الشيطان لم يخوزق أحداً ولا سلخ جلد أحد. ذلك كله إبداع آدمي أصيل. ومع ذلك يخافونه هو.. وينسبون شرار البشر له .. بأي حق؟
المخوزق
نبذة عن الرواية
لم تكد راية السلطان محمد الفاتح ترفرف على الأراضي شمال الدانوب حتى عادت القلاقل تعصف بها. بدأ الأمر حين وُجد والي ولاشيا العثماني، رادو بيك، منهوش الحنجرة في حمّام قصره. تلت ذلك سلسلة وقائع مرعبة تستعصي على الوصف. تهامس الأهالي باسم كونت ولاشيا السابق: ڤلاد دراكولا، الشهير بالمُخوزِق، والذي لم يدخر وسعاً لدفع المدّ العثماني عن عرشه، إلى أن قُتل سنة 881هـ/1476م. "بُعث دراكولا من الجحيم.. تقمّص الشيطان روحه ورجع لينتقم من الأتراك". هكذا انتشرت الخرافة، لترسخها المزيد من الجثث مثقوبة الأعناق. وحين بدأت تلك الجثث تغادر قبورها لتلتحق بجيش سيدها الشيطاني، لاحت في أفق البلقان ثورة محركها الرعب الأعمى، وخرافات العوالم السفلية. هكذا، اختار السلطان محمدٌ أن يرسل تابعه الموهوبَ، أورهان إفندي، ليكشف حقيقة الخرافة.. ويخمد أسطورة المُخوزِق.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2014
- 255 صفحة
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
أبلغوني عند توفرهاقتباسات من رواية المخوزق
مشاركة من فريق أبجد
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Hind Haitham
(تحتوي هذه المراجعة على حرقٍ لأحداث الرواية ونهايتها)
يبدو أن رواية “المخوزق” في جزء منها تعقيب على رواية “المؤرخة” - أو “المؤرخ”، اعتماداً على من يعتبره القارئ بطل الرواية الحقيقي - لإليزابِث كوستوفا. المشكلة أن رواية كوستوفا نفسها رديئة، وهذه الرداءة تجد طريقها إلى “المخوزق”. في رواية كوستوفا، ثمة صراع - على طريقة “ملائكة وشياطين” و”شفرة دافنشي” - بين فرسان التنين وبين الإنكشارية، بين السلطان محمد الفاتح وبين فلاد دراكيولا، بين الإسلام والمسيحية.
رواية “المخوزق” تفتقد الصراع العابر للقرون، إذ تحدث في غضون شهر ونصف - أو أكثر قليلاً - مُنذ خروج أورهان أفندي ومرافقه دينيز من إسطنبول، حتى وصولهم إلى بوخارست، ومن ثم هروبه ووقوعه بين أيدي الغجر. قصر زمن أحداث الرواية يُفترض به أن يجعلها أكثر تماسكاً وأغنى بالتفاصيل، لكن التفاصيل الوحيدة التي كانت الرواية غنية بها هي تفاصيل القضم والتقطيع وطرق الموت البشعة، الأمرُ الذي يجعل مواصلة قراءتها بعد تركها في غاية الصعوبة. لهذا السبب، فإن قُصر الرواية نعمة.
بخلاف الإسراف في تفاصيل القتل والتمزيق، تمتلئ الرواية بالكليشيهات: الغجر يخدمون فلاد دراكيول، ويتصرفون كما يتصرف أي سيرك غجري في أي فيلم يدخل فيه الغجر مثل عنصر غرائبي. بالتأكيد يخدم الغجر فلاد دراكيول، فهذا مُقررٌ عليهم في معظم الأعمال التي تتعامل مع أسطورة دراكيولا مباشرة. ولا ضرورة لأن يكون هناك منطق، فالغجر يحبون من يضطهدهم ويعذبهم ويجبرهم على أكل لحوم أهليهم.
