اقتباسات محبوبة محمد سلامة

أُحبُّ سماع الأسماء من فم أهل القرآن، أجد في ألسنتهم رِقّة، وفي ألفاظهم أناقة؛ فأشعر بالاسم يصل لقلبي شامخًا وقورًا عطرًا، لا مُستأسِدًا ولا مُتمايعًا… ‫ فحيّا الله كل لطيفةٍ ولطيفٍ تأدّب مع الحروف؛ فأنزلها منزلها من شفتيه، وجمع قوتها ....

ومررتُ على مُعلّمةٍ للحروف تُجلِس الأطفال ببيتها، تسكُب فيهم القصة وتشرح لهم العِبرة، تمسَح على رؤوسهم وتُهدئ أوجاعهم؛ سلمتُ عليها؛ فحدثتني حديث عِلمٍ: ‫ ـ مهما تحدّث العلماء عن مخارج الحروف وحصرها بين الحلق والفم، فما أزال أرى حروفًا وَجَب لها مخرج ثالث!

كلفظ أحبك حرف إيضاح منشؤه القلب.

مبدأ القدوة في الصلاة هو المبدأ نفسه الذي نحتاجه في التربية، فلنجعل من أنفسنا قدوة ‫ فكيف. ‫ آمرهم بالصلاة وأنا أتركها لآخر الوقت! ‫ آمرهم بحفظ القرآن وأنا لا أبذل جهدًا في تحفيظهم ومتابعتهم! ‫ آمرهم بالأدب معي وأنا عديم الأدب مع أقرب الناس مني.

‫ ـ تقفين على عتبة الفجر، الكون صامت من حولكِ، الليل يرقبك، النجوم تسمع، الرياح هادئة على غير العادة؛ حينها تقررين أنّ هذا أعظم إحسان تقدمينه لنفسكِ ولهم؛ فترفعين يدكِ إلى السّماء، إلى ربّها، وتهمسين همسًا أخيرًا باسمهم: ‫ «يا روحهم..كوني بخير»

لا حاجة لكِ بآراء الناس لتري نفسكِ، تعلمين ما أنا مقتنعة به حقًّا؟

‫ ـ ماذا؟

‫ ـ أن استيقاظ المرأة منّا وقيامها من فراشها في حد ذاته وجه من وجوه الإحسان.

وحزن النساء يفقدهن جمالهن ويزيدهن ضعفًا. وثبت علميًّا أن الحزن يؤثر على الغدد المفرزة للهرمونات الأنثوية، فكم حزينة شحب لونها!

‫ قال الرسول ﷺ: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم، يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم».

يقول العرب:

‫ «إنّ حُبّ الخير للغيرِ خير، وإن عجَزَت عنه المقدرة».

يقول أبو أمامة: ‫ ـ «ففعلت ذلك، فأذهب الله همي وقضى عني ديني» ‫ ديننا. ‫ دين عظيم، يُشرِق في نفوسنا الرحمة، ويؤصّل في أفئدتنا البرّ والتقوى، فنرى من يحرص منهم على قلبه يحرص كذلك على اللطف بعباد الله .

قال أبو أمامة: ‫ ـ «بلى يا رسول الله!» ‫ قال: ‫ ـ «قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال

«يا أبا أمامة، ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟» ‫ قال أبو أمامة: ‫ ـ «هموم لزمتني، وديون يا رسول الله» ‫ فقال له رسول الله ﷺ: ‫ ـ «أفلا أعلِّمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب عنك همك وقضي عنك دينك

يقول الإمام القرطبي في ذلك: ‫ ـ «فعاتبه الله على ذلك؛ لكي لا تنكسر قلوب أهل الإيمان» ‫ ونسمع. ‫ عن رسولنا ﷺ كذلك أنّه ذات يوم دخل المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له «أبا أمامة»، فقال: ‫

«حينما تتحدث الشفاه لا تتعطّل الأذن» ‫ قاعدة يجب أن ننتبه لها، فالمتكلّم معنا ما زالت أذنه تعمل، ينتظر من مستمعه تأكيدًا واطمئنانًا وأمانًا، ينتظر مجموعة أشياء قد يعوّض عنها كلها كلمة واحدة إذا سمعها؛ سقطت عنه جبال الشك والرهبة .

هناك كلمات يلقيها الإنسان على سمعِ أخيه تُعرّي فيه شموخه وكبرياءه، كأن يقول له: «أحتاجك»، هذه الكلمة ثقيلة جدًّا على لسان قائلها، خفيفة على أُذن سامعها، صادقة، مُخجِلة، موجعة، متواضعة.

‫ كأنّها الفرق بين العزة والذل، والقوة والضعف، والفقر والغنى.

لا يقول كلمة السلام لمُتعَب، ولا يستلّ سيف الهِمّة، أو حتى يدخل حربًا بالقلم في رسالة لأجل أحد، يقضي العمر يتفنَّن في إقامة جدران عزلته، ويغفل عن أن معنى الإنسانية والحضور هو معنى كريم ونبيل وصادق، عزيزٌ من ظلّ إنسان .

‫ لا أحب الأقلام الداعية إلى العزلة والغياب وترك شؤون الأيام وأحوالها، وتجاهل أفراح الأُمّة وأوجاعها، وما شابه ذلك أو جاوره لفظًا ومعنى؛ لأننا نجد حينها بين أيدينا جيلًا أنانيًّا، مُحبَطًا ومُحبِطًا، لا يُعلّق زينة الفرح لصديق.

هذه الأماكن تبقى عزيزةً غالية، لا يصحُّ هجرها أبدًا، فشيءٌ من اللطف يسكن الجمادات التي تشاركنا أحبتنا، نقف على رؤوس الأماكن، نبتسم لذكراهم فيها… ‫ هاهُنا جلسوا، وهاهُنا أكلوا، ضحكوا، سكتوا، حزنوا، فرحوا، ناموا، وهاهُنا قاموا نتخيّل مرورهم كله، وحديثهم .

معنى قوله: «إذا أراد اللهُ بعبْدٍ خيرًا عَسَّله»؛ أي: طيَّب ثناءه، وقال بعضهم: أي جعل له من العمل الصالح ثناءً طيبًا كالعسل ‫ وجاء في مقاييس اللغة: ‫ «إذا أراد الله بعبْدٍ خيرًا عسَّله» معناه: طيَّب ذِكْره وحلَّاه في قلوب الناس بالصالح من العمل.

وقائد الفرْس هو "الفيرزان"، كلا الفريقيْن يبذلانِ كلَّ الجهْد والدّم والأرْواح، حتّى أذِن اللهُ للمسلمين بالنّصر المؤزّر، بعد تضحياتٍ كثيرة ‫ وبعدَ انتهاء المعركة، وعَدّ القتْلَى، وإنقاذِ الجرْحى؛ لاحَظَ "حذيفة بن اليمان"، والذي تولّى قيادةَ الجيش بعد استشهاد "النّعمان"، تبيّن له أن الفيرزان ليس في القتلى، وأنه فر من القتال.

كان بجيش "هارون الرشيد" عشرون ألف جنديّ لا يكتبون أسماءهم في "ديوان الجند"؛ فلا يأخذون رواتبَهم، لكنْ كان لا يهمّهم غير ألّا يعرفهم أحد، يكفي أنْ يعرفهم الله.