مراجعة كتاب

قصص لم تنتهِ بعد

تأليف: أحمد متولي Ahmed Metwally

صادر عن: دار إبهار للتوزيع والنشر

النوع: اجتماعي/ فلسفي/ نفسي

الإصدار: 2024

التصنيف العمري: 17+

عدد الصفحات: 94 صفحة (أبجد).

اللغة: فصحى سردًا وحوارًا

"البشر تتصارع من أجل المال، السلطة والنفوذ ويكتشفون في نهاية المطاف أنهم في الحقيقة يتصارعون من أجل الموت الذي يفقد الصراع قيمته".

▪️فكرة الرواية:

تتمحور فكرة الرواية حول معنى الحياة وقيمتها والغرض منها، وتطور بعض العلاقات من انجذاب وحب وزواج حتى الطلاق، والضغوط النفسية في تلك المراحل، كما يتطرق لموضوعات عدة تتعلق بالقرارات المصيرية، وتحديات وصدمات الحياة، وضعف البصيرة وعواقب اتباع الشهوات لمن تغلبهم شهواتهم.

▪️الحبكة:

من خلال قصص لم تنتهِ بعد تحدث الكاتب عن كيفية العيش وسط الحياة الواقعية المليئة بالمعاناة والألم، بدأت أحداث الرواية ببطلنا عادل الذي يعمل في البارات ويجذبه تبادل الحديث مع السكارى، تجعله يستمع إلى قصص غريبة ومسلية جدًا، إلا أن أحد هذه القصص المرعبة كان هو بطلها، يروي لنا عادل الذي لا يعرف في الدنيا غير لذتين (النساء والخمر)، تحيط به غفلة لا أمل في إفاقته منها، يظن أن بداخله شخصان متناقضان يتناحران في الأفكار والمضمون، أحدهما يكذب ويدعي المثالية، والآخر مثالي ولكنه أخرس. ثم أخذت الأحداث في التصاعد تدريجيًا، ولكن كثرة الصدمات في حياته جعلته شخصًا لا يبالي كثيرًا، يعيش في عزلته عن البشر داخل سجن أفكاره وخيبة الأمل، فهل يرضخ لهذا الواقع الأليم؟

▪️السرد:

لغة الكاتب بسيطة وسهلة تناول فيها الموضوع بطريقة جذابة. استخدم الكاتب ضمير المتكلم ليؤكد مصداقية الأحداث؛ ليحكي لنا بصوت البطل ما يدور في عقله من أفكار، وكأنه يُحدِّث الضمير داخل كل إنسان منا، كما أجاد الكاتب استخدام تقنية الزمن الروائي منذ بداية الرواية، حيث استخدم الأسلوب الزمني (الاسترجاع) في تسلسل الأحداث، حيث يستحضر أحداث الماضي من خلال اللحظة الحاضرة، فعاد بالزمن للمدى القريب والبعيد لإعطاء صورة لشخصية البطل وتاريخه، مما ساعد على التنبؤ بردود أفعاله وفهم دوافعه، فتتداخل المواقف الماضية في لحظة مع المواقف الراهنة، حيث يصبح الماضي جزءًا لا يتجزأ من الحاضر ولا يستغني عنه، فهو مخزون في ذاكرة (عادل) تستدعيه اللحظة الحاضرة، فالماضي والحاضر حلقة واحدة تجمعهما علاقة واحدة تشير للمستقبل أيضًا.

يقاطع السرد الجميل بعض من كلمات أغاني فيروز وزجاجات الخمر.

▪️الشخصيات:

عادل هو الشخصية الرئيسية بالرواية، شهد تحولًا داخليًا نتيجة موقف تعرض له، كيف تغيرت حياته، وما الحقيقة المؤلمة وراء ذلك؟ ولكن ذات يوم أخذ قرار مصيري بإنهاء حالة اللاوعي التي يعيشها ولكن...!.

