سكولا (1952-1989) > مراجعات رواية سكولا (1952-1989) > مراجعة Bassma Algaml

سكولا (1952-1989) - محمد حسين أبو زيد
تحميل الكتاب

سكولا (1952-1989)

تأليف (تأليف) 4.6
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

ما الذي يفعله الكاتب ليكتب عن الأوضاع السياسية في مصر منذ وقوع ثورة 23 يوليو وبعد الحكم العسكري المصري وتحويلها إلى جمهورية عربية؟

هل سيكتب بحيادية أم سيسرد الأحداث بمنظوره الشخصي؟ أم سيأخذ من سطور التاريخ ويعيد هيكلته ليناسب مدرسته التي أنشأها.

الكاتب لم يكتب إلا جانبًا واحدًا فقط، وهو الجانب المظلم والجشع من القصة هنا قدم المدرسة برؤية ديستوبية يمكن القول إنها واضحة برموزها؛ فلا يوجد في العالم الذي خلقه الكاتب شيء مخفي كل شيء واضح وصريح جدًا، دون خجل أو خفاء.

سكولا تعني مدرسة، حكاية طويلة لا تنتهي متعلقة بالوقت وبالمكان وبالإنسان نفسه، الرواية ليست محاولة لسرد تاريخي وأجتماعي كما قد يخطر ببالك في بداية قراءتك، لكنها أشبه بمعمل إنساني يختبر الذكريات، الصراعات، ومعنى البقاء، ووقائع تاريخية في المجتمع المصري، العالم ليس ورديًا، وكل شخص فيه يهتم بمصلحته فقط.

تبدأ الرواية بقصة شخصية بسيطة حول حياة شديد في الجبهة والذي يشهد حرب 67، لكنها سرعان ما تتحول إلى مرآة تظهر تغييرات مجتمع بأسره بين الصراعات والجشع، يرسم أبو زيد صورة بطيئة لكنها مبهرة لانكسار النفس وعلاقتها القوية بكل ما يحدث من حولها من تغييرات مجتمعية وأقتصادية وأخلاقية واضحة.

ما أعجبني في الشخصيات هو أنها لا تبرر أي فعل لنفسها أبدًا كل شخصية تعرف جيدًا ما تفعله ولماذا، دون ندم أو تبرير أفعال، وكأنهم يسيرون وفق مبدأ -اللعب على المكشوف-.

إذا قمنا بحساب السرد والحوار في الرواية، أستطيع القول إن الحوار يحتل 60% منها، الحوار مكتوب باللهجة العامية المصرية والصعيدية والعربية والشامية، والكاتب أتقن اللهجات بشكل ممتاز جدًا في الحقيقة، النقطة التي جعلت الحوار يحتل الجزء الأكبر من الرواية لم تكن سلبية في سياق العالم الذي بناه الكاتب، حيث يقوم الحُوَار بدور السرد في تعريفنا بالشخصيات وخصائصها وصفاتها، فالشخصيات في العمل كما قال الكاتب في أول صفحة أنها وقود الأحداث ومحركًا رئيسيًا يظهر التشابكات والصراعات التي صاغت تلك الحقبة الزمنية. لكل شخصية صوتها وتعبيرها وطباعها الخاصة، كل شخصية تشمل رمزيتها وصورتها السياسية والاجتماعية، وعلى الرغم من كثرة الشخصيات التي قد تشتت القارئ، إلا أن الكاتب نجح في منح كل شخصية هوية مميزة وهيئة خاصة بها، حتى الأدوار النسائية في الرواية، لأن كثرة الشخصيات قد تفسد أي عمل روائي إذا لم يسيطر الكاتب على زمام الأمور، ولكن بالرغْم من غياب السرد التقليدي في أي رواية، نجح الكاتب في جعل كل شخصية تعرف عن نفسها من خلال سلوكها، شخصيتها، ولغة حوارها الخاصة، الضابط، السياسي، الفلاح، الصعيدي، الراقصة، ابنة المدينة، العربي، الخليجي، والشامي، العديد من الفئات المجتمعية المصرية والعربية، وكل شخصية لها كيانها الخاص ولهجتها المميزة، وهو ما ميز الرواية بالنسبة لي.

إذا حاولنا تحليل الشخصيات ورمزيتها، سنحتاج إلى صفحات تتناول فساد الأنظمة السياسية في مصر؛ فكل شخصية ليست مجرد شخصية عادية، بل رمز لحكم أو رئيس أو شعب أو حقبة زمنية لا تزل تسيطر على مصر، خاصة مع دخول الخليجيين والعرب وظهور الجماعات الإسلامية، فعلى سبيل المثال، شعرت أن "شديد" بشخصيته يمثل الحكم العسكري في مصر، بينما يمثل "إياد" اليد المخربة المدعومة من الخارج، والتي تسعى إلى طمعها في مصر، وهي ما تجسده "آسيا" المهملة من "شديد" وابنه بالرغْم من تنازلها عن كل شيء وحبها الشديد لهم.

الرواية نصفين الجيل الذي بدأ الفساد والجيل الذي يليه وهو ما أكمل ما بدأه السابقون.

السرد يبدأ بالتوازن في منتصف النصف الآخر من الرواية، وهنا تبدأ براعة الكاتب في استخدام اللغة وتوظيفها بشكل صحيح، وبرغم

طول الرواية، إلا أنها تمتلك قدرة على جذب القارئ الذي يحب قراءة هذا النوع من الروايات الديستوبية الواقعية، والحقيقة أن الرواية ممتازة، ويمكن إنهاؤها في يوم أو يومين، حيث نجح الكاتب في رسم العالم وتوصيل الرسالة السياسية والاجتماعية التي أراد إيصالها.

#بسمة_الجمل

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
2 تعليقات