هُناك روايات كُتبت لتُصبح كلاسيكيات، هذا طبيعي ولكن أغلب هذه الروايات قد كُتبت في زمن قديم، ربما حتى قبل أن يولد أغلبنا، لكن أن تجد عمل كُتب في عام 2016 مستوفي لشروط العمل الكلاسيكي.. فهذه سابقة من نوعها؛ بالنسبة لي طبعاً.
في البداية، كان حجم الرواية سبباً لتأجيلي قراءتها مرة تلو الأخرى.. ورُبما البداية لم تكن بذلك الحماس التي وجدت الأصدقاء يتحدثون به عن الرواية.. ولكن بعد ذلك؟
وجدت نفسي أطير في عالم الكونت ألكسندر روستوف إلييتش..
تخيل معي أنه قد حُكم عليك بأن تقضي حياتك كُلها في غرفة صغيرة على سطح فندق الميتروبول العظيم.. وإذا خطوت خارجها ستُقابلك رصاصة في وجهك أو قلبك أو ما يكفي لقتلك.. قد يأتي البعض ويقول أن هذا طبيعي وما الضرر؟ ولكن بالنسبة لجنتلمان إرستقراطي كان ذلك عقاباً.. ولكنه لم يرى ذلك أبداً.
كان دائماً ما يُردد تلك الكلمات التي لها مفعول السحر..
إن لم تقهر ظروفك.. ستقهرك!
هذه الرواية صاحبتني في فترة من أسوأ فترات حياتي.. ولكنها علمتني شيئاً مهماً للغاية.. مهما كانت الظروف سننجو.. سنعبر هذه الضيقة.. سنعود إلى ما كُنا عليه.. لنحول شدائدنا.. إلى عوامل قوة.. أننا نجونا وأصبحنا قادرين على قهر أي ظرف مهما كان.
سحبنا الكاتب الأمريكي "آمور تاولز" في أجواء روسية خالصة لو لم تعرف أن الكاتب أمريكي من قبل لجزمت أنه تربى وترعرع في موسكو.. وشرب الخمر في بياتسا الميتروبول.. وذلك أعظم ما في الرواية.. كيف لكاتب أن يرسم عالم لم ينتمي له؟
في حكايات متتالية من حياة الكونت في الفندق، حكايات خلفياتها الأساسية هي السياسة بالطبع.. ولكنك ستجد حكايات لطيفة عن الأبوة والصداقة.. وعن الصداقة.. حدثني هل يوجد أوفى من ما فعله الكونت مع صديقه "ميشكا"؟ لا.. لا أعتقد.
أحببت شخصية الجنتلمان أكثر عندما أصبح رئيساً لمطعم البياتسا.. ورفقته.. ووصفه للأكل بطريقة ستثير شهيتك.. كان مُخلصاً لكل وضع وظرف وصل إليه. وأحببت صوفيا كأب وآنا كحبيبة.
ختاماً..
هذه رواية تُعلمك أن تنجو.. مهما كانت ظروفك.. رواية سياسية إجتماعية نفسية ويُمكنك أن تضع 50 تصنيفاً ولكن أهم تصنيف أن هذا العمل هو عمل كلاسيكي خالص.. كُتب ليقرأه كُل من يقرأ!
وليُذكرك دائماً أنك إذ لم تقهر ظروفك.. ستقهرك يا رفيق.