"محمد أفندي كما تعرفون من حمَلة الكرابيج في البلد…بسم الله ما شاء الله صرف عليه أبوه حتى ربّاه وصيّره من حملة الكرابيج، ولسان الكرابيج فصيح، خاصةً مع المواشي أمثالنا." - الأوباش لخيري شلبي 🇪🇬

رغم أنها ليست أفضل أعماله (لا ترقى لعظمة وكالة عطية أو بغلة العرش أو صالح هيصة)، إلا أن البنية الأدبية لأحداث الأوباش تجعل منها عملًا بالغ التماهي مع الواقع المركّب للريف المصري في زمن السرايات والخوليّة والأنفار الذين يكدّون وتضيع حقوقهم وتُمتهَن آدميتهم عامًا بعد عام.

يتداخل في الرواية خطان دراميان يضفر شلبي من تداعياتها ظرفًا إنسانيًا لطالما ارتبط بالمهمشين، فهناك "السَّعي" الذي يمثله طلعت والأنفار الغرابوة المتهمين دومًا بالسرقة وسوء السلوك، وهناك كذلك "القمع" المتمثل في فساد العمدة والباشكاتب والخولي، ويفرز تداخل الخطَّين لغزًا حول جريمة قتل وحول تجارة ممنوعة ينخرط فيها رجالات الأمن.

كعادته، يبدع شلبي في رسم لوحات ريفية حية ساحرة رغم فظاظة واقعيتها، مستعينًا بمواويل وأحجيات شعبية لتطعيم المتن بفصوص يجدها القارئ فولكلورية وإن كانت قيمتها التوثيقية هائلة. ختم شلبي روايته يتصاعد درامي رهيب، يحبس الأنفاس، ويضعنا أمام تصوّر واضح لثورة عارمة تترجم مكنونات النفوس إلى بطش وطيش.

من المؤسف أن القارئ من الأجيال الأحدث (أو ممن لا يفقه واقع ولغة الريف) لن يفهم الكثير من المصطلحات والمفردات في أعمال شلبي وغيره من جيله، إذ أن كلمات مثل "القيدة" أو "الساجة" أو "الزراريق" غير متداولة في المدن، وأقترح على دور النشر إفراد صفحة أو اثنتين في نهاية الكتاب لشرح تلك المفردات كي يعيها عامة القراء.

‏#Camel_bookreviews