❞ استسلام أغلق جفنيها بقوة، وكأنها تحاول سدّ ثقب في سدّ هَرِمٍ متصدع. دوارٌ غريب يلفّها كأنها تسير على حافة بركان يقذف حِممه في أعماقها. صورٌ متراكبة تتراقص أمام عينيها كأشباحٍ تهرب من قبضة النسيان، ذكريات طفولية دفنتها في أعماقها تطفو على السطح حيةً نابضةً بالحياة، أحاسيس متناقضة تتلاطم في داخلها، كأمواج عاتية تضرب شاطئاً صخرياً. كلماتٌ متقطعة تخرج من شفتيها كأنها تحاول الإمساك بخيط رفيع يربطها بالواقع، ولكنها تفلت منه بين أصابعها. شعرت وكأنها تغوص في أعماق المحيط السحيقة، كلما تعمَّقت أكثر زادت الضغوط عليها والرؤية ضبابية. كلما اقتربت من الحقيقة، زادت الرغبة في الهروب منها، في العودة إلى الظلام الآمن الذي اعتادت عليه، أصبحت ترى بوضوح كل شيء لتصبح الأعماق التي غاصت اليها سطحًا كاشفًا لكل شيء، كل ما كانت تخفيه داخلها وجدته، واجهت كل الحقيقة ❝
من قال أن عقارب الساعة لا تعود للوراء لم يكن يمزح أبدا. نظل نعتقد أننا نعرف أنفسنا و ندرك ما بذاتنا حتى نصطدم بحقيقتنا. قد تخدعنا المرايا كل عمرنا و لكن ستأتي لحظة ما تتشوش الصورة و نرى أنفسنا بلا مرايا و لا فلاتر بدقة تفوق كل الكاميرات الحديثة.
عن طريق ثيمة الانتقام يحكي لنا شريف سالم حكاية جديدة من حكايات الرعب. رعب ينبع من الداخل. رعب لا يحتاج أي مثير خارجي لتحفيزه. رعب يستطيع أن يدمر صاحبه بعد أن يدمر كل من حوله. و كأنه يرتدي حزاما ناسفا يعمل بطريقه عكسية فهو لا يدمر صاحبه إلا بعد أن يدمر ما يحيط به بالكامل.
الكراهية نار و الطمع حطب و الطموح شرارة الاشتعال. لو نظرنا داخل أنفسنا و توقفنا لحظات قليلة قبل أن نتماهى مع الصوت المنطلق من داخلنا. فلربما عندئذ نتدارك الأمر قبل أن نكون جزءا من اللعبة.
أربعة نجوم للرواية و نجمة للتطور الرهيب الذي حدث في لغة شريف و مفرداته.