ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها لتولستوي والمؤة الاولى التي أكتب فيها مراجعة لأحد رواياته وشعوري نحوها متضارب ما بين التفهم والاستمتاع الاحباط أحياناً!
أجبتني كلمة المترجم وأكثر ما أعجبني أن هذة الرواية لم تنشر في حياة الكاتب ربما لم يكن يريد نشرها إطلاقًا!
وكيف أن كتاباته كانت بمثابة طوق نجاة له وهدف لحياته..
❞ وكاتيا كانت رواية مجهولة لتولستوي تم اكتشافها بعد وفاته، ومثلهما كذلك رواية "نهاية حب"، وفيها كلها كان تولستوي يهتم بالبحث عن الهدف والمغزى من الحياة وكيفية معايشتها وظهر ذلك بمعظم رواياته وفى سيرته الذاتية التى أوضحت شغفه بصنع حياة لها معنى تمنعه من التفكير بالانتحار عندما لا يجد هدفا للحياة. ❝
-كاتيا هي إحدى روايات ليو تولستوي التي تركز على العلاقات الإنسانية وتعرض التحديات النفسية التي يواجهها الأزواج، خاصة عندما يكون هناك فارق كبير في العمر بين الزوجين مثل كاتيا وسيرج هنا . الرواية تروي قصة علاقة تتحول من علاقة حب حالمة ومُرهفة لعلاقة معقدة بين الزوجين اللذين يواجهان أزمات عاطفية وتغيرات نفسية بسبب التحديات المختلفة التي تطرأ على حياتهما المشتركة. في قلب الرواية، يطرح تولستوي تساؤلات حول الحب، التضحية، وكيفية تأثير التوقعات الشخصية والحياة الإجتماعية أو بالأحرى التطلعات الإجتماعية المختلفة على العلاقات.
-من خلال شخصية كاتيا وزوجها سيرج، يعرض تولستوي الصراع النفسي الذي يواجهه الزوجان بسبب فارق السن الكبير بينهما. ومع مرور الوقت، يتبدد الحب الرومانسي الأول ليحل محله نوع من خيبة الأمل فس تحول هذا الحب لشيء مؤلم أو شيء رتيب وسط روتين الحياة الزوجية ليتحول بعدها إلى صورة الحب الأكثر استقرارًا لكن أقل شغفًا. وفي هذا الجزء، يُظهر تولستوي كيف يمكن أن يتخذ الحب أشكالًا مختلفة عبر الزمن، ما يعكس تطور العلاقات الإنسانية وتغير مشاعر الأزواج خلال التجارب والمشاكل والخلافات التي تحدث بينهم.
- لكن الرواية جعلتني أتسائل حول هدف تولستوي من طرح هذه القصة. هل كان يريد تسليط الضوء على تأثير الفارق الكبير في السن بين الزوجين على تطور العلاقة؟ أم أنه كان يعبر عن خيبة أمل شخصية في قصة حب قديمة كان قد عاشها، محاولًا نقل مشاعر الإحباط واليأس حول الحب الرومانسي للقراء؟ هذا الغموض في نية تولستوي يجعل من الرواية تجربة أدبية مثيرة للتفكير، لكنها أيضًا أثارت مشاعر الإحباط لدي حيث رأيت أن تولستوي كان يروج لفكرة أن الحب لا يدوم وأنه يصبح شيئًا عاديًا أو روتينيًا بمرور الوقت.. وهو الأمر الأكثر واقعية ولكني على الرغم وجدت ذلك أمرًا محبطًا.
-ومن ناحية أخرى بالنسبة لي سيرج لم يبذل الجهد الكافي لإعادة تجديد الحب الأول مع كاتيا، بل إنه رفض في استسلام واضح لتقبله لفكرة الحب الروتيني او الاكتفاء بعلاقة صداقة عزيزة وعلاقة حب أبوية فقط مما خلق لدي شعورًا بأنه كان غير عادلًا في هذا . فمن الواضح أن سيرج لا يحاول استعادة الشغف الأول في علاقته مع زوجته، وقد توقعت من الشخصية بذل المزيد من الجهد لإحياء العلاقة..
-على الرغم من كل هذة المشاعر المتضاربة التي تثيرها الرواية ، لا يمكن إنكار أن الفكرة التي طرحها تولستوي حول تحول الحب مع مرور الزمن تُعد نقطة محورية في الرواية. هذه الفكرة أثرت فيّ جدًا لأنها بالنسبة لي تلمس واقع الحياة وتجارب الحب التي تتغير مع تقدم العمر، مما يجعل الحب يتخذ أشكالاً أخرى أكثر نضجًا واستقرارًا وأقل أنانية ربما.. وهو ما قد يكون أكثر قيمة من الحب الرومانسي البراق المًتقلب الذي يكون في بداية العلاقة.
-في النهاية، كاتيا هي رواية لا أستطيع وصفها بالبساطة رغم عدد صفحاتها القليلة نسبيًا، فهي مليئة بالتوترات النفسية والعاطفية، التي تجعل المرء يتساءل عن معنى الحب الحقيقي وعن كنه العلاقة الزوجية المثالية..
تولستوي يعرض فيها جانبًا عميقًا من العلاقات الإنسانية التي تبرز التطور النفسي والعاطفي للأفراد. رغم الإحباط الذي قد تثيره الرواية في بعض النقاط، إلا أنها ذات معنى فكري تجبر القارئ على التأمل في الحب والأوقات الصعبة التي يمكن أن يمر بها الأزواج على مر السنين.