طشاري
رواية للكاتبة "إنعام كجه جي" وهي الكاتبة التي اخترتها لهذه السنة لأقرأ كل رواياتها - وها أنا ورواية جديدة لها :)
عندما بدأتها على ستوريتيل - دخلت في نفس الأجواء لرواياتها - فالقارئة هي هي، والقصة فيها تشابه من حيث التيمة ورواياتها الأخرى - بهذا الطابع بين الشخص العراقي الذي ذهب ليعيش في الخارج والغالب فرنسا! ولكن اللغة والأسلوب اللذان لا أمل منهما استطاعا أن يجعلاني أدخل في أجواء هذه الرواية الانسانية السياسية الرائعة!
القصة عن الدكتورة العراقية التي عاشت حياتها في العراق ثم ذهبت في النهاية إلى فرنسا بعد أن أدمت الحروب بلادها وتفرق عنها أبناؤها بين دول العالم!
انظروا مثلاً كيف وصفت هنا بطلة الرواية دكتورة "وردية":
"من يعرف هنا الدكتورة ورديّة؟ إنّ من يراها تدفع عجلة كرسيّها الـمتحرّك، لدى الـجزّار القبايلي في كريتاي، لا يصدّق أن هاتين الكـفّين الصغيرتين الّلتين ترتسم عليـهما خارطة من الأوردة الزرق هما اليدان السحريّتان، ذاتـهما، بأناملهما الـمطواع الـمدرّبة التي كانت تجوب الـمغارات السريّة للنساء فتفكّ وتربط وتكشط وتنظّف وتكوي وتداوي وتـهجس بالبشارة. تتلـمّس الـمواضع الخفيّة وتروز تكوّرات الأجنّة وتقدّر أشهر الـحمل. ثم تتسلّل إلـى الّلتين ترتسم عليـهما خارطة من الأوردة الزرق هما اليدان السحريّتان، ذاتـهما، بأناملهما الـمطواع الـمدرّبة التي كانت تجوب الـمغارات السريّة للنساء فتفكّ وتربط وتكشط وتنظّف وتكوي وتداوي وتـهجس بالبشارة. تتلـمّس الـمواضع الخفيّة وتروز تكوّرات الأجنّة وتقدّر أشهر الـحمل. ثم تتسلّل إلـى الأرحام فتسحب الـمواليد إلـى حياة كُتبت عليـهم في سجلّ مجهول. تُطبطب علـى ظهورهم الـحمراء الـمجعّدة وتسمع صرخاتـهم الأُولـى وتقطع الـحبال وتعقد السُرر. " - هذا الجمال في الوصف يظل معنا من بداية الرواية لآخرها!
بصراحة قصة جميلة ورواية رائعة - وفكرتها رائقة وأسلوبها لطيف ممتع - وأنا سعيد بكل لحظة قضيتها مع هذه الرواية الدسمة والمليئة بالجمال والشجن!
اقتباسات
"لـم يكذب الشعراء الـملاعين الغاوون، أصدقاء أخيـها سُليمان وندماؤه، حين زعموا أن هناك مساقط للرؤوس وأُخرى للأفئدة"
"أفقد نظري ولا أفقد جوازي. هكذا كانت حالي قبل أن آتي إلـى هنا وأفهم أن هذا الدفتر ليس أكثر من وثيقة مثل غيرها من الوثائق. هويّة يمكن لأهل البلاد الـحصول عليـها آليًا لأنـها حق من حقوقهم."
"التاريخ يحفظ نزاعات البشر فيرفع ضغطهم ويمرضون."
"منديل ورقيّ يصلـح لتجفيف الدموع. هكذا جاءت هندة.
فرحت ورديّة بالطفلة لأنـها أُنثى، مثلـما طلبتـها من العذراء وحدّدت جنسها في صلواتـها. "
"الـمهاجر الـجيّد هو الـمهاجر الـمندمج"
"تفرض الـمنافي ضروراتـها وتقاليدها وتطرد البطر. تجعل من القليل والبسيط نعمة كبرى."
"كان الـموت كثيرًا، بحيث لا يتوقّف الـمرء أمام الـميتات العاديّة"
"إتفقنا عليـه، اليأس، كهدف لنا طالـما أنّ لا أمل يأتي من تلك البلاد. لا إشارة. لا بارقة. ولا حامض حلو. صار الوطن، لكثرة ما لكناه، علكة ماء ممطوطة نخجل أن نتفّها من أفواهنا."
#فريديات
#كاتب_السنة_٢٠٢٤