"أبحث في القاهرة عن حي قديم، عن زقاق رطب، عن وجه صديق، ولكن مدينتي صارت غريبة, صوت الشعراء فحيح، جعلتني سنوات الهزيمة شيخًا بلا حكمة، وسكن في قلبي البوم." - وقفة قبل المنحدر: من أوراق مثقف مصري لعلاء الديب 🇪🇬

يؤرّخ الديب في هذا العمل لثلاثة عقود امتدت من ١٩٥٢ إلى ١٩٨٢، وهي عقود فارقة في تاريخ مصر ومحيطها منذ ثورة/انقلاب الضباط الأحرار مرورًا بالنكسة فحرب أكتوبر فاتفاقية كامب ديفيد. يشخصن الديب تاريخ هذه المرحلة المركّبة من واقع مذكراته وتجربته كشاب تقلّب بين المذاهب والتيارات يحثًا عن صوته ومنهجه، فيسوق المكاشفة تلو الأخرى، ويصير شاهدًا على العصر دونما نية تأريخية.

انشغل الديب كثيرًا بدور المثقف وموقعه من المفترقات التاريخية، فيشكو مؤكدًا أن "الأدهى والأمرّ أنّ أغلب أحلام المثقف مرتبطة بفهم الواقع، بل وبالعمل على تغييره." كذلك، يطلعنا الديب على حجم الهزة النفسية التي صاحبت النكسة ومن بعدها التطبيع، وما صاحب ذلك من تهاوي الأيديولوجيات، ويستدرك: "صار أغلب البشر المحيطين بي حالات أو نماذج، أما الإنسان فقد أصبح نادرًا."

بطبيعة الحال، تأثر الديب كثيرًا بتجربته الصحفية المحبطة في بداياتها وبتقلّبه بين البلاد، فيصف لنا حياته في المجر الاشتراكية وفي إحدى نواحي الخليج معدوم الهوية، فلا نستشعر سوى مرارة تحيل الأيام رمادًا شاهدًا على مُحترق الأحلام.

#Camel_bookreviews