أول رواية أقرؤها لأحمد مراد
الرواية ممتازة في حبكتها الدرامية، في تسلسلها البوليسي المشوق، في تفاصيلها العلمية و التاريخية، في أسلوبها القصصي و الوصفي الذي يجعلك تتخيل المشاهد بدقة... لكنها "عادية" ما عدا ذلك. ليست من ذلك النوع من الروايات الذي نحس بنماء روحي حين ننتهي منها و نفكر فيها لأيام لأنها تركت فينا أثرا و دعتنا إلى التفكير في قضية ما. ليست رواية حاملة لرسالة.
كما أن لدي تحفظات كثيرة عليها :
ـ اللهجة العامية التي تختلط بالفصحى، ليس في الحوار فقط، بل في السرد و الوصف أيضا، و لكوني غير مصرية فقد أشكل علي في كثير من الأحيان استيعاب المصطلحات المستعملة.
- السباب، الشتائم، السجائر، الحشيش، المخدرات، الخمر، الجنس : ثوابت تكاد تلمحها في كل مواقف و مشاهد الرواية. أظن أن الكاتب تجاوز مرحلة "النقد البناء" بتصوير سلبيات المجتمع المصري إلى مرحلة "التسليم" بهذه السلبيات التي لم يعد يعتبرها كذلك. حضورها المزمن في النص يعكس قبولا و لا مبالاة أزعجتني و أقرفتني في بعض المواضع. أليس هناك أمل بأن نقرأ يوما روايات عربية متميزة تعكس الجانب المحافظ و الملتزم لمجتمعاتنا المسلمة؟ ألم يئن الوقت بعد إلى أن نمر إلى مرحلة الإصلاح بعد مرحلة النقد التي دامت طويلا؟
- الفتاة المتحجبة المتناقضة مع نفسها. حجاب موضة أو أكسسوار أكثر منه قناعة و دين. هل تصح المعادلة حجاب + حشيش + رقص + بيرة ؟؟؟ في أحد نقاشاتها مع البطل تقول أنها افضل من غيرها، و تقدم حجة غريبة : أليست مشاهد العري و مقاطع الانحراف تبدأ بمنقبات؟؟ هل تعتقد الشخصية (و من ورائها الكاتب) أن المعنيات منقبات حقيقة؟؟؟ شيء يدعو للعجب !!!
- أخيرا، النهاية بدت لي غاية في الغرابة. ليست هناك عبرة جديرة بهذا الاسم. للأسف...
معذرة، ربما استرسلت في جرد المؤاخذات و غفلت عن إضافة نقطة لصالح الرواية :) الفكرة العامة للرواية عميقة و تدعو إلى التفكير و هي تتلخص في العبارة التي تكررت على امتداد الأحداث "أحيانا نقوم بأخطأ صغيرة لنصلح أخطاء أكبر"... لكنني انتظرت دون جدوى أن يتوصل البطل إلى الخطأ الفادح في هذه النظرية. عمته حاولت من خلال الحدوتة التي روتها له في آخر الرواية أن تصحح مساره... لكننا لم نر أثرا لكلامها فيما بعد