❞ "لا أحد يضع أبناءه في قارب موت إلّا إذا كان البحر أكثر أمانًا من الوطن ❝
من القلب الدامي للبنان، الوطن الذي كان يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة استكملت حلقاتها بانفجار المرفأ في الرابع من آب، فأصبح السبيل الوحيد امام ابناءه هو الهجرة بأي وسيلة حتى لو كانت نسبة الموت فيها أكبر من الحياة.
بطل الرواية 'سلطان' يبحث عن وسيلة للهجرة بحثا عن حياة جديدة بعيدا عن حياة المقابر التي ولد ونشأ بها.
لكني لم أحس بتعاطف ناحية سلطان لعدة أسباب تدل على خلل في تكوين شخصيته، فجفاوته لأهله وخصوصا رفضه لأباه لا ينم عن شخص طحنته الظروف، ولكن ينم عن كره موجه وتحميل للمسئولية تجاه أباه كونه فقيرا معدما، وكذلك حبه وتعلقه شبه المرضي بوداد لا ينم الا عن نزعة تسلقية ليست بالضرورة مادية لأنه عاف عن أخذ مالها، ولكن أرى أنه أحبها لأن ارتباطه بها يسمو به عن بيئته، وهو ما تجلى في ردة فعله عندما زارت بيت أهله وشعوره بالخزي من أمه وأبيه.
السعي لحياة أفضل مطلوب ومحمود طبعا، ولكن يجب أن يكون هذا نابع من قلب راضي بالقدر وممتلئ بالحب لمن كان سببا في وجوده، فالإنسان يحب أهله فقط لأنهم أهله وليس لما يقدموه من وضع مادي واجتماعي.
أعتقد أن أحداث القصة قد لقنت سلطان هذا الدرس بعد فقده لوداد واضطراره لممارسة مهنة أبيه بعد مرضه، فلما جاءت فرصة الهجرة في النهاية كان قد وعى الدرس، أو هكذا أرجو.
محمد متولي