رواية "عهد مريم" كتبت على أنغام بوسييه.
لعب المؤلف د مصطفى مع بوسييه لعبة رومانسية على إحدى القضايا الحساسة لدى المرأة وهي الأمومة، التي اشتق منها فروع روايته القصيرة، لتعيش لحظة من الانسجام مع الألحان، ورؤية الشخصيات من خلال تفاعلها مع النغمات وصور من حب الشخصيات للرسم وخاصة الفن التشكيلي.
تتناول الرواية موضوعها بلسان الشخصيات عن طريق سرد الأصوات الذي يحمل بروايها العليم مفتاح كل شخصية وحكايته، بداية من مروة وزواجها إلى مريم وفريدة وعلي مرورًا براغب سلامة الذي يعتبر مُحرك الأحداث من بعيد.
في سياق متوازن تبدأ الرواية برصد لحياة مروة من فتاة صغيرة إلي مسافرة لعدة بلدان إلى امرأة حُرمت من الأمومة لأسباب ربانية، ومنها إلى حياة تسوقها للانهزام واليأس ومنها للجنون والراحة والاستقرار من جديد.
يعد ترابط الشخصيات ببعضها في الرواية خلق حالة من التجانس الهارموني كما يحدث في الأوركسترا أو ما يخلقه الفن التشكيلي خاصة في لوحة السماء الزرقاء التي رسمها فان جوخ وغيرها من اللوحات التي أشار لها الكاتب داخل النص.
ومن هذا التجانس تظهر عبقرية المبدع في السرد أو التوافق اللغوي الذي كان نابغًا في النص، ما يجعله مكتوب على نوتة موسيقية يمكن تلحينها، أو قراءة الرواية على أنغام بوسييه.
في هذا الشق من النص كان لفريدة دور فعال في حياة مريم التي هبطت عليها من السماء لتكون سببًا في نجاتها أيضًا كأن القدر السردي حدد لهما لقائًا لتكتمل قطعة البازل الناقصة في حياة كل منهما، أو استكمال من نقص ببديل يجعل من حياتهم سبيل للاستمرار ولعلي زوج فريدة نصيب من رحلة راغب سلامة.
في زمن ومكان الرواية تجد بُعدين متقاربين فلا جدوى من ذكر أي زمن، فالرواية تدور بين مكانين وفي زمن قريب لا يحتاج لوصف كثير أكثر من وصف حالة الشخصيات التي برع فيها الكاتب كعادته...
أما عن اللغة التي ساقتها الشاعرية تأثيرًا بوسييه وتأملًا في لوحات الفن التشكيلي لفنانين مشهورين جعل منها أصالة في السرد ومتعة في الوصف ورشاقة في إيقاع القراءة نسبة للميزان اللحني للتأليف.
بين كل ذلك تبقى الأمومة هي محور النص بالنسبة لي، كيف تشابكت الأدوار وتلاحمت الأقدار وتلاعبت كل شخصية بصفاتها ومرجعيتها التي بناها الكاتب في خدمة نصه.
فمروة هي بيت القصيدة وبداية اللون الأبيض في اللوحة ومقدمة اللحن بينما فريدة في بعض الأحيان تتبادل الأدوار مع راغب سلامة في قيادة الأوكسترا وعلي يعزف معهم بكمان، بكل انسجام منتظر كل آلة منهم تحرك معصمها للالتحام معها في سمفونية موسيقية سردية رائعة لحياتهم، من أجل تلك الجميلة مريم التي تعيش حالة من موهبة الرسم وتعيش دور المستمعة والشاهدة على العصر.
رواية قصيرة لن تأخذ منك الكثير لتقرأها، بل تعطيك عالم جديد من التشويق والإثارة السينمائية بمشاهد تشكيلية وموسيقى تصورية على أنغام بوسييه.
#عهد_مريم
#على_أنغام_بوسييه