اقتباسات شادي لويس

نصف مغلقتين كأنها تتألم، أو تؤدي واجبًا مفروضًا عليها. وكانت هذه طريقتها في الأكل، فهي نادرًا ما أظهرت تلذذًا بالطعام، فالجوع شهوة، كأي شهوة أخرى ينبغي قمعها وترويضها. ولهذا كان الصيام وكل آداب المائدة والريجيم والحلال والحرام من الأطعمة.

الأمر العجيب الذي تعلمته في هذا السن الصغير، هو أن كثيراً من المظالم تصبح أقل وطأة علينا، بمجرد معرفة منطقها، وأن أبشعها التي تظل بلا تفسير.

حفرت أعمق في تربة حوش الكنيسة، وتحت كل طبقة من الرمل كانت هناك طبقة أقدم من الرماد، وبحسب سمك كل واحدة ومدى نعومة حبيباتها، كان يمكن تخمين حجم الحريق الذي كان، ومدى ما خلفه من خراب. وتابعت الحفر على أمل أن أصل إلى القاع، إلى البداية، حين لم تكن هناك حرائق، ❝

ايه الجمال ده …كلنا نفسنا نوصل للقاع للبدايه حين لم تكن هناك حرائق

❞ فهي وإن لم تمتلك البلاغة الكافية للتعبير عن وجهة نظرها في العالم بشكل متماسك، كان لديها قناعة، عبرت عنها بالممارسة الدؤوبة، بأن الروتين هو ما يجعل حياتها ممكنة، وأن رتابته هي الشيء الوحيد القادر على جعل العالم على قسوته محتملا"

"أنا عندي استعداد أموت عشان الطبقة العاملة، أتسجن عشان الطبقة العاملة، بس ما أركبش معاها القطر".

كان اكتشاف الغدر المخبوء وراء تلك الابتسامة أمرًا سهلاً ومعتادًا، لكني في كل مرة كنت أستسلم لها بكامل إرادتي ربما ما يزعجني ليست السلطة، ولا الظلم، بل العجرفة المختبئة وراءهما، لكن في كل مرة تواضع ممثليها -ولو زيفًا- واكتفوا بما

تخلق الأعداد مسافة مناسبة من الألم، بعيدة بما يكفي حتى تتوارى تفاصيله، وعلى مقربة تسمح بتعويض الشعور بتأنيب الضمير.

‫ ماتت فراولة قبل أن تشهد هذا الصباح الموعود، ستنام البنت إلى الأبد، فغير البالغين ممن لم ينالوا سر المعمودية، لا يدخلون إلى ملكوت السماوات، ولا يحاسبون، ولا يرون وجه الرب، يظلّون معلقين في مكان بين السماء والجحيم، هائمين إلى الأبد.

لندن معتدة جدًّا بنفسها، وأسيادها ظنوا أنهم مركز العالم، وقرروا أن يقسموا الأرض والسماء من هنا، منتهى الغرور. لكن هذا لا يعنينا كما تعرف، فأنا وأنت ومن مثلنا في هذه المدينة دائمًا بين البينين… لا نحن هنا ولا هناك".

"ليس هناك سر. الماضي فقط أكثر رأفة من الحاضر، وكلما كان أبعد، كان أفضل. أعتقد هذا ما كان في ذهنهم حين بدأوا في تدوين التاريخ. فقط أرادوا أن يشغلوا الناس عن بؤس حياتهم. هل يمكن أن تفكر في سبب آخر

الموتى لا يعانون من فجيعة الموت، بقدر معاناة الأحياء. فهؤلاء التعساء مفترض بهم أن يلملموا أشلاء ما تحطم برحيل الموتى، وأن يستمروا في الحياة كأن شيئًا لم يحدث. وهذه معجزة أكثر إدهاشًا من الميلاد، ولا تقل مأساوية عن الموت نفسه.

"إنت كويس. عندك بيت، ووظيفة. وبتنام مش خايف في سريرك بالليل. مشي أمورك وحافظ على لقمة عيشك. إنت مش عارف الأمور هنا بقت عاملة إزاي. إحمد ربنا، إنت أحسن من ناس كتير".

المسيحية فريدة جدًّا. تجعل المهانة فضلًا، واحتمالها ورعًا. وإلا كيف تفسر أن نصف إفريقيا تحولت إلى المسيحية في أقل من قرن بمجرد أن وصل الرجل الأبيض هناك. حدث هذا فعلًا، وليس لأنها فُرِضت علينا، لكن لأننا احتجنا طريقة لاحتمال المهانة،

فالفراعنة لم يقوموا ببناء الأهرامات، وغيرها من المشروعات الفخمة عديمة المنفعة سوى لسد فراغ الناس في موسم الفيضان، حين لا يكون هناك لا زرع ولا قلع. وذلك خوفًا عليهم من التساؤلات الوجودية، وأزمات منتصف العمر، والوحدة التي تجلب الفكر، وعدم السكينة

فكل محاولات المقاومة في الماضي، ولو من باب إبراء الذمة، لم تصل به إلا لمزيد من التورط في حبائل ما ورثه عمن سبقوه.

كل واحد فينا يجب أن يفعل ما يقدر عليه لنصنع عالمًا أفضل، وأنا أقول لك بكل ثقة أنه لا مكان للرحمة في عالم لا ينال الموتى فيه احترامًا كافيًا، ويصرفون منه بشكل لائق وأنا نذرت الباقي من عمري لهذه المهمة المفدسة.

ومرة التفتت إليَّ امرأة مسنة، كانت تقف أمامي في واحد من تلك الطوابير غير المقنعة وقالت لي بدون أي مناسبة، ما معناه أن مشكلة الحياة ليست في أنها قصيرة كما يظن الشباب عديمو الخبرة، بل العكس تمامًا، فهي طويلة أكثر من اللازم.

الماضي فقط أكثر رأفة من الحاضر، وكلما كان أبعد، كان أفضل. أعتقد هذا ما كان في ذهنهم حين بدأوا في تدوين التاريخ. فقط أرادوا أن يشغلوا الناس عن بؤس حياتهم. هل يمكن أن تفكر في سبب آخر لقراءة كتب التاريخ؟

البلد بطولها وعرضها سجن واحد كبير، البيوت زنازين، والمرء سجّان نفسه، كل بيت عالم لوحده، مثل جزيرة معزولة في بحر من العمى.

يشعر الأطفال بالعار أيضًا، أسوأ أنواع العار، العجز المطلق أمام الكبار.