" لا تمنح الحرية لمن فقد هويته "
للوهلة الاولى ستعتقد ان هذه الرواية من تأليف كاتب أمريكى ومترجمة الى العربية كونها تحكى عن التاريخ الاسود والعنصرى والدموى للامريكين القدامى تجاه الهنود الحمر السكان الاصليين لقارة أمريكا. لكن نكتشف ان مؤلفة الرواية مصرية صميمة هى الكاتبة شيرين هنائى تلميذة والابنة الروحية للعراب.
استطاعت الكاتبة ان تدخل فى مناخ غير مألوف على الكتاب المصريين وهو مناخ الغرب الامريكى والاحداث الدامية التى ارتكبها الامريكيين فى حق الهنود بمختلف قبائلهم اصحاب الارض الاصليين من سلب ونهب خيراتهم وانتهاك حرماتهم واراقة دمائهم بلا ذرة ضمير او خجل.
كل هذا نكتشفه فى مقابلة اجراها صحفى عنصرى مع احد السكان الاصليين (ليو كوتنوار) بصفته من قتل آخر ذئاب منطقة يلوستون. يحكى ليو للصحفى حكاية ما حدث لابيه واجداده منذ بدء مواجهاتهم مع المحتل الابيض وعن صداقة قومه لذئاب يلوستون والعلاقة الوثيقة بين الجنسين التى انتهت بقتل ليو لاخر ذئاب يلوستون !!!.
الكاتبة تطرح تساؤل هام جدا من خلال الاحداث هل الهنود فعلا قاموا بما يجب عليهم القيام به للدفاع عن أنفسهم وارضهم ام انهم استسلموا وتخاذلوا وتهاونوا فى الدفاع عن قضيتهم وتمسكوا بعادات بالية تسببت فى ما آل اليه حالهم فى النهاية؟؟ البطل نفسه تعاون من من يحتلون أرضه وينهبون خيراتها !!!!وترك قبيلته ورحل ثم تطوع فى الجيش الامريكى فى الحرب العالمية الاولى سعيا وراء بطولة يفخر بها امام اهله وجماعته تحت مبرر انه يدافع عن ارضه وارض اجداده وليس عن من احتلوا ارضه ونهبوا خيراته !!!؟؟
سؤال يحمل اسقاط سياسى بارع كعادة الكاتبة فى الكثير من روايتها.
نرى ان البطل انسلخ عن جذوره وحتى عن شكله وملامحه سعيا وراء وهم الثراء والمجد لكنه ظل عبدا لاسياده الذين ارتمى فى احضامهم لا يستطيع ان يتحرك او يفكر او يتخذ اى قرار الا بموافقتهم. وعندما افاق البطل واقتنع انه لابد له من العودة الى جذوره والبدء من هناك نجد ان ماضيه المشين ظل يتبعه كظله ولم يجد اى وسيلة للخلاص الا بالانتحار.
وتأتى النهاية جميلة باكتشافنا ان الصحفى العنصرى ما هو الا من نسل السكان الاصليين مثله مثل ليو كوتنوار الابن الذى اجرى معه المقابلة. وهذا الصحفى مثله مثل ليو الاب انسلخ عن جذوره وتنصل من قومه واصبح يهاجمهم فى مقالاته ويتهمهم بالتخلف والبدائية وانهم السبب فى ما وصل اليه حالهم. حتى ليو الابن نقض عهد قومه مع الذئاب وقتل آخر من تبقى منهم.
وكانت تلك المقابلة سببا فى كشف حقيقة الصحفى لنفسه امام مرآة الحقيقة.
رواية دسمة كعادة الكاتبة وتحمل اسقاطات سياسية واجتماعية على واقعنا المعاصر بكل تأكيد.