب:
- يسلم على الزملاء ويترك مبلغاً لفرّاش العيادة أو الكلية ويذهب ولايعود "باجر" ثم يسمعون أنه صار في الأردن وهجر بلاد ألف ويلة وويلة.
- يولد العراقيون فرادى ويموتون جماعات.
وصف لا يوصف من الكاتبة المبدعة .. البداية كانت جميلة وسعيدة كما كانت العراق عندما كان السني والشيعي والمسيحي والكردي يتعايشون مع بعضهم بهدوء وأمان والمجتمع كان متسامح ومتعاون، لكن النهاية قاتلة تصف لنا أحوال العراق في الوقت الحالي ، فالناس فعلاً يولدون أفراد ولكنهم يموتون جماعات في العراق الجريح.. قاتل الله الطائفية والعنصرية التي تهدم ولا تبني :(
الأشياء الجميلة في الرواية كثيرة جداً ولكن أكثر ما أعجبني هي رسائل هندة لأمها عندما تتذكر أعمال أمها من أجلها ، كانت مؤثرة جداً (فعلاً تروي أشياء حقيقية) ف الأم دائماً تفكر في أبنائها قبل نفسها..
إنعام كجه جي مبدعة ولاتتكلف كثيراً في الأفكار فلذلك أفكارها تصل ببساطة للقارئ .. تستحق قراءة أعمالها الآخرى :)
( طشّاري ) بالفعل عنوان يحكي واقع الروايه ، شعب تجرع الويلات والحروب
وأصبح " طشّاري " في هذا الكون
شُتات موزع بين القارات
روايه تحكي عن طبيبه عراقيه عاشت أزمات العراق
ثم هاجرت إلى باريس وابناءها الثلاث في كل قاره أبن
" أصبحت العراق في العالم الأفتراضي أجمل منها عن الواقع "
أغاني سعد الحلي وشعر أحمد مطر وقبر الأم بجانب أبنها في مقبره أفتراضيه ..
لكن الواقع قبورهم "ظشّاري " في كل الدول
هذه هي العراق الأن للأسف
شعب يشتري الدجاج والبيض وقزاز البيره في الجمله
مصيره أن يموت بالجمله
روايه رائعه تستحق القراءه
جودة هذا الكتاب تتبين في أن القارئ أو بالأخص أنا لم أسأم من القراءة لعدة ساعات ولا أدري أهو من إسلوب الكاتبة السهل والحلو والذي يدخل رأسا في الصميم أو من إحسان السيدة إنعام في ربط وتسلسل القصة بشكل متقن. رسالته جميلة وبسيطة وخالصة في الإنسانية.
الطائفية بغيضة كريهة "طشرت" بالعالم وبالخصوص البلدان العربية وجعلتهم شذرًا مذرًا وجعلت ب أم الحضارات الإنسانية خرابًا يبابًا..
الحمد الله على نعمة الأمن والآمان.
أنصح به.
حكاية من ضمن حكايات الف ويلة وويلة ..اوطان تهجر ابناءها ..تشتت..وفراق..
بشر يولدون فرادى ويموتوا جماعات"اعطنا دمنا كفاف يومنا"
لا شئ سوى الموات والخراب
تأخذنا من بلد لبلد ومن الاجداد للاحفاد للاخوة والاعمام تعيش بينهم وكأنك منهم
*تذكرني بكتابات رضوى عاشور
أعجبتني هذه الرواية، بلغتها وموضوعها والقدرة الرائعة للروائية على تفكيك الشخصيات. طشاري لاتتناول فقط أزمة الشعب العراقي إنما أزمة الإنسانية بشكل عام
رواية تفيض بالمأساة والمعاناة ترصد واقع العراق والحروب و آثارها المدمرة وخاصة التهجير والاغتراب.