"يكبرني أخي بعامين، وأكبره بعدد الذين شهقوا وهم يلجون قصائدي، ووجدوا أنفسهم هناك، كمن يدخل بيت المرايا، ويستمرئ صورته المتعددة، والمتشظية، والمشوهة، فلا يكف عن الدخول، لكم أغلقت الباب دون بعضهم، كما فعل بائع الحلوى!"
جاءت الجملة السابقة ضمن قصة "نصف بصلة" من مجموعة "اليد التي علقت المرآة" للكاتبة والناقدة هدى جعفر، جملة تستدعي القراءة وإعادة القراءة والتساؤل في كل مرة: هل يمكننا النظر لانعكاسهم في المرايا، هل نمتلك الجرأة لنرى الجميع كيفما كانت ملامحهم ونواياهم؟
إنّها المجموعة القصصية الأولى للكاتبة والناقدة هدى جعفر، وقد صدرت عن منشورات جدل الكويتية في سبتمبر 2023، أتت المجموعة في سبع قصص احتضنتها شوارع صنعاء، وعدن، وتعز، وأخرى جيء بها من فضاء إنساني عام بلا حدود جغرافية، وجاء السرد مهيمنًا بصوت المتكلم في ست قصص عدا "صلاة مسعود" التي جاءت في ختام هذه المجموعة.
جميع القصص دون استثناء جاء فيها الحوار الداخلي بصورة جلية ليرسم مسارات الحكي.
تعدّدت التقنيات الفنية التي استخدمتها الكاتبة بوعي تام، فقد امتازت القصص بوصفٍ تفصيلي للأماكن، والروائح، وملمس الأشياء وكأن ناقل الحدث يصّور الأحداث بعين كاميرا سينمائية لا تغفل عن زاوية أو انعكاس ظل، وبالرغم من غزارة الوصف وقربه للطابع الروائي إلا أن وظيفته في القصص كان أحد الأركان التي استقامت بها المعاني المرجوة، كما زخرت المجموعة بالطابع اليمني الأصيل في المأكل، والمشرب، والبناء والتصميم الداخلي للبيوت والأثاث، حتى الأغاني اليمنية وأسماء الألعاب الطفولية شكلت حيزًا يعطي للمجموعة خصوصيتها وتفردها بطريقة تسلب عقل القارئ، وقلبه وروحه، فللمجموعة قدرة على كشف خبايا وعرض تفاصيل دقيقة قابلة للمس بكل الطرق.
أحببت هذه المجموعة القصصية جدا