اقتباسات مصطفى صادق الرافعي

ثم ضحك الباشا ضحكته الساخرة وقال: كيف تصنع أمة يكون أكثر العاملين فيها هم أكبر العاطلين، إذ يعملون ولكن بروح غير عاملة

ومتى صار الكذب أصلا يعمل عليه، تقرر عند الناس أن الكلام إنما يقال ليقال فقط. أفلست ترى الرجلين إذا أخبر أحدهما صاحبه بالخبر فيه شيء من الغرابة أو البعد، لا يكلمه الآخر أول ما يتكلم إلا يسأل: صحيح؟ صدق؟

فماذا كان يريد أعظم المصلحين الاجتماعيين من قوله: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً"؟ إلا أن يقرر لأمته أن الفرد ينبوع الأجيال المقبلة كلها، فليعمل لها ولنفسه كأنها موقوفة عليه وكأنه مستمر فيها.

لو صام العالم الإسلامي كله يوما واحدا وبذل نفقات هذا اليوم الواحد لفلسطين، لأغناها

أيها المسلمون! ليست هذه محنة فلسطين، ولكنها محنة الإسلام، يريدون ألا يثبت شخصيته العزيزة الحرة

أنقذوا فضائلنا من رذائل المدينة الأوروبية، تنقذوا استقلالنا بعد ذلك، وتنقذوه بذلك

قال إبليس: يا أبا عامر، إن لم أستطع إفساد اليقين زدته يقينا فيفسد، واستحسان الرجل لأعماله السامية قد يكون هو أول أعماله السافلة، وبأي عجيب يكون الشيطان شيطانا إلا بمثل هذا؟

ينادي القبر: أصلحوا عيوبكم، وعليكم وقت لإصلاحها؛ فإنها إن جاءت إلى هنا كما هي، بقيت كما هي إلى الأبد، وتركها الوقت وهرب

القبر فم بنادي: أسرعوا أسرعوا، فهي مدة لو صرفت كلها في الخير ما وفت به، فكيف يضيع منها ضياع في الشر أو الإثم؟

وليست المصيبة شيئاً لولا تأذي النفس بها. وإذا وقع التأويل في معاني النكبات أصبحت تعمل عمل الفضائل، وتغيرت طبيعتها ، فيعود الفقر باباً من الزهد، والمرض نوعا من الجهاد، والخيبة طريقاً من الصبر، والحزن وجهاً من الرجاء، وهلم جرا

:" اعمل يا صاحبي عملك، فإذا رأيت في العاملين من يضجر فلا تضجر مثله، بل خذ اطمئنانه إلى اطمئنانك، ودعه يخلو وتضاعف انت

وقالت لي النفس: وانت ما شأنك بالناس والعالم؟ يا هذا ليس لمصباح الطريق أن يقول إن الطريق مظلم. إنما قوله إذا اراد كلاما أن يقول هأنذا مضيء

ليست دنياك يا صاحبي ما تجده من غيرك، بل ما توجده بنفسك، فإن لم تزد شيئا على الدنيا كنت أنت زائداً على الدنيا، وإن لم تدعها أحسن مما وجدتها، فقد وجدتها وما وجدتك

فإنما أنت كالشجرة الطيبة تأخذ تراباً وتصنع حلاوة

وماذا يُفهم من الفلسفة الأخلاقية النبوية العظيمة؟ يفهم منها أن الشهوات خلقت مع الإنسان تتحكم فيه، لينقلب إنساناً يتحكم فيها؛

وكل حياته صلى الله عليه وسلم دروس مفنّنة مختلفة المعاني، ولكنها في جملتها تخاطب الإنسان على الدهر بهذه الجملة: أيّها الحي، إذا كانت الحياة هنا فلا تكن أنت هناك: أي إذا كانت الحياة في الحقيقة فلا تكن انت في الكذب، وإذا كانت الحياة في الرجولة البصيرة فلا تكن أنت في الطفولة النزقة

ثم إنه لا ضابط لصحة العمل واستقامته إلا النية الصحيحة المستقيمة، فالتزوير والتلبيس كلاهما سهل ميسور في الأعمال، ولكنهما مستحيلان في النية إذا خلصت

فإذا بقلمي ينبعث بهذه الكلمات: كيف يستوطئ المسلمون العجز وفي أول دينهم تسخير الطبيعة؟ كيف يستمهدون الراحة، وفي صدر تاريخهم عمل المعجزة الكبرى؟ كيف يركنون إلى الجهل، وأول آمرهم آخر غايات العلم؟ كيف لا يحملون النور للعالم، ونبيّهم هو الكائن النوراني الأعظم؟

ولا يكون الإنسان الاجتماعي فاضلاً بمشهده حتى يكون كذلك بغيبه

على أوراق الورد ينثرُ الرافعيُ في كتابه قطرات من ندى العشق الممزوج بعطر جمالِ محبوبتيه في صورة طائفة من الخواطر المنثورة في فلسفة الحب والجمال التي أنشأها؛ ليصف حالةً من حالاته ويثبت تاريخًا جديدًا في سطور حياته عنوانه رسائل من محبٍ إلى محبوبتيه، وقد أشار الرافعي أنه لم يُفْرِد هذه الرسائل لمحبوبته الأولى، وإنما أشرك معها حبيبته اللبنانية التي اشتق من وحي جمالها ألفاظ كتابه حديث القمر؛ فهو يمزجُ في هذا الكتاب بين فلسفة الحب وبين صوفية النظرة في طلب ذلك الحب، ويحملُ من خلاله طاقة إبداعية تصور بلاغة فن الإنشاء في وصف لغة الحب الوجداني. ويجمع الرافعي في هذا العمل بين ملكة الأديب الذي يصوغ أحاسيسه ومشاعره ويودعها في قالبٍ فني، ومنطق الفيلسوف الذي يرى أن ذروة المنطقية في الحب كامنة في عقليته.