ما وراء الخراب: أسئلة الدين – النهضة – الآخر – الهوية- التراث > مراجعات كتاب ما وراء الخراب: أسئلة الدين – النهضة – الآخر – الهوية- التراث > مراجعة Fedaa El Rasole

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

لا يوجد شيء علي وجه الأرض أسهل من الخراب، فالهدم دائماً يكون أسهل من البناء، وفي صراعات العالم الكبير لا تكتفي الأُمم العظمي بالنهضة والتطوير فقط، الإمساك بزمام الصدارة ومتون القيادة يُلزمك بإضعاف الآخر كي لا يتمكن من مُجاراتك فيما تصبوا إليه من تقدم وسيادة.

قديماً كان الأمر يُحل بمبارزة، فارس لفارس، أو رجل لرجل، أو حتي جيش لجيش، ثم تطور الأمر أن تحاربت الدول وكوّنت تحالفات تطاحنت مع بعضها في حروب عالمية خلّفت أطناناً من الخراب، كُلفة الحروب وفشل غاياتها أفرز علي الساحة نوعاً آخر من النزاعات الحديثة، وهو هدم الأُمة أو الدولة المقصودة من الداخل.

كل ذلك يُمكن أن يتحقق بمنتهي السهولة عن طريق ❞ هدم الحقائق ونسيانها والإعلاء من شأن الأكاذيب لمصالح سياسية واقتصادية، وللحكم والسيطرة.. ❝ كما ذكر الكاتب.

في البداية يطرق الأستاذ ابراهيم عبد المجيد سؤال الأديان، يمر علي تاريخ نشأتها سريعاً، يأتي بالحديث من أوله، من بدأ سريان الحياة علي الأرض وحاجة الإنسان المُلِحه لوجود قوة أكبر منه تحميه، ثُم يُتبع ذلك بتسلسل الأديان والرسالات ونمط سريانها في العقول التي كانت تتقدم وانتقلت من خانة الاعتقاد بوجود آلهه كثيرة لوجود إله واحد فقط.

يُعلي الأستاذ من الحاجة المُجتمعية للدين، ويشرح علاقة الإنسان به بعد الاستقرار بينهما علي أن تكون الأخلاق هي الرابط بينهما والمانع لحدوث أي نازلة أو معصية كبيرة حض الدين علي منعها.

الأزمة الكُبري تجلّت بعد ذلك في ركوب الإنسان للدين، واستخدامه مطيّه لتحقيق أهداف ومصالح سياسية واقتصادية والاستعلاء علي الناس بسيف الكهنوت وكلمات الرب، وقد أورد الكاتب العديد من النماذج القديمة والحديثة علي هذا النموذج، الأمر كان غاية في الخطورة في الكثير من مراحل التاريخ، للدرجة التي جعلت كُهان المعابد يُسقطون قرار اخناتون بتوحيد الالهه لمّا رأي فساد أهل المعابد، فغلبوه بسطوة الدين وأسقطوا قانونه وعادوا إلي سيرتهم الأولي.

الوقوع في فخ الأسئلة القديمة يحول دون التقدم والوصول لمُنجزات تقدمية حقيقية، ومع أهمية الموضوع التالي يظل السؤال المُلِح طوال عديد من العصور في تاريخ مصر، أين هي النهضة؟ وما مدلولاتها؟ وما الذي أخرنا عن غيرنا من الدول الصغيرة التي قفزت قفزات رائعة في وقتٍ بسيط؟!.

نهضه كبيرة في عهد محمد علي واسماعيل، احباط انجليزي لإعادة إحياء نهضة مصر بسبب أطماع انجلترا في مصر وخوفها من تغولها عليها وصل الأمر لحد عزل اسماعيل نفسه عن الحكم وتقويض قوة مصر التي كانت مطمع انجلترا في ذلك الوقت، الأزمة الكُبري ليست في العناوين بقدر ما هي في التفاصيل، فقد كانت الدولة قد قطعت أشواطاً كبيرة في طريق التقدم ولكنها دائماً ما كانت تعود أدراجها سنيناً إلي الوراء، فأين مكمن الأزمة؟!.

