تنسج الرواية عالمًا دستوبيًا، حيث تخضع الكتب للمراقبة الشديدة، والخيال يُعتبر جريمة، والحرية مجرد كلمة نسمعها دون أن نمارسها، تُخدعنا بغلافها الجذاب. كنتُ أعتقد أنها رواية موجهة لليافعين، لكن مضمونها جاء مغايرًا للتوقعات. لم أقرأ أيًا من الأعمال التي ذُكرت فيها أو في المراجعات، لكنها ذكّرتني بكتاب بدأته ولم أنتهِ منه. يتناول الفصل الأول مفهوم "ثالوث القمع": الدين، السياسة، والاقتصاد، وهو الثالوث الذي تعتمد عليه الدول في تحريك شعوبها. كما تذكر بثينة في الرواية، يتضمن ذلك الزي الكاكي، وصورة الرئيس، والمباني المتراصة والمتشابهة، وغيرها من النماذج التي تُشيّدها الحكومات.
في النهاية، يتحول الشعب بأسره إلى آلات، تُغسل عقولهم ليعرفوا فقط ما يُراد لهم معرفته، ويعيشون كما ترغب حكوماتهم في أن يعيشوا.
نهاية الرواية صادمة، مليئة بالأسى والحزن، وكنت آمل لو كانت النهاية سعيدة. تمنيت لو لم يتحقق ما قاله المراقب الأول: "كل من يقرأ زوربا يُجن!"
إنها رواية لا يمكن تركها إلا عند نهايتها، حيث خلقت بثينة العيسي عالمًا خاصًا. تعرفت عليها من خلال رواية "خرائط التيه"، التي شعرت فيها وكأن أحدهم يمسك برأسي ويضربه في الحائط من شدة الأوجاع التي سببتها. لكنني سأظل أقرأ لها دائمًا وأبدًا، فهي بثينة الوراقة ذات القلم المتمرد.
٢٦،أكتوبر،٢٠٢٤ - ٢٩،أكتوبر،٢٠٢٤