طبعا مش صدفة ولا تصادف خلصت قراءة رواية بابر -ما روي عن ابن أيوب المصري - من حكايات المنسيين للكاتب السكندري الحبيب إبراهيم أحمد عيسى وللأسف كنت متوقع إنها تخلص في يوم واحد لكن محصلش بسبب ظروف شخصية وسفر طارق.
وخلونا نبدأ على طول المراجعة ونقول إنطباعي عنها والحقيقة الرواية عظيمة لكنها مش في نفس عظمة رواية الحاج ألمان.
الرواية متميزة في جانب جودة الكتابة وبراعة الأسلوب ودقة وشاعرية الوصف.
أنت تقرأ وتستمتع باللغة والوصف والحوار وخيال الكاتب في تصور الأحداث.
لقد قرأت واستمتعت ونشرت أكثر من أقتباس توقفت عنده على تطبيق أبجد.
وتعالوا نتكلم عن الغلاف الملحمي الرائع وصراع الببر مع الفيل الهندي، بصراحة غلاف عالمي ومميز.
وبصراحة أكتر كنت معتقد إن الرواية هتتناول حياة وحروب الشاه ظهير الدين بابر وكنت قد قرأت عنه منذ فترة طويلة، لكن الرواية كلها تتحدث عن يونس بن أيوب المصري ذلك الشاب الذي خرج مع أسطول المماليك بحثا عن البطولة أو القدر أو هربا من البيت من أجل نداء النداهة.
ولحد نهاية الرواية معرفتش ليه يونس خرج من داره بدون عقيدة محددة أو غاية واضحة.
تعالوا هنا نتكلم عن الشخصيات في الرواية وكلها بدون استثناء كانت عظيمة البناء والتقديم وكانت واقعية جدا وكل شخصية كانت متميزة في قدرتها على التعبير عن نفسها وبيان مبرراتها واتخاذ القرارات المصيرية الصعبة ما عدا يونس بطل الرواية.
الرواية تتحدث عن المنسيين في كتب التاريخ في مرحلة صراعات القوى والعروش في القرن السادس عشر بعد أكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح ومع صحوة البرتغاليين البحرية وسيطرتها على التجارة والملاحة في البحر والتحكم في شواطئ ومدن الهند.
نتعرف من خلال الرواية على طبيعة المحتل ومختطاته ورغباته وتصوراته وأحلامه ودوافعه.
تدور أحداث الرواية في عشرين عام تقريبا ونستعرضها من خلال مشاهد سريعة نستعرض فيها أحداث محورية في حياة شخصيات الرواية ونستعرض فيها مضات أدبية وبلاغية نجح الكاتب من خلالها وضع صورة مكتملة لكل شخصية.
الرواية تجاوزت ال٥٠٠ صفحة ومع هذا كانت سريعة الإيقاع لا يوجد ملل أو حشو زائد إلا في قليل من الفصول المتعلقة بشخصية يونس.
للمرة الرابعة أو الخامسة نقدر نقول إن الرواية سحلتني فعليا ما بين صفحات التاريخ المنسي وحكايات الاستخراب البرتغالي في الهند.
وطبعا لابد من لفت النظر لللغة العربية الفصحى في السرد والحوار واللي كان منمق وملحمي.
الجانب التاريخي في الرواية مثير جدا وعظيم.
التنقل ما بين كل الشخصيات في الرواية كان سلس وتم ببراعة مع قفزات زمنية ومكانية مدهشة.
تعالوا بقى نتكلم عن السلبيات وهي بالنسبة ليا قليلة جدا ومركزها وفي قلبها شخصية يونس بطل الرواية اللي كرهته جدا ومقدرتش أفهم شخصيته الحقيقية شوية هو مسلم مجاهد قوي الساعد وشوية هو مجرد كلب مدلل في بلاط الغزاة وشوية هو عاشق خائن مسلوب الإرادة والعزيمة وأخيرا هو بطل قومي.
والسلبية الثانية التي وجدتها هنا هي تأخير ظهور شخصية الشاه بابر ظهير الدين حتى الثمن الأخير من الرواية.
على كل حال رواية بابر واحدة من الروايات الجيدة جدا لكنها ليست من أجمل وأحلى الروايات التاريخية اللي قرأتها في للفترة الأخيرة وتستحق الجوائز الأدبية وترجمتها لأكتر من لغة وحاليا متحمس لرواية باري أنشودة سودان جدا جدا وبالتأكيد برشحها وبقوة لكل عشاق الأدب والتاريخ والرواية.
#أحمدمجدي