ما يدهشني حقاًً في الأدب هو ذاك الخط الرفيع الذي يشدك إلى مجتمعك رغم كونية غايته المقصودة.
دعوني أوضح وجهة نظري، ما ان يكون النص مصريا أو عراقياً أو سورياً أو كويتياً، أو من أي جنسية كانت. نرى انحياز ابنائه له!
يقرؤون بغير عيون باقي القراء!
اتساءل بيني و بين نفسي؛ هل يستحق هذا النص هذه الدهشة أو هذا الاحتفاء!
هو نص جيد، فنياً لا بأس به. فلسفياً لا جديد، نفسياً لا يقارب الانفعالات إلا مروراً عابراً، تقنياً، لم يكن افضل و لا أسوأ و لا مبهراً و لا محبطاً.. نص تلقاه في مشوارك القرائي مكررا!
لكن، تبقى نقطة واحدة مفارقة! معايشة القارئ لذات التجارب، ان اهملت جانب التعصب.
ووادي الفراشات احدى تلك الروايات! اسلوب سلس ، رشيق، حس ساخر، رسم للمشهد العراقي أيام الحصار: جوع الأطفال و سوء التغذية، الفقر، الفساد ، التعذيب، نفوذ العاهرات، البطالة، التدين كرد فعل، تغول الاخوة على الميراث، ابناء الزنا، تدهور حال المكتبات، الفشل في الاستمرار بالزواج..
أما عن بطل القصة لم استطع التعاطف معه، هو ليس بذي حظ عاثر! بل كان محظوظاً بزواج لم يستطع المحافظة عليه: عاقر الخمر كحل وجودي مبرر كعادة الروائيين العرب في التبرير لكل انحرافات شخصياتهم!
لا احكامه اخلاقيا( يصطفل) لكن هذه النزعة الجبرية و الحبرية الروائية لا تروق لي!
عزيز لم يستطع الحفاظ على الحياة فآثر الحفاظ على الأموات بعد ان اجهض حلم زوجته باهماله بأن تكون أما!
اقوى ما في الرواية الحديث عن العلاقة الجدلية بين القراءة و الكتابة، وايهما أهم!
وهو سؤال يدعو إلى الضحك! هذه التنافسية العبثية في عالم الإبداع! التي تستوجب أن يكون لإحد أطراف العملية الإبداعية قصب السبق!
الفكرة الثانية التي أعجبتني ما أثير في الرواية حول علاقة النساء بقراءة الأدب و تبرير ذاك بقصور مساحة التجربة!
لا أعني موافقتي لهذا الرأي.. لكن هذه النقطة تتيح لي الحديث و التفكير و مساءلة هذا الافتراض ابتداء!
لكن ملاحظتي الأولية( ليست مبنية على احصائيات) أن عالم القراءة من حولي تتصدره القارئات، بينما يتصدر الذكور عالم الكتابة!
ما السبب؟!
المهم، رواية لم أندم على قراءتها، تجربة ممتعة آنية، لكن لا أظن أنها خلّفتها الدهشة في قلبي( وليس مطلوباً منها ذلك) ، لكنها ستمرّ كما مرّت أعمال كثيرة و أنا أقول: حبذا لو فهمت سرّ الاعجاب بها!