ناقة الله⁩ > مراجعات رواية ناقة الله⁩ > مراجعة Hager Hegazy

ناقة الله⁩ - إبراهيم الكوني
تحميل الكتاب

ناقة الله⁩

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

تستطيع القراءة وحدها ان تسافر بك عبر المكان والزمان الى مواضع من المستحيل ان تصل اليها بجسدك ..وحكايات ازمنة لم تعرفها من قبل ... وحدها القراءة تسافر بعقلك و روحك و وجدانك ... وانا لم اذهب الى هذا المكان و لا هذا الزمان من قبل ...ولم اقرأ لغة الكوني من قبل .. المكان ( الجغرافيا ) : الصحراء الكبرى ... شمال قارة افريقيا ..

الزمان ( التاريخ ) : ستينيات القرن العشرين بعيد الحرب العالمية الثانية .. وقت تقسيم الصحراء الكبرى على دول الجوار ..

اللغة : سحر ..جمال .. وابهار لا يوصف ..

رواية عن الصحراء ....الاغتراب ...الترحال ...الحنين الى وطن ضائع.. ومحاولة ايجاد ترياق لداء الحنين ذاك

رواية ضاعفت شعوري بالاغتراب .. وبالتيه في عمق صحراء ابتلعتني منذ زمن ...

القراءة عن الصحراء تجربة انسانية روحية فريدة .. تجلو البصيرة وتنقي النفس وتوسع افق العقل ..

بكل ما بها من حكمة واسرار و حكايا وخبايا لا منتهى لها .. روايات كثيرة تحدثت عن الصحراء .. لكن بهذا التفصيل وهذا العمق وهذا الجمال تتفوق هذه الرواية..رواية تحكي فلسفة الصحراء ... رحلة البحث عن الحكمة في تلك الصحراء وفي تلك الناقة ... وفي الحرب .. وفي الوطن .... الصحراء باتساعها و وحشتها وقسوتها وغموضها.... رحلة البحث عن الله في كل هذا ..

* المكان ( الجغرافيا ) :

وصف تفصيلي ساحر ... لجغرافيا الصحراء .. لماذا لا يدرسون لنا الجغرافيا بهذا الجمال .. ؟ (( هل مُصادفة أن تكون المياه التي تحدُّ الصحراء بعدَدِ أركان الدنيا الأربعة؟ )).. ... مرتفعاتها ...منخفضاتها ..نباتاتها .. مراعيها ..حقول الملح فيها ..قبائلها ...تجاراتهم ..قوافلهم ..عاداتهم وتقاليدهم ومساكنهم وطعامهم .. وكأنك تقرأ حبات رمالها ..

* الزمان ( التاريخ ) :

هناك قصة كبرى ..هي قصة قبائل الصحراء الغربية .. الطوارق .. الملثمين .. وتيههم في الصحراء فرارا من مستعمر يمد بطشه على المنطقة ..في محاولة منهم للقضاء على هذا العرق ((حملة صيد الأقنعة )) وتحالفات ومنازعات مع دول الجوار .. في فترة حرجة من التاريخ فيها ترسم حدود دول هذه البقعة الهائلة الحجم من العالم .. الصحراء الكبرى .. فقبل ذهاب الفرنسيين من المنطقة زرعوا فتنة كبرى حين قسمو الأرض و منحو ما لا يحق لهم من الارض لمن لا يستحقها من الناس .. حين اقنعو السود في الجنوب بأرض يسكنها عرق ابيض وهو الطوارق فاشرعوا سكاكينهم تقتيلا وتشريدا و حرقا ونهبا .. لعن الله الحرب ... لعن الله طمع الانسان .. لعن الله المجرمين ..

و هناك قصة صغرى .. قصة واحد من هؤلاء الملثمين (اسيس ) وناقته العجيبة ( تاملالت ) هائمان في الصحراء ..هاربان من جحيم الحرب الى الشمال .. حكاية عشق وجنون .. حكاية وجد صوفية .. الناقة تحن الى الوطن المسلوب ويصيبها الجنون (( فالحرمان من الاوطان هو إمام البلايا الذي لا يملك المحرومون له ترياقا ))..تهرب الى الجنوب (( وكل ذنب كائن مثلها هو عجزها عن فهم معنى أن يقترف الكائن رذيلةً اسمها الحرب في حقِّ قرينه الكائن، فيعمل على نفي الكائن في نيّةٍ للبطش بالكائن، فلا يجد مفرًّا من الفرار إلى أبعد أرض طلبًا للنجاة )) ..يتتبعها اسيس .. ابداع مدهش في وصف تتبع اثر الناقة بين تضاريس الصحراء وكأنه يرى مسارها ويشهد حركاتها رأي العين.. وهو ساكن الصحراء الخبير بدروبها وبقراءة لغة الأثر .. يردها اسيس ويحتوي جنونها.. ويهدئ جموحها في حنان .. فتبكي بين يديه .. فيغني لها الألحان .. فتسكن .. ثم تبقى مسالمة فترة من الزمن حتى يعاودها الحنين ويمسها الجنون .. فتشرد .. ويعاود صاحبها الكرة ... في بحث محموم عن الناقة .. عن المعشوقة .. عن الوطن .. وعن الله ...

* اللغة :

لغة الكوني عجيبة .. بما فيها من مفردات و مشتقات لغوية تدل على ان ما زال في اللغة العربية اراض بكر ( تماما كالصحراء ) لم تطأها الاقدام .. وان فيها شعابا واسرارا ( تماما كالصحراء ) لا يعلمها الا القليل .. استعارات وكنايات مذهله .. تراكيب الجمل مختلفة عن كل ما قرأت .. فيها سراب ساحر يجذبك جذبا اليها كالنداهة فتظل تقرأ وتقرأ بلا نهاية وبلا ارتواء (تماما كالصحراء )

احداث قليلة .. شخصيات قليلة ...ولا حوار تقريبا... صمت وخواء (تماما كالصحراء ) فقط تضاريس لغوية بديعة و جمال لا ينتهي ( تماما كالصحراء ) لغة الكوني تماما كالصحراء ..جميلة ..بكر .. و عصية .. قد يراها الكثيرون مملة .. فان كنت تحب الروايات التي تعتمد على الاحداث والتشويق ..وتضج بالروايات المعتمدة على اللغة والوصف والفلسفة فربما لا تعجبك هذه الرواية ..

* يطلق الكاتب تساؤلات عدة ..

- عن الحياة والموت ..

- عن الوطن والحرية ..

- عن معضلة الشر : لماذا يبتلى بالحرب والخراب من لا ذنب له ؟ وأين عدالة الدنيا ؟ (( إذا كنتَ تتحدَّث عن عدالة الدنيا، فاعلم أن تلك هي العدالة التي لم نُعوِّل عليها يومًا، لأنها العدالة التي لم تُنصِفنا يومًا.)) و أين عدالة السماء اذا ؟؟ ... ‫(( بليَّتنا أننا نطلُب قصاص السماء بناموس الأرض، وننسى أن حسابات السماء تختلف اختلافًا قطعيًّا عن حسابات نواميسنا الأرضيّة، وإذا كانت تختلف بحكم طبيعة المكان فكيف نُنكر أن تختلف في طبيعة الزمان ايضا ))

- هل من الحماقة قتال عدو يفوقنا عددا وعدة ..هل السلم اكثر حكمة ؟ .. ام ان الحرية تستحق ان تذرف الدماء في سبيلها فإما نصر وإما شهادة ؟

(( ‫ ثأر الدنيا يُكلِّف الضحايا غاليًا، أمَّا ثأر الله فأعظم شأنًا برغم أنَّه لا يكلِّف شيئًا، اللهمَّ إلَّا إذا كان التسليم ثمنًا جسيمًا! ))... لكن حقا التسليم ثمن جسيم ..ما أصعب التسليم .. وما أصعب الإيمان أمام كل ما يحدث من جنون ومجون الحرب .. لعن الله الحرب .. لعن الله طمع الانسان .. لعن الله المجرمين....

- يحاول الكوني فك احجية الوطن .. ماهية الوطن وتعريفه .. و ما الذي يخلق الحنين اليه .. ما الذي يجعلنا نقاتل من اجله .. ونغني له .. ما الذي يجعلنا نطلق على بقعة بعينها وطنا وكلها ارض الله تظلها سماء الله وتضيؤها (( سبيكة الذهب)) كما اسماها الكوني .. في كل هذه الصحراء المترامية الاطراف المتشابهة الاطراف لماذا تشرد الناقة صوب تلك البقعة ؟ يطاردها صاحبها فيردها فترتد عائدة ليكتشف انه مثلها يحن ... فهل سيواصلان الرحلة الى الوطن ؟ ام سيرتدان الى المنفى ؟ هل يصلان الى فردوس الوطن ؟ ام يتيهان في الصحراء الى الأبد ؟

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق