إن العلاقة ما بين الصحافة والسياسة هي أحد أشد العلاقات وثوقا ومتانة، فالتأثير المتبادل بين الاثنين هو أبعد ما يكون. في كتاب الملك والكتابة الجزء الأول يرصد الكاتب محمد توفيق بجهد ممتاز العلاقة بين الصحافة والسياسة في مصر منذ بداية دخول الصحافة. على يد الجملة الفرنسية ومطبعتها في ختام القرن الثامن عشر، ويمتد في رصده حتى ختام القرن التاسع عشر. من خلال الكتاب نلقي نظرة واسعة على بداية وتطور الصحافة وأساليب الكتابة والتحقيق ولتناول الموضوعات في مصر، ثم كيف أن تلك الصحافة كانت تشأتها في حضن السلطة وبمبادرة منها لكي تكون وسيلة لمخاطبة الشعب وإيصال ما تريد من أخبار وأحداث إليه، ثم بدأ التنوع بعد ظهور مراكز قوى وتأثير أخرى في مصر، عبرت عن مصالحها وأطلقت خطابها وسعت إلى التأثير في القرار والسياسة المصرية عبر الصحافة.
أكثر ما كان واضح لي في هذا الكتاب هو أن ما يمكن أن ما يسمى بالصحافة المستقلة وما يتبع ذلك المسمى من تصور عن صحافة لا تعبر عن قوى ومصالح معينة في المجتمع ولا تخضع إلا للمهنية وضوابطها، هو أمر أسطوري أو شبه أسطوري، لطالما نفهم من خلال القرن الأول من عمر الصحافة المصرية، أن الجرائد والمجالات تعبر عن توجهات وتنطق غالبا بلسان قوة ما. هذا لا يعني أننا لا نجد أمامنا في صحافة تلك الفترة أبطال وشهداء وقديسيين أعطوا جهدهم وإبداعهم وعمرهم في سبيل مبادئ يؤمنون بها، لكن في نفس الوقت نجد أن فاعليتهم وتأثيرهم أرتبط بشكل كبير مع تبني قوة ما في المجتمع لخطابهم ودعمهم وجمايتهم.
إن قصة الصحافة والسياسة قصة طويلة ومركبة وطويلة ومثيرة، وفي هذا الكتاب نقرأ تاريخ الصحافة عبر تاريخ الوطن وتاريخ الوطن عبر تاريخ الصحافة. الكتاب يعتبر هام جدا لمن لم يقترب من تلك القصة أو يقرأ عنها من قبل، وأما كنت واحد من هؤلاء، والكتاب يه جهد هائل في تجميع المعلومات وتنسيقها وإخراجها بشكل جيد ومتماسك مما يجعل من الكتاب إسهام كبير في المعرفة والتنوير، في الوقت نفسه فإن الجهد التحليلي والتركيبي كانت مفتقد بشكل كبير في الكتاب، وذلك ما أمسك تقيمي عند حدود ٣ من ٥.