من مشاكل الرواية أنها تحاول أن تكون رسالة في غرام الدولة العثمانية . (حيث إنّه لم يعد الآن مسموحاً أن يصف أحدٌ الدولة العثمانية بأنها “المحتل التُركي”). لكنها تفشل في تبرير كون محمد الفاتح خيراً أو معقولاً على مستوى فكري، وتتبنى نفس النظرة العُنصرية الأوروبية للغجر، من دون أن تحاول نقض الفكرة الأوروبية عنهم - ولو من باب مكايدة الكفار. شيلا الغجرية تتحدث عن الغجر بكلامٍ موسوعي يصعب أن يقوله غجري عن نفسه في القرن الخامس عشر. كواريل الغجري العملاق المعتوه خادم الشيطان. كبراء الغجر الذين يتحدثون بالنبؤات المُختلة.
كذلك، فإن الرواية تتحدث بوضوح عن أن فلاد قد لاقى العسف والعذاب وسوء المعاملة من قبل الأتراك في فترة كونه رهينة، وتلومه على ما أصابه، حيث أنّه شيطان صغير، مع أنّه كان رهينة أُخِذ غصباً عنه إلى بلاد أناسٍ يدينون بغير دينه ويتحدثون بغير لسانه، أسيراً عندهم، يُضرب ويُهان ويُجبر على تغيير دينه، ويُفترض به أن يكون مُمتناً للأتراك! بمثل هذا الخطاب، فإن الرواية تنقض غرضها، وتقدم فلاد دراكيولا بوصفه بطلاً قومياً لوالاشيا، كما أنها تقدم والاشيا في صورة المكان الذي لا يُمكِن حُكمه إلا بالطُرِق البشعة التي يُمارسها دراكولا.
في هذه الرواية المؤيدة للسلطان، فإن الشيء الوحيد الذي يجعل السلطان جيداً إنّه لا يقص أعناق الناس بحنك الشيطان، وعدا عن ذلك، فإنّه طاغية عديم الكفاءة، يثق في فلاد رغم أنّه يعرف سوء طبعه وكرهه للأتراك والمسلمي ويساعده حتى ينقلب عليه، ثم يولي رادو أخاه، ورادو بيك والٍ ضعيف ولا يحترمه الوالاشيون، ويعجز عن البحث عن ولدي فلاد دراكيولا رغم أن أي طاغية (يعرف شغله) يعرف أنّه لا استقرار في البلاد ما لم يُعثَر على أبناء فلاد دراكيولا. وليختم السُلطان سلسلة قراراته التي تنم عن قلة تبصر قاتلة، فإنّه يُرسِل شخصاً تافهاً مثل أورهان أفندي لمهمة عظيمة جليلة الشأن، وكأنّه ليس في بلاطه أو المُقربين منه، أو أيٍ من أبنائه أو خلصائه أو... من يصلح للمهمة، وكأن الأناضول قد خلت إلا من أورهان أفندي.
هنا ينبغي التوقف للحديث عن أسوأ ما في الرواية، البطل: أورهان أفندي. أورهان يعشق السلطان التركي حد العبادة، وهذا ليس غريباً. وأورهان يعتقد أن الفتح العُثماني لأرض الروملي خيرُ عظيم. هذا في حد ذاته ليس أمراً سيئاً. السيء أن أورهان خبيث، قاسٍ، وجبان. كما أنّه أقل المُحققين كفاءة في التاريخ.
المُفترض أن السُلطان محمد الفاتح قد أرسله لدحض أسطورة فلاد المخوزق بناء على ما توسمه فيه من مهارة في التحقيق، حيث أنّه قد أثبت براءة نفسه من جريمة اتُهِم بها قبل سنة من الأحداث باستخدام طُرقٍ (علمية حديثة)، ورُبما اعتقد السُلطان أن تابعاً تافه الشأن له اهتمام بالعلوم الحديثة وولعٌ بالموت يصلح للإرسال إلى أرض الروملي. لكن أورهان أخفق إخفاقاً ذريعاً في مهمته، والشيء الوحيد الذي كان قادراً عليه في الرواية كُلها التحديق في جثت الموتى وجروحهم وتشوهاتهم. معدة أورهان أفندي قوية. هذا الشيء الوحيد الإيجابي الذي يُمكِن وصفه به - إذا كانت هذه صفة إيجابية.
طوال الرواية، لم يُبدِ أورهان أفندي أي فضولٍ تجاه ما حوله - مع أن صفة المُحقق الأكثر أهمية الفضول الشديد. ولم يباشِر بالسؤال عن أحوال المكان وتقصي شؤونه حين وصل - رغم أنهم استقبلوه في قبوٍ تحت الأرض، والمفروض أن يجعله هذا يتساءل عمّا إذا كانت هُناك أقبية أخرى في القلعة، ويباشر التحقق منها، والتحقيق في شخصيات سُكان القلعة وروادها. ما يهتم به أورهان أفندي أن يغتسل في الحمام ويحظى بالعناية والتدليل، ويهين دينيز الخصي بعبارات ميزوجينية حقيرة، ويطلب امرأة لليلة. أي أنّه لا يخرج عن ستيريوتايب الوالي التُركي الخنزير - رُبما باستثناء الشذوذ الجنسي. وهذا أمرٌ طريف للغاية في رواية تُدافع عن السُلطان.
طوال الرواية، يتصرف أورهان بشكلٍ حقير، ولا تتحسن الأمور مع ظهور الغجر وشيلا (الذين يجسدون كل العُنصرية والأفكار المُسبقة والكليشهات والصور النمطية وقلة الإبداع العامة في الرواية)، حيث أنّه يشتهي شيلا طوال الوقت، ويكرهها طوال الوقت لأنها لا تتصرف كما يتوقع من النساء أن يتصرفن، ولا “تولول كالنساء”، أو تنظر له بخفر وتقول: “أمان يا للّي أمان”، السلوك الذي يتوقعه التُركي النمطي. حتى يفيض الكيل بالقارئ من هذا المحقق الخبيث الذي جمع الدناءة والحقارة والتسلط والقسوة والجُبن وقلة الكفاءة، ويرغب في أن يتخوزق.
يُحمد للرواية أن أورهان أفندي قد تخوزق. الأمر الذي يستحقه كُلية، لكن هذا يُفرغ الرواية من أي معنى. لقد كان القارئ طوال الرواية يصحب شخصية خبيثة، وقد تخوزقت. ماذا يُمكِن أن يكون هدف الرواية؟ السُلطان محمد لا يُجيد انتقاء مبعوثيه؟ أسطورة دراكيولا تنتصر على السُلطان؟ المسيحية الوثنية تتغلب على الإسلام؟ كان هناك كلبٌ وتخوزق؟
بالتأكيد، تحفل الرواية بكل ما يُمكِن تصوره من ميزوجينية تتوج بمشهد تعذيب شيلا وتشويهها وقتلها - لماذا لا تشوه المرأة الوحيدة في الرواية إذا كان بإمكانك أن تشوهها؟ - وحتى حينذاك لا يُعفينا أورهان أفندي من تعليقاته الغبية. وهناك الكشف المطول عن المؤامرة بكاملها عن طريق الأخوين المجنونين (ويأتيان مُجهزين بكامل عُقد النقص وخيانة الأهل والتلذذ الشهواني بالتعذيب). الأخوين الذين كانا يعملان في القلعة، لأنّه لا توجد شخصيات أخرى يُمكِن أن تشترك في المؤامرة، ولأن الروايات الحديثة كلها تحتوي على twists.
الخادمان كانا هما الأخوين، سُربرايز! في الروايات الإنكليزية ثمة كليشيه يقول: the butler did it. أي كبير الخدم من فعلها، ويبدو أن هذا كان تنويعاً على ثيمة كبير الخدم فعلها.
لا ننسى أن الرواية تأتي مجهزة، كذلك، بالحديث عن التشريح والتجارب الغامضة التي يُجريها يهودي من غرناطة في حلب (هذا الجزء يُذكرني بقصة لعدي الحربش لكنني نسيت تفاصيلها).
لو كانت الرواية جيدة، واعتنت بتقديم شخصيات جيدة ومتنوعة عوض الإسراف في تفاصيل التقتيل والتقطيع والتعذيب، لكان من المُمكِن الحديث عن ثيمات جيدة فيها، مثل الأعمال غير المُنجزة في حياة أورهان أفندي: الحج/الطب/دحض أسطورة دراكيولا. لكن، لا شيء في الرواية يدعم هذه المُلاحظة، إذ أن كُل الشخصيات مجرد مجموعة من الكليشهات أُعطيت بعض الأسماء.
-
A.Rahman
المشكلة الرئيسية في هذه الرواية ليس كونها مكتوبة بشكل رديء، وأن الحبكة ساذجة، تقليدية، ومتوقعة كثيراً، وليس لأنني شعرت من حين لآخر أن الرواية عبارة عن بروباغندا للسلطان محمد الفاتح -والادارة الاستعمارية العثمانية- اتخذت مساراً بالغ السوء gone very wrong. تبدأ الرواية بشكل جيد، تصف البيئة، والرعب الذي أحس به أورهان أفندي في طريقه لبوخارست عبر الغابات، وكذلك كان الكاتب سخيا في وصف المشاعر والتفاصيل، أعجبني كذلك التزلف الشديد والتبجيل الذي كان مخيما على نفس أورهان أفندي تجاه السلطان، وكون أورهان تركياً فقد بدا ذاك كله شديد الواقعية، تبجيله للسلطان، ووصفه له ولحكمه بأوصاف مثل النور والشمس والفردوس، وخلافه، كان ذلك جيداً جداً، ويجسد روح العصر وروح الشعب volksgeist, zeitgeist, لهذا الزمان. ثم بدأ السرد يختلج ويتداعى بالتدريج منذ مشهد المقابلة بين أورهان أفندي والسلطان وسكرتيره، منه كذلك أن الكاتب لم يعرف كيف يبث الحياة في شخصية الفاتح، ويخرجه من الأيقونات والصور التاريخية ليصبح لحما ودما، فالسلطان لا يزال شخصية "خرافية" كلي القدرة وكلي المعرفة، ولا تفوته فائتة، ويعرف كل شيء. الخ. فوصفه أنه يستنشق عبير وردة - نفس اللوحة الموضوعة للسلطان في صفحة ويكيبيديا عن فلاد الوالاشي! : **** كان هذا طريفاً كأن الرواية كتابا مصوراً لقصة فلاد. ايقاع السرد انهار وسقط وذلك حين قتل الخصي دنيز في قلعة رادو سريعا جدا، دون مقدمات ولا تمهيد، هذه الرواية لو كانت تنوي بناء جو من الرعب الميتافيزيقي-التاريخي فأنه يلزم للكاتب أن يبذل مجهودا أكبر من ذلك، في التشبع بالبيئة "الروملية"، وفي حشد المزيد من الشخصيات من البيئة المحلية، وفي المزيد من مشاهد التيه والبلبلة والضياع، فقد ذهب أورهان أفندي في مهمة محقق، وعليه، فقد ذهب وهو يعلم بعض من تفاصيل "الهول" الذي ينتظره، وكان حرياً بالكاتب أن يستفيد من هذا الشحن النفسي والعصبي ويمط، كثيرا، في التفاصيل البيئية، وفي عمق شخصيات البسطاء من الناس، لقد تخيلت أن فقر هذه المناطق- بوخارست- في حد ذاته مرعباً، وكان ذلك ليحطم أعصاب البطل أورهان أفندي أكثر (نظرا لكل الامتيازات والرفاهية التي يتمتع بها) دون أن يدمر الكاتب حبكته الأساسية باستعجال موت الخصي دنيز - لم أعر اهتماما- أو انزعاجا كبيرا لوصف الكاتب له على لسان أورهان أنه لديه فضول "أنثوي" تكون لديه بعدما فقد ذكورته. ولكن فيما بعد اكتشفت مدى قصور رؤية الكاتب - الذي يعد خطرا اذا أراد كتابة رواية تاريخية تدور في بيئة متعددة الاثنيات مليئة بالنماذج البشرية غير المألوفة -فيما بعد فإنه من جديد يكتب المزيد من المشاهد "الويكيبيدية"، فتصف شيلا الغجرية نفسها بنفس الأوصاف التي يوصف بها الغجر - أو مكتوبة عنهم- في الموسوعات العلمية أو الأنثروبولوجية، وقد نفرني هذا الوصف الأنثروبولوجي الذي يصفه غجري لنفسه، بدلا من أن يحكي قصته الذاتية. هذا غير أن الكاتب بدا لي عاجزا عن كتابة شخصيات غجرية أصيلة - أو شخصيات نسائية أصيلة- فهو قد اعتمد في بناء شخصية شيلا - ليس حتى على شخصية ازميرالدا في كتاب فكتور هيغو- إنما على شخصية ازميرالدا في الفيلم الذي مثلته سلمى حايك. فنفس الموقف يتكرر، ولا ينقذ غرينوار الشاعر من قبضة الغجر إلا حين تتقدم ازميرالدا/شيلا لتخبرهم أنه "لها".
سخافة الحبكة لم يعوضها وجود شخصيات جيدة، فكانت الشخصية أردأ من الحبكة ومن ايقاع السرد "الواقع"، فالنصف الأخير من الرواية كان عبارة عن مونولوغات مكتوبة بطريقة تيار وعي لا تناسب روية "أكشن" ورعب تاريخي. وهنالك مونولوغات الأخوين التي كانت عبارة عن "ردح عابر للقارات" موجه للسلطان العثماني. ليس ثمة شخصية تملك "صوتها" الخاص، فأورهان أفندي يستخدم نفس التعبيرات التي تستخدمها الغجرية، وتلك تستخدم نفس التعبيرات التي يستخدمها حكماء الغجر من العجائز, الخ. وقد كان الكاتب عديم الحيلة لدرجة كتابة السطور التي بالغة الرومانية بالأحرف اللاتينية، فنحصل على صفحة رواية تظهر بها أحرف عربية أحرف لاتينية، طيب ليه؟ والرواية أصلا عربية موجهة لقراء يقرؤون العربية، لن يلتفت أحد من القراء للأسطر الرومانية. أفهم أن ذلك كان سببه أن الكاتب يريد أن يظهر لنا كيف هؤلاء يتكلمون لغة مختلفة عن أورهان أفندي. ولكن الطريقة كانت سخيفة ومبالغ فيها.
المشكلة الرئيسية التي حيرتني أن الكاتب كان بامكانه أن يخلق شخصية بطل جيد، أعني، بطل يجتذب القارئ ويجعله متعاطفا معه، قلقا على مصيره، خاصة أن الكاتب سوف يحتاج هذا للوصول للكاثارزس المبتغى نظرا لخاتمة الرواية المأساوية، ولكنه لم يفعل، بل بالغ أحيانا في خلق شخصية واحد "معفن جداً"، أورهان أفندي اجتمعت فيه خصال الوضاعة، والضعف، والجبن، والخسة، والقسوة والبرود واللامبالاة، والأنانية، والترف. الأسوأ أن الشخصية لم تمر بنضج نفسي، ولم تتحول بنهاية الرواية، بل ظلت على نفسها وضاعتها، قد يمثل ذاك الندم والبكاء الذي أبداه أورهان أفندي بعد موت دنيز الذي كان يعامله باحتقار والذي قد أهانه قبل موته بقليل، ربما، نوعا من التطور النفسي للشخصية، ولكن مع ذلك، فكأنما الكاتب كان مصراً على التنكيل بشخصية بطله، أظهره في ندمه هذا سخيفا، "طرياً" وضعيفا، ليس فيه أي نبل، شحصيا، ليس لدي مشكلة مع شخصيات الرجال الذين يبكون في الروايات، ولكنني أستغرب ردود الفعل المماثلة من شخصية ميزوجينية بالأساس، أي أنه يتخذ موقفا ذكوريا من العالم، فهو يطلب من دنيز أن يحضر له "جارية" موغلا في اذلاله بعلته، ولا يمر النصف الأول من الرواية سوى أن يـscore بطلنا مع الشخصية النسائية الوحيدة في الرواية، شيلا، التي جلبها الكاتب كي يأخذ البطل مزاجه, وكذلك كي يشعر بالمزيد من الطعنات في رجولته، ثم لا يستعيد كبرياؤه إلا حينما يراها تذل وتهان على يد الأخوين في النهاية - ولا يحرك ساكنا ليرد عنها الأذى- بل يشاهدها ويقول لنفسه "هييه أخيرا بتصوت وتلطم وتبكي زي الولايا نياهاهاهاه"- لا بأس في هذه الشخصية القبيحة، أورهان أفندي، ولكنني أستغرب لأنه شخصية شهيد، فالقاعدة الأولى كي تجعل بطلك شهيدا يصل بالقارئ إلى ذروة الكاثارزس - التطهير الدرامي، أو التنوير- فيجب أن يكون شخصية يتعاطف معها ويهتم لأمرها، ولكني لم أفعل، ولم أهتم لشأنه أبدا، وكأنما بهذا دق الكاتب المسمار الأخير في نعش روايته، فليس ثمة شخصية "تنحب" ولا حبكة شيقة، ولا مشاهد ممتازة، ولا أي حاجة.
بخصوص الرعب، يعتمد الكاتب على مقترب من الرعب الرخيص أو المعوي، الـgore،فالهول كله في الوصف الدقيق والغرافك لعملية الخوزقة، والذي لا يقدم فائدة ولا اضافة درامية أو جمالية تُنتظر من عمل روائي.
الطريف أنني قرأت الرواية في فترة كان يحاول فيها أحدهم اقناعي بأن الخلافة العثمانية لم تكن "احتلالا"، وقد شعرت في هذه الرواية بنفس النبرة "الاعتذارية" عن الارث الاستعماري العثماني، ذاك، غير أن هذه الرواية تنتمي بلا شك لحقبة الطفح التركي، والافتنان التركماني وهكذا. ففي الايغال باظهار وحوشية "الكفرة" من الروملية وحكامهم وشياطينهم ما يبرر تصرفات السلطان العثماني ويجعل الوجود العثماني - المسلم- في هذه الأصقاع نوع من "الرحمة"، كما يحلو لأورهان أفندي أن يصفها، وقد تذكرت عبارة سلطان آخر، أعني سلطان السكري، اذ يقول "دا احنا بنشقى ونتعب معاهم يابا".
-
عاصم صالح
هذه تجربة و فكرة جديدة في عالم الرواية السعودية. رواية تمزج ما بين التاريخ و الرعب. و كلا الجانبين يحملان قدرا كبيرا من التحدي للمؤلف. فأن تكتب عمل تاريخي عن حقبة مضى عليها أكثر من 500 عام هو تحدي في حد ذاته و أن تكتب عن هذه الحقبة في منطقة لم يسبق لك الإقامة فيها و عن أسطورة غير موجودة في تراثك فهذا يضاعف من التحدي. و هنا أرى بأن أشرف قد أجاد إلى حد الإمتياز في تناول الجانب التاريخي للقصة بطريقة شيقة
التحدي الثاني و ربما الاصعب هو كتابة رواية رعب عربية . و عندما أتحدث عن رواية رعب عربية فإن أول ما يخطر في بالي هو السلسلة الشهيرة "ماوراء الطبيعة" و التحدي هنا أن تأتي بعمل يحمل إثارة سلسلة ما وراء الطبيعة و لكنه يتجاوزها نضجاً و عمقاً. و أعتقد بأن أشرف أجاد هنا مرة أخرى. فالرواية مثيرة من بدايتها إلى النهاية و لكن الإثارة ليست كل شيء فيها فلربما تثير الرواية أسئلة كثيرة في ذهن القارىء عن الضحية و الجلاد و قد تدفعه لإعادة قراءة أجزاء من التاريخ من منظور الأمم المقهورة. و ثيمة الضحية و الجلاد و تبادل الأدوار بينهما أعجبتني كثيرا. و تكرارها (أورهان و دينيز .. أورهان و شيلا .. العثمانيون و الولاشيون) في رأيي أعطى عمقا للرواية
.
لي ملحوظة صغيرة حول ضعف بناء بعض الشخصيات الرئيسية و منها شخصية شيلا الغجرية. فشخصيتها بدت في أكثر الأحيان قوية و قيادية و لكنها و في آخر الرواية تنهار و تظهر ضعفا لا مبرر له أزاء مقتل الدب و كأنها و طوال حياتها لم تعلم عن غدر و قسوة الشقيقين.
بشكل عام إستمتعت جداً بعمل جديد على المشهد الروائي السعودي و ربما العربي. و ظللت و لأخر أربع صفحات أمني نفسي بمفاجأة ونهاية سعيدة تطفىء شيئا من حقدي على دراكولا و إبنيه بعد كل الفظائع و ادوات التعذيب التي تفنن اشرف في وصفها بشكل بارع
-
طاهر الزهراني
رواية تاريخية خيالية مرعبة، تعتمد على عنصر الإثارة والمفاجأة والتفاصيل الغريبة، بثيمة مليئة بالقتل والدم وفنون التعذيب!
وإذا قلنا بإنها رواية تاريخية فمن الطبيعي الإتكاء على المعلومة بشكل أساسي للحدث يتوازى ذلك مع الخيال.
لغة الرواية سلسة سهلة مواكبة للحقبة التاريخية، وكانت الفصول وأحداثها مترابطة لولا تقنية الفلاش باك الذي يقطعني عن الحدث الرئيس فأتتمنى تخطي فصوله.
أشعر أن الحوار أرهق الرواية، إلا أنه تبادر إلى ذهبني أن الكاتب ربما كان يمهد لنص سينمائي.
***
تجربة ثرية ومثيرة وتستحق الإشادة والإحترام، يحسب للكاتب تفرده في هذا النوع من الفن.
وعلى المستوى الشخصي لم أتماهى وأستمتع بها ربما لكثرة الدماء والخوازيق التي نشاهدها في هذا العصر، فيصبح الإنسان بحاجة لنص يبعده عن ساحات القتل والدم إلى مساحة تنبض بالبياض والحب والجمال.
-
ندى الغامدي
اخيرا عرفت سر العنوان البشع "المخوزق" !!
في الواقع لم اكن اعلم ما معنى المخوزق قبل قرائتي، فكنت اجد العنوان غريباً ملفتاً، ولكن الآن فقط أدركت مدى بشاعة ودموية هذا العنوان .
الرواية ممتعة ولكنها مؤلمة ، تعيش الأحداث ولا تقرأها فقط فالوصف يجعلك تراها مرئ العين، تعيش في هذه الروايه في أحضان الدولة العثمانية، ومهابة السلطان العثماني ،ورعب المخوزق.
في البدايه ذكرتني هذه الروايه نوعا ما بروايات منذر القباني ولكن بعد انتهائي ادركت انها تفوق رواياته بمراحل ،ففي المخوزق الأحداث الحقيقية التاريخية هي أساس الروايه على عكس منذر والتي طغت في رواياته(ما قرأته منها) التاريخيه الخياليه، بالإضافه إلى أن حوارات المخوزق أكثر عمقاً، وأيضاً احترم الكاتب لغته العربية ولم يكتبها بأسلوب الكتب المترجمه واحتفظ بشخصيته أثناء الكتابة ولم يتقمص دور كاتب غربي آخر كما فعل منذر .
أخيراً ،رحم الله كل من مر بتلك الفتره التاريخيه الصعبه والاحداث الدمويه المؤلمة ،آمين.
-
Noor Shroukh
هاعتقد ان الكاتب ابدع
الاحاطة بالخلفية التاريخية ممتازة... اللغة ممتازة... الحبكة غير معقدة ولكنني اعتقد ان ذلك لم يعب النص... كمية الأهوال التي يقرؤها الانسان بين دفتي الكتاب لا تترك في عقله المزيد من الطاقة لاستيعاب اية تفاصيل معقدة!!!
اعطيت الكتاب اربع نجمات ولو انني تمنيت اعطاءه خمسة... لكن كمية التفاصيل التي تقشعر لها الأبدان اصرت على افتناص تلك النجمة!!
باختصار... تجربة جديدة في الأدب العربي نحيي الكاتب لها
بانتظار مزيده