إلى ولدي > مراجعات كتاب إلى ولدي > مراجعة مريم محمود

إلى ولدي - أحمد أمين
تحميل الكتاب مجّانًا

إلى ولدي

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

مجموعة رسائل يوجهها أحمد أمين الأب إلى ابنه، ورسالة لابنته، الكتاب في المجمل جيد، لكن هناك كم نقطة توقفت عندها وودت التعليق عليها، أولا:

أحمد أمين في رسائله لابنه يجسد جيل آبائنا القديم ويُبرز نظرته -كجيل قديم- لجيلنا، فهو في أغلب رسائله لا بد وأن يبدأها بالفرق بين جيله وجيلنا والمقارنة بينهما، ويعدد عيوب جيلنا ويذكر لابنه أمثالا سيئة لشباب سيئين لا أمل فيهم ولا فائدة ترجى منهم، والعجيب أنه في إحدى الرسائل عدّد لابنه مجموعة قصص لرجال كبار من جيله -جيل أحمد أمين-، منهم من أهلكه القمار، ومنهم من أهلكه الخمر، ومنهم من أهلكته ملذاته، ومنهم من أهلك نفسه وأهله وماله وبيته بالصرف على شهواته لا غير، وهو نفسه الذي قال لابنه أن جيلهم القديم كان يمنعه الدين والأدب من فعل الحرام، أما جيلنا المنلفت المنحل، فلا دين له سطوة عليه، ولا أدب يمنعه من شيء!

ثانيا: رد ابنه، الذي عندما بدأت قراءته، ظننت أنه سيتحدث بالنيابة عن جيلنا -لأن الرسائل الأولية من الأب للابن والابن للأب كانت بمثابة الحديث بين الجيل القديم والجيل الجديد في نظري-، وسيرد على أبيه ويناقشه، ويوضحه له أن الأمل فينا لا يزال موجودا، لكن ماذا وجدت؟ وجدته يبدأ رسالته بتوضيح شبابه لأبيه، وأن الآباء لا بد من أن يتركوا لأبنائهم الحرية ليجربوا ويتعلموا ويكتسبوا الخبرة، ويتضجر -سرا بين سطور رسالته- من نصائح والده، ويخبره بأن النصائح لا تغير شيئا! بل الحل السليم أن يتولى الآباء مسؤولية إزالة العقبات عن طريق أولادهم، ويتعرفوا عليهم أكثر ويتولوا زمام مشاكلهم، وما الذي يؤدي بهم إلى كل عاقبة سوء فيزيلوه! فبدلا من أن يوجهوا النصائح لأبنائهم، عليهم أن يجعلوا الطريق أمامهم بلا عقبات أو ثغرات! إذن أين الحرية وترك الفرصة لهم للاعتماد على أنفسهم وحمل المسؤولية التي كان يتحدث عنها في بداية رسالته لأبيه؟ وماذا عن أهمية النصيحة؟

ثالثا: عندما رد أحمد أمين على رسالة ابنه لم يعقب على شيء فيها سوى تضجر ابنه من نصائحه! نعم، لقد وضح له أهمية النصيحة واستمر في توجيه النصائح له، لكن ماذا عن حديثه عن العلاقة بين الآباء والأبناء ومسؤولية الآباء الكاملة حيال توفير حياة كاملة مرفهة لا تشوبها أي شوائب لأبنائهم؟ وأن عليهم مسؤولية إزالة مسببات غضبهم كاملة! كيف لم يعلق أو يوضح له سخف هذه الفكرة!

رابعا: بالنسبة لتعليقه السطحي المادي حول واقعة جارته التي تخلصت من حملها الرابع، حيث قال: «فمن أبى قلة الأولاد فذلك أحسن لتربيتهم وأصح بجسم أمهم، وأكثر تمكينًا للآباء من أن يحسنوا تربية أولادهم، ولكني نصحتها بألا تعود إلى مثل هذه العملية الخطرة، فالوقاية بادئ ذي بدء خير من العلاج بعد فوات الأوان»! وأين قوله أن فعلتها هذه حرام؟ وقتل روح بريئة! لا شك أن الإنسان إذا لم يكن قادرا مقتدرا على توفير عيشة سليمة لطفل لا يد له في فقر أهله، فليرحم هذا الطفل، ولكن.. لا بقتله! بل بمحاولة منع الحمل به! وهذا نسميه أخذا بالأسباب لنية طيبة، وهي رحمته من عيش حياة غير طيبة، فإذا أمر الله وكان الطفل، لا نتخلص منه ولا نقتله! بل لا نزيد على حمد الله ومحاولة رعايته! فما هذا التعليق السخيف؟ وكيف لا يوضح لابنه جرمها؟ سامحها وسامحه الله..

خامسا: قوله لابنه: «إني لأرجو أن تتسع رحمتك فترثي للمجرم الذي وقع في إجرامه، وللغني الذي يبتز أموال الناس... بل وللعاهرة التي اضطرتها حاجتها إلى أن تبيع جسمها، ولرجال السياسة الذين قست قلوبهم فدفعوا بالملايين من الناس إلى مجزرة القتال»، محض عبث! فالظالم الذي يتسبب في قتل الناس عمدا وظلما لا يرحم إلا إذا تاب! فهذا لا نفتح له باب الرحمة مطلقا، وإلا فكيف المواجهة؟ كيف نواجه شخصا نشعر بداخلنا تجاهه بالرحمة والرثاء لحاله ونعاقبه؟ كيف!

ونقطة أخيرة لم أعدها مع باقي النقاط، وهي أنه يتخذ الأحداث المأساوية مادة لتقديم النصائح! وهذا شيء يضايقني جدا! حتى إن خاتمة الكتاب كانت تتناول حادثة لزميل ابنه توفى بسبب صعقة من ماس كهربائيا، فأخذ حادثته مادة لينصح ابنه بتوخي الحذر! وأرى -وهذا رأيي الشخصي- أن هذا الأسلوب رخيص، لا احترام فيه ولا تقدير، فمن الممكن أن ينصح الأب ابنه نصيحة حول أمر ما.. دون الاستشاهد بقصة شخص بعينه، ولو أنه نصحه متخذا قصة زميله مثالا دون ذكر له أو إشارة إليه لتقبلت الأمر، لكن ما هذا؟ كأنه تنظير مثلا! انظر العامل الفلاني؟ انظر زميلك الفلاني؟ كان قليل عقل ولم يأخذ باحتياطاته فمات! لا تفعل مثله! لا حول ولا قوة إلا بالله.. رحمه الله وغفر له..

في النهاية، الكتاب كما أسلفت، هو في المجمل جميل ونافع، وحتى النقاط التي علقت عليها لا تقلل منه ككتاب نصائح جيد، ففي النهاية أحمد أمين وابنه بشر، والبشر معرضون للوقوع في الخطأ، وظني أن تعثر أحمد أمين في هذه النقاط لم يكن بسبب شيء سوى اندفاعه جراء عاطفة الأبوة لديه، فهو كأب يريد اسداء النصائح النافعة لابنه، والحمد لله.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق