المحاكمة > مراجعات رواية المحاكمة > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

المحاكمة - فرانز كافكا, د. نبيل الحفار
تحميل الكتاب

المحاكمة

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

يستيقظ السيد "ك" على اعتقال تعسفي طالت يديه غرفته وخصوصيته وتوغل إلى أكثر من ذلك، وهي عادة أثيرة في روايات "كافكا" التي يستيقظ فيها البطل على حدثاً يزلزل حياته، كتحول البطل إلى صرصار في رواية التحول، ولكن السيد "ك" على عكس "جريجور سامسا" يُحاول فهم ما حدث له، يُحاول تحليله منطقياً وفلسفياً لو أمكن، والأهم من ذلك أنه لم يرتكب أي شيء ليعتقل بسببه، وتنتهي الرواية ولا نعرف الفعل الذي جعله مطلوباً للمحاكمة.

لا تسعى رواية "المحاكمة" لأن تُسهل أفكارها على قارئها، فالرواية متعددة الرمزيات ومتداخلة التفاصيل، فاستخدام "كافكا" للمحاكمة بمثابة وسيلة ناجحة لجعلنا نتعمق في عبثية الكون، فقد تستيقظ من نومك على أمر اعتقال يخصك لأتفه الأسباب المُمكنة؛ تشابه أسماء، آراء مخالفة لنظامك، إلى آخره من الأفعال التي قد تُعرضك للاعتقال وحينها تغوص في بحر البيروقراطية من اللف والدوران على كل المكاتب المختصة والبحث عن كل التواقيع والأختام لكل الأوراق التي تخصك منذ يوم ولادتك، تفتش عن أشطر المحاميين وألمعهم وأعلاهم سعراً، وكل ذلك بمثابة رحلة سعي للحصول على حريتك، ولكن، هل توجد حرية أساساً لتتمتع بها؟ هل توجد عدالة في العالم يