لكي نقيم هذا العمل يجب أن ننظر إلى تاريخ صدوره، وحينها
سوف نرى ما سبق إليه مصطفى محمود في محاولته حيادية الكاتب وعرض رؤى الأبطال المختلفين. سنرى جرأة في عرض أفكار كتمرد امرأة وإلحادها وتمرد أخرى بخيانة وحيدة تنظر إليها أنها مبعث مقدس لرقيها وليست خطوة على طريق التدني. سنرى نقاشا لجرأة وجبن وقوة وهشاشة وخبرة وسذاجة وكافة متناقضات دخيلة رجل يكتشف رجولته متأخرا. لم نشعر بانحياز للكاتب ضد أي شخصية في العمل، حتى ذلك الخولي قدم أعذاره إلى جانب شره. إن تلك الحيادية لم نزل نعلمها للمؤلفين حتى اليوم وكثيرون يعجزون عن الوصول إليها، وهذا كفيل من الناحية الفنية باحترام هذا النص
بالطبع هناك بعض التطويل في الحوار، لكنه لم يكن شديد الإزعاج نظرا لعلو الإحساس
هناك سلاسة تعبير وبساطة انتقاء للمفردات تجعل النص مختلفا عن كثير من كتابات عصره المتبنية للصنعة والساعية لصورة الكاتب ملك الصومعة المتعالي على قارئه
وعلى ما قد يبدو سطحيا من استهلاك الحدوتة، إلا أن إثارتها لأفكار ضخمة دون وضع رأي الكاتب كقانون على القارئ اتباعه وارتضائه يجعل من النص سابقا لعصره في الاشتباك مع عقل القارئ وإثارة عقله للبحث بنفسه عن رأي يخصه هو لا يملى عليه
هو نص مهم، يفيد من يريد رؤية تطور السرد العربي بعيدا عن التجمد عند أسماء بعينها والغفلة عن زخم من القيمة