حكايات عزيزة > مراجعات رواية حكايات عزيزة > مراجعة نهى عاصم

حكايات عزيزة - منير عتيبة
تحميل الكتاب

حكايات عزيزة

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

حكايات عزيزة

ل منير عتيبة

تبدأ الرواية بمقدمة عن علياء، شابة توفيت في عمر الزهور، وقبل موتها قالت لأمها عزيزة:

"ليت عمري توقف عند سن العاشرة يا أمي، إذ كنت ملكة"..

تزور علياء أمها عزيزة، والتي هرمت واقترب عمرها من السبعين، فتأخذها معها في جولة مع الذكريات وكشف الحجب ..

ويبدأ الكاتب مشهدًا بعنوان حكايات البيوت فاتلمس طريقي مع عزيزة إلى بيت بيت سكنته وسكنها، وإلى جدران رفضتها، أو أخرى بكت عليها حينما هجرتها كما يقول الكاتب:

"ودعت جدران حجرتها بكل الدموع المحبوسة في روحها لسنوات حتى بكت الجدران معها. ظلت أم "عيد" وأبناؤها يحاولون تفريغها من هذه المياه المالحة، وإسكات أنين الجدران، لفترة طويلة، دون جدوى، فتركوها خالية، ثم أصبحت حجرة "الكراكيب"، ثم محل حلاقة لأحد الأحفاد"..

مشاهد تتوالى بدون ترتيب وتجعل القارىء لاهثًا يجري مع عزيزة والكاتب من هذا البيت إلى ذاك، في هذا البيت نرى حب عزيزة يجعل منه قصرًا، وفي ذلك البيت نرى توجسها منه لولا قراءة عيد زوجها لسورة الرحمن على جدرانه..

كل هذا يجعل القارىء يتساءل:

ترى ما هي حكاية البيوت وتفاصيلها مع منير عتيبة؟ لقد أعطاها من روحه ومداد قلبه وقلمه حتى لنظن أن البيوت هي من تحكي عزيزة وليس العكس، وكلما قرأت في الرواية همست بداخلي أبيات لقصيدة لفاروق جويدة يقول فيها:

‏‎يا قلبها

‏‎يا من عرفت الحب يوما عندها

‏‎يا من حملت الشوق نبضا

‏‎في حنايا.. صدرها

‏‎إني سكنتك ذات يوم

‏‎كنت بيتي.. كان قلبي بيتها

‏‎كل الذي في البيت أنكرني

‏‎و صار العمر كهفا.. بعدها

‏‎لو كنت أعرف كيف أنسى حبها؟

‏‎لو كنت أعرف كيف أطفئ نارها..

‏‎قلبي يحدثني يقول بأنها

‏‎يوما.. سترجع بيتها؟!

‏‎أترى سترجع بيتها؟

‏‎ماذا أقول.. لعلني.. و لعلها..

وما هو سر اختياره لكلمة الحكايات مع الكاتب في عدة أعمال من أعماله:

الحكايات العجيبة، حكايات البيباني، حكايات آل غنيمي، حكايات ماكوندو، حكايات عربية، روح الحكاية، وأخيرًا وليس آخرًا: حكايات عزيزة‎؟!

وننتقل إلى حكايات الحب والرغبة، فنجد أننا صنعنا لعزيزة ولعيد تماثيل للكمال ولكننا نكتشف أن الكمال ليس للبشر أبدًا، فهناك أشياء خفية ربما كانت لتظل أسرارًا خافية عنا لولا رحلة الكاتب وعزيزة مع الحقيقة..

وفي حكايات الكائنات، نتعرف مع الكاتب على سجادة مسحورة، وقطة تكره وتخمش من يكرهها، ويأنسن الكاتب حنفية المياة الكبيرة التي تصادقت معها عزيزة فكانت تبثها همومها ودموعها فينهمر ماء الحنفية مالحًا له مرارة الصبر، وبعد رحيل عزيزة استمرت النساء في شكوى تلك الحنفية التي كانت تبكي:

"كانت الحنفية تبكي ذاتها إذ خلعوها بعد ثلاثة أيام وألقوها في المخازن بعد أن تم مشروع توصيل المياه إلى المنازل"..

ونأتي لحكايات المرض والموت فنجد الموت يجعل بعض الأبناء يقومون بدفن الأم وتقبل العزاء وبعد صلاة العصر:

"اختفى إخوته وبعض شباب العائلة والمقرئ، كانوا في شقة "حسان"، يتابعون المبارة النهائية في كأس مصر بين الأهلي والزمالك"..

ولكن يأتي موت آخر يفيض بالرحمة والإنسانية والدمع، فيتعجب القارىء لهذا الموت وذاك، أو هذه الميتة، والميتة الأخرى..

وسط الحكايات تأتينا أخبار من هنا وهناك فنرى العراق وما كان يحدث فيها ونرى احتلال صدام للكويت، كل هذا بصورة مضفرة جيدًا مع نسيج الرواية ولا تخرج عن السياق أو لا تكون المعلومات إخبارية لا لزوم لها، على العكس تمامًا..

حكايات غرائبية جعلتني أشعر كما لو كنت أقرأ ماكوندو بنكهة مصرية أصيلة، وشعرت بأن هذه السيدة "عزيزة"، التي عاشت عمرها تحكي عن البيوت وأهلها، إن كانت حقيقة عاشت بيننا فلابد وأن لها في قريتها مقام باسمها تذهب إليه النساء طلبًا للبركة..

جاء الإهداء كختام للرواية وكنص أساسي في نسيج العمل..

شكرًا منير عتيبة رائعتك الجديدة التي جعلتني أركض لاهثة من شخصية لأخرى، ومن حكاية دائرية لمثيلتها..

#نو_ها

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق