أولى قراءاتي للكاتب الطيب صالح، لمست روعة في الأسلوب تعرفت من خلاله على تلك البقعة من الأرض و ملامح كل شيء فيها،كان شاملاً رغم ايجازه ،شعرت ان بطل الرواية مصطفى سعيد وإن كان له دلالة المنتقم من الاستعمار الذي كسى بلادنا في وقت ما ولم نتحرر منه بعدها ابدا ،ولا يخفى بالطبع ما تحمله الرواية من وضوح لابراز صورة المستعمر المشوهة مهما حاول تجميل نفسه ،الا أنني لم استسغ تلك الصورة من الرغبة في الانتقام فهي صورة دنيا تصور مجتمعاتنا بدنو لايختلف مع حقيقة المستعمر ،كان من الممكن أن يكون للانتقام صورة أخرى أكثر شرفا .
لكنني أيضا نظرت إلي بعد آخر مختلف إلى حد ما عن أي دلالة او رمزية بعدا خاصاً بي وهو اني شعرت أن ذلك البطل صورة لشخصا حرم الحنان من أمه فقرر الانتقام من كل النساء ليعوض شيئاً لطالما ادعى أنه لم يبالي له،وبعد أن قبر أمه بداخله كان مقبرة لكل من عرفنه من النساء،ليؤكد قولاً سمعته ذات مرة وبقي في ذاكرتي "الأم هي الداء والدواء".
وجدتها أقل من الصورة التي رسمتها عنها من خلال شهرتها وحديث القراء عنها هنا اوهناك ،ربما لكثرة ما حملته من صور جنس*ية واشياء ليست عادية بدت كأنها عادية جدا و كأن هذا سيضفي عليها القبول والاعتياد.