ماذا كنت أتوقع من "بورتريه لأبي العلا البشري" ؟
منذ أن بدأت قراءة هذه الرواية وأنا أفكر فيما سأخبر عنها، لأنه لا مفر من أن أكتب عنها.
الطريق طويلة، والطقس بارد قليلا، وعقلي يخبرني بأن اليوم هو يوم الرواية المنشود.
مكان الأحداث: مصحة نفسية.
زمن الأحداث: هامش حرب العراق.
الأبطال: نحن بصورة ما.
أنهيتُ الرواية في جلستين، بينهما شهرين، لم اتحمل البقاء معاها /في المصحة دون استراحة.
أكبح رغبتي في إفشاء التفاصيل، أسماء الأبطال، الأطباء، قصص مرضهم، معرفتي الضئيلة بمعاناتهم، انتهاء الرواية نهاية مثالية جعلتني أحتاج لإعادة قراءة الرواية مرة أخرى.
عوضا عن ذلك، سأثرثر عن الألفاظ واللغة، وسؤالي الدائم كيف تسللت هذه التراكيب إلى ذهن الكاتب، مما استوحى تلك الأسماء، والأمثال، والنكات!
مما استوحى هامش الزمن ذاك، لاشيء مغري في تلك الفترة سوى حرب العراق، غزو الأمريكان لبغداد، كيف استطاع أن يوقفني في الصباح مثلهم تنازعني رغبة البكاء والبصق أمام الشاشة.
في الرواية الأولى التي قرأتها لأستاذ باهر "سفر المغيب"
وقفت عند القصر، عند الرصاصة التي انطلقت من مسدس المناضل قبل لحظات /سنوات قليلة من اندلاع ثورة يوليو ٥٢.
يكتب أستاذ باهر كروائي صفحة واحدة/ قشرة واحدة من أي زمن فيجعلها مميزة، مميزة بشيء قذر وزاهي بصورة غامضة، هذه هي الحياة، وهكذا يكون الفن، يرسم هو بالفعل يرسم الزمن ويلون لنا رؤيته له.
أقسم أنه لو كتب عن المستقبل لأخذ منه ما لن يخطر على بال بشر ويقدمه لك تاركا في حلقك اندهاش لا يمكنك وصفه مهما تجرعت منه.
يتركني مندهشة كل مرة..
مصحة نفسية/ وطن عربي كامل منهوب يتابع تدنيس أراضيه/أقصى ما يمكن أن يفعلوه هو التمثيل...
التمثيل/ التدليس
و أقصى ما يمكن أن يفعله المجرمون اقصائهم بعيدا... نفيهم إلى حيث بقعة نبذهم الأولى، كأنما يعاقبونهم على حتى الانتفاضة المكتومة هذه، الانتفاضة التي ذُعروا عندما لم يوبخهم أحد عليها
أجلس الآن أراقب أنفاسي وتقلصات معدتي وأكبح أسئلتي؟
ما الذي حلَّ ببقية مقيمي السرايا؟
هل طرحت الأسئلة الصحيحة أصلا؟
ليست مراجعة ولا رأي ولا شيء سوى أنني سأظل ممتنة لكل كاتب يحترم عقل قرائه ولكل كاتب مميز يجعل مني قارئة مميزة.