التجربة الإدراكية في سرد منتصر تستطيع الانطلاق من اللحظات المتكررة في الصباحات والأمسيات الكونية، وفي تجارب القرابة والصداقة والجيرة الاجتماعية، في البيوت المغلقة والأسواق المفتوحة، في الألعاب التي تبدو بريئة والتجارة التي تربح فيها الذات معرفتها بقدراتها التقويمية، في الحوارات التي تعكس صورة المتكلم والمستمع، والأوراق الخاصة التي سطرت فيها الشخصيات بعض ملامحها بخطها المستعصي على القراءة، وتحتفظ بحقها في أن تظل مغلقة قدر الإمكان إلا إذا توافّر لها المتلقي الذي يجمعه بكاتبها معاناة المرجعية التي تكونت منها خبرات ذهنية وحدسية تسمح بالالتقاء في منطقة جاذبية تؤهل لرحلة معرفية لها جمالياتها الكاشفة لماوراء الصورة التعبيرية، متعة قصص بصورة مفاجئة يعيشها القارئ في منطقة أفق التوفعات الثرية الممتدة في تكوين دائري حافل بالمشاعر التي لا تقال والأفكار التي لا يعلن عنها ظاهر النص، أفق توقعات تسير فيه ذاكرة القراءة الجميلة بين سارد كتوم حافظ للأسرار، يقربها إليك ولا يمنحك إياها، وقارئ يبحث في الأشياء عن الروح المشتركة بين البشر، وخصوصية كل ذات في صياغة سردية داخلية خاصة بها تكاد تلامس من يصافحها بيد منحت القلم محبة واستخدمته كحصان الشطرنج الذي يتنقل من خطوة مركزية بين خطوتين، السر في ذاك المربع الرابط في السرد بينك وبين الراوي، أو بينك وبين العالم الحافل بالجمال لكنه يحتاج إلى من يحترم بوحه وصمته، ويعي الخطوة التي يتخذها ناحية من يمتلكون مودة مستورة في منابع أزمان الوصل