بعد كتاب ايمان مرسال صاحب الضجة ( كيف تلتئم ) و كتاب شافاك من قبله ( حليب أسود )
يأتي هذا الكتاب ليُصنف معهم لكنه قد تمكن من الوصول لشريحة أكبر
الكاتبة هنا قريبة من تجربة الكثير ، الأمومة لأول مرة وحيدة ، شبه وحيدة بوجود زوج يغيب ليحضر ليعلق على تركك ل علبة لبن مفتوحة ، فيكون وجوده احيانا أقسى من غيابه الكبير
رغم أن الحالة هنا ايضا عن زوج معين و بينهما يوما ما حبا ،، فمازال هناك شريحة تعاني مع زوج كالغريب تماما بلا توافق ماضي و لا أي رصيد يحتمل .
يسمى اكتئاب ما بعد الولادة
و يعجبني عدم ذكر الكاتبة لهذا المصطلح
أولا لأنه مصطلح مستفز و لسبب ما يقلل من الأمر
كأنه يقول السبب في المسمى و خلص الموضوع
ثانيا لأن صاحبة المرض لا تحب ذكر اسمه ، ايا كان المرض ، فلا مواساة في أن تردد على مسمعي او عيني اسم مرضي
ناهيك أنه اسم أصبح كالوصمة
لأنه يربط بين الهرمونات ( وصمة النساء الكبرى ) و الاكتئاب كحالة خاصة بالنساء و الولادة
فيبدو أن الأمر بسيط أو عرف سببه فلتسيطرن عليه يا أمهات !
لا لااااااا
الأمر صادم لنا جدا و مفاجئ ، يبدو كشيء يحدث في كيميا المخ و الجسد فعلا
قد تصحو يوما و في جسدك طاقة و عزيمة و ربما ضحك
و تصحو يوما و تتعجب كيف يعيش الناس بل تتعجب كيف عشت انت !
تلوم نفسك على إنك لم تنم جيدا و أهدرت وقتا ذهبيا حيث الطفلة نائمة ، ثم تفكر كيف أصلا نمت بكل هذة السهولة في أوقات مضت
كيف أنام في هذة الحياة و مع هؤلاء الناس
كيف أنام و هذة حياتي تضيع و تهرب مني
كيف أنام و لا أعرف ماذا أفعل بنفسي و بحياتي !
أعجبني تحليل الكاتبة بلطف و دون عويل أو تنظير نسوي لتفصيلة ، الداخل و الخارج
و أننا جميعا نحتاج حياة فيها احتكاك بالخارج ، و إلا تقعرنا على داخلنا و صرنا متخلفين و حواراتنا حوارات ستات الحارة المنصبة على الداخل
و تحليل الفرق بين عالم الرجال المتماسك
فالرجل لا يفهم كيف تعاني من هي نائمة في بيت جديد و بجوارها طفلتها الجديدة !
و عالم النساء المتداعي المتشابك المنهار أغلب الوقت
أعجبني أنها تناولت هذة الأمور كوجهة نظر شخصية الكتاب فقط و ليس كمنظور نسوي أو ندب للذكورية أو أو
هذة فعلا احاسيس حقيقية و تحاول أن تفهم أين و متى حدث الخلل
أعجبتني تفصيلة اخرى عن الفارق بين منطقة بها عمال بناء يشيدون و منطقك اخرى قريبة في نفس البلد تُقصف من العدو
هذا هو الحال دوما ، حتى في نفس البلد ، لا يعاني إلا المنطقة التي في تماس مع العدو
هذا ما حصل في مصر ، حيث السويس فقط شعرت بالحرب و كانت القاهرة بعيدة جدا عن أي مظاهر لحرب ما
بل القرى الأبعد أبعد و أبعد
هذا ما رصده نجيب في رواية ( الباقي من الرمن ساعه ) و كان ايضا في ( كل شيء هاديء على الضفة الأخرى )
لكننا ننسى دوما و تأخذنا المشاهد المنقولة لتوغل صدرنا و تشعرنا بالتقصير
و ايضا يفتح من هم تحت القصف النت فيرون عالمنا المستمر في عاديته فيغضبون
و الحقيقه أن هذا أمر عادي ! لكن متابعتنا لبعضنا
نحن نرى حربهم و هم يرون حياتنا
هذا هو الخلل المربك الذي يضاعف الألم
على الطرفين
الرواية أو الكتاب أو الدليل الشخصي لأوجاع الأم الوحيدة ، ثوب أزرق بمقاس واحد ،، اكتشاف شخصي ليا و أبهرني كم التشابه حتى في تفاصيل الحوارات و المواقف !
شكرا هيڤا نبي و شكرا أبجد و شكرا أستاذة نجمة إدريس لتعريفي بالكتاب