نحن أمام السيرة الذاتيه لكائن عصر التكنولوجيا الفائقه و عالم ما بعد الذكاء الإصطناعي.
المؤلف يدق جرس إنذار ينبه البشريه إلي ما تخطو إليه بتهميش و إلغاء إنسانيتها و زيادة ماديتها بالإعتماد علي التكنولوجيا و تطورها الذي أصبح مُخيف.
رأيت المؤلف قد سار علي خطي جورج أوريل في مؤلفه الأشهر ١٩٨٤ مستشرفا المستقبل و مصير العالم المهووس بالسيطره و التحكم في الإنسان و تغيير فطرته ثم تغييب وعيه و ضميره.
خط الروايه -و بدون حرق لأحداثها- هو أُحادي تصاعدي بوتيره هادئه يغلب عليها السرد حتي منتصفها تقريبا، ثم بعدها تتسارع الأحداث بصورة مفاجئه وصولاً إلي النهايه.
بطلها "نور" هو الشخصيه المحوريه و المركزيه و التي تمر بتطورات تبني التغيير و التحول من واقع يعيشه في روتين الحداثه حتي الوصول إلي حقيقة الحياه و طبيعة غايتها النبيله. الشخصيات الأخري التي تقاطعت مع رحلة حياته كان دورها مساند بدون تفاصيل كثيره و جاءت أسماء الشخصيات المختلفه بالروايه موحيه و معبره بصورة ما عن أدوارها في الأحداث حتي مع تغيير أسماء بعضها في مرحلة زمنيه ما، كان التغيير أيضا معبرا و موحياً.
نهاية الأحداث هي نوستالجيا الحنين الي لماضي و أراها تأكيد علي ضرورة التأصيل و الربط بالجذور قبل التحديث أو التغريب.
هي فانتازيا هادئه و راقيه أبرزت الصراع بين سيطرة الماديه و ضمير الإنسانيه، كما لا تخلو من إسقاطات و رسائل عديده علي أحداث واقعنا المعاصر الأليم.
في رأيي السؤال المطروح هو هل السعي نحو الأبديه و الخلود مع شهوة الإنسان في التحكم و السيطره قد يكون العامل الرئيسي في القضاء علي الجنس البشري ؟! و من ثم ظهور أجناس هجينه أخري تغير شكل المستقبل و طبيعة الحياه علي الأرض؟!
الرواية تحاول الإجابه علي ذلك عبر رحلة مشوقه و ممتعه يتخللها الكثير من إثراء العقل و تنمية الوعي.