برغم ان المصريات علم قائم بذاته، و برغم ان دارسيه على مر السنين يفوقون الحصر ، الا ان الميثولوجيا المصرية لم تحظ باقتباسات أدبية كتلك التى حظت بها الميثولوجيا اليونانية و النوردية.

كاتبنا، محمد أ. جمال ، متأثرا على الأغلب بمحاولات نيل جايمان مع الميثولوجيا النوردية و ستيفن فراي مع اليونانية ، قرر ان يخوض تجربته مع أساطير الخلق المصرية....فيبدأ من البداية الاولى: حيث المحيط اللانهائي الذي سينبثق منه خالق العالم ..رع.

دراما معقدة و متشابكة...محاولات أسلافنا لتفسير عالمهم ....الشروق و الغروب....السماء و الأرض....الموت و الحياة...الخير و الشر.

الحقيقة ان أكثر من أثار انتباهي هو (عابب)...أبوفيس....الثعبان العملاق ...مدمر العوالم ....الكيان الهائل المخرب الذي لا وظيفة له كل يوم الا محاولة تدمير العالم و افنائه، بينما رع و ابنائه، يوميا، يصدونه و يردعونه....لا هو ييأس و يكف عن المحاولة و لا هم يفترون.

طبقا للأسطورة فعابب لم يكن من خلق رع....بل (وجد) معه...الاثنان خرجا الى الحياة سويا أحدهما يخلق و الآخر يدمر...أدرك المصريون -و البشر عموما- مبكرا جدا ان الحياة و الموت صنوان لا يفترقان....وجهان لعملة واحدة.

الكتاب مسل و ممتع و جريء، لم يخش من الإشارة الى الإشارات و التلميحات الجنسية العديدة التي حفلت بها الميثولوجيا المصرية.

لا أعرف ان كان جمال ينوي ان يغترف أكثر من معين الاساطير المصرية فيكتب لنا روايات أكثر تفصيلا عن عابب او عن مملكة الموتى او عن الفراق الأليم بين جب و نوت ....هل ينوي ان يكتب روايات من خياله عن أنوبيس و عن سخمت الغامضة ؛ الخليط الغريب ، و المفهوم رغم ذلك، بين الجمال و الرقة و الوحشية ...أو عن ست....كلنا نعرف ست الشرير ....ست المغتصب....لكن ماذا عن ست المظلوم؟؟!! رب الصحاري و الأغراب....الإله الذي يدفع عنا يوميا شر عابب؟

سواء قرر جمال أن يكتب المزيد أم لا، فهو قد فتح عيوننا على معين لا ينضب من القصص و الحكايات.