كما كان للشخصيات الثانوية دور جيد للكشف عن ملامح الشخصيات ويظهر ذلك في شخصية (العم كيجور ) الرجل الحكيم الذي لم يستطع اليأس أن ينال منه غلب الحياة بالتأمل والحكمة والمنطق.

▪️الزمان والمكان:

تم تحديد المكان تحديدًا دقيقًا، حيث أدخلنا الكاتب إلى بعض فنادق مصر وانتقل بنا إلي دبي.

كما تم تحديد الزمان ومن الملاحظ أنه لا يوجد تسلسل زمني في الرواية بالمفهوم التقليدي.

▪️الوصف والتشبيه:

يميز أسلوب السرد كثرة التشبيهات غير المخلة مثل:

- حلقي الجاف كسعفة النخلة الواقفة في الخلاء.

- صورة لها وهي تنظر إلى هاتفها بابتسامة أنعشت عجوزًا بائسًا في غرفة العناية المركزة.

- كانت تبدو غرفة المعيشة كأرض خالية يتخلص فيها السكان المحيطون بها من نفاياتهم المتراكمة كل صباح.

▪️العنوان والغلاف:

عنوان ذو معني عميق معبر جدًا عن رسالة ورمزية الرواية، وألوان الغلاف مميزة.

▪️الصراعات:

تثير الرواية العديد من الأسئلة في ذهن القارئ منها:

- ماذا يمنعنا أن نقول بصراحة مطلقة ما نشعر به؟

- لماذا لا نستطيع التعبير عن مشاعرنا كما هي؟

- هل أسوء شيء في الحياة هو أن تكتشف سوء الآخرين؟

- هل السفر إلى بلد جديد يمكن أن يكون بداية لمرحلة جديدة كليًا للتخلص من الحياة البائسة؟

- ما سر مشاكل نومه المتكررة؟

- هل لصديقه الكحول القرار في بعض المواقف؟

▪️رسالة الكاتب:

يقدم الكاتب قضية فلسفية عن علاقة الإنسان بالشيطان، ومستويات تعامله مع الغواية والشهوات المختلفة من خمر ونساء، من خلال أحلام عادل والباب الموصد في وجهه والمفتاح الذي يجهل التعامل معه.

▪️اقتباسات:

- من الغباء أن تعتقد احتمالية تقبل البشر للصراحة بنسبة 100%.

- إذا أردت أن تسمع أجمل ما قيل في الشجاعة والقوة والصدق والمنطق، اترك أحدنا يتكلم عن نفسه.

-ثمة علاقات يرتبها لك القدر تشعرك كم أنت محظوظ.

- مشكلة البشر الحقيقية أنهم لا يقرون بضعفهم عمليًا، نحن أضعف من خيط القماش النحيف المربوط بكرة حديدية ضخمة، لكننا على الرغم من هذا الضعف، نعاند، ونتحدى هذه الكرة التي لو تحركت لهلكنا، هذه هي طبيعة الحياة التي لا يفهمها كل البشر.

▪️ الخاتمة:

كما بدأ روايته بالحديث إلى ضميرنا الداخلي، يختم الكاتب بسؤالنا أيضًا "هل قيمة كونك إنسانًا، وُهبت لك الحياة والعيش في هذا العالم بقرار لم يكن قرارك، يستحق تحمل كل هذه المعاناة؟"

▪️الرأي:

الكاتب لديه مهارة وحرفية الراوي المتكلم بإتقان، السرد ممتع بتقنية حبكة مميزة، مع تناغم الشخصيات، جعلني لا أترك الرواية إلا بآخر صفحة

▪️ملحوظة:

أعجبني ما ذكر بأولي صفحات الرواية ذكره أن التصنيف العمري: +17، حيث تم تصنيف العمل وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوي الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن مجلس الإمارات للإعلام، وأتمني تطبيق نظام التصنيف هذا بنفس الهدف داخل الإدارة الثقافية بجمهورية مصر العربية.

كتاب يستحق القراءة، وتقييمي له 5/4.7.

إلى الملتقى في مراجعة أخرى

د.محمد الشخيبي