قسّم الأستاذ حديثه عن إجابة سؤال النهضة إلي أربعة مراحل مرت بها النهضه في بلادنا قبل أن ندخل بسياسات الإدارة لدائرة مُغلقه أصبح الحديث فيها عن موقعنا من النهضة محض هُراء، وقد مر الأستاذ في سياق إجابته بمصر الخديوية من عهد محمد علي حتي ظهور الضباط الأحرار وحركتهم في يوليو، قبل أن يستكمل الحديث عن الأُطُر العامة التي اتبعتها الأنظمة في إدارتها لشكل الدولة وبنيتها، من عبد الناصر ومحمد نجيب وصولاً إلى حسني مبارك.

المُميز في الكتاب بجانب ما يُطرح فيه من موضوعات هامة، هو الإيجاز والدِقة، فقد أوصل الأستاذ رسالته بطُرُق شتي، لملم تجميعة كثيرة منها التاريخي والإجتماعي والفلسفي والرأيي وأخرج لنا خمسة أسئلة مهمة ومُتجذرة ترتبط ارتباطاً تامّاً بالأمم وأحوالها علي وجه العموم، وبمصر ونهضتها علي وجه الخصوص.

عادةً ما تحتاج الأعمال الفكرية لطريقة عرض أكاديمية بحته، ذاك الأسلوب - للأسف - هو ما يناسب تلك الأطروحات دائماً، لكنّ الأستاذ أخذ اللين باللين، وبسط معلوماته وطرحه بطريقة لا تستدعي الباحث والأكاديمي فقط، ولكنها تسترعي اهتمام كل مثقف وتأخذ بعقله لما في الكتابة من ارتباط بالوعي وعلاقة وطيدة بالواقع والماضي والمستقبل.

ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها مقالات الأستاذ إبراهيم عبد المجيد، ولكن لكتاباته الغير روائية جانب آخر مهم، وأرض مختلفه ينبغي أن يطأها الكاتب برأيه وإشاراته، وأن يكون الكاتب واعياً لما يدور حولة مُحاولاً بطريقة ما تنبيه الناس المأخوذون في غفلة أحوالهم وظروف معيشتهم، الكُتّاب ليسوا فقط أصحاب حكايات تُروي وقصص تُنثر هُنا وهُناك، إن لم يكن للكاتب غاية ومقصد يكتب لأجله فإنه سيتيه مع المُشتتون.

رُبما أنها خمس مقالات لخمسة أسئلة عدّها الأستاذ من أهم تساؤلات الأمم وأهم عوامل قيامها أو سقوطها، لكنّي أعتقد أنّ الاسئلة أكثر والأمر أكبر من ذلك بكثير ويمتد إلي كتابات أُخري قد ذكر فيها الأستاذ جُملة وتفصيلاً من نحن؟ وما الذي يحدث؟وأين نحن ذاهبون؟، وقد حذرنا من مغبة ذلك الوصول.

اقتباسات :-

❞ احتياج الإنسان إلى الدين لم يأت بعد كتب قرأها ولا نقوش سابقة على وجوده، إنما هو احتياج طبيعي لكائن حائر في كون كبير، لذلك لا يمكن أبدا إنكار الدين، مهما تقدم الإنسان، وترقى في عقله، وفاق وتطور في الكون، فهناك دائما الحاجة إلى إله يلوذ به، يطمئنه ويحميه، وهكذا كان مصير كل الفلسفات المادية الفشل، وكل حركات الإلحاد النسيان. ❝

❞ لقد سعى الإنسان إلى الدين، ثم راح يستغله خارجا به عن حدود الأخلاق، التي هي هدف الدين الأسمى، ❝

❞ كل هذا الجدل الذي نعيشه هو خراب حقيقي للعقول والأبْدان والأوطان. ❝

#دار_معجم_في_نقوش.

#حكايات_نقوش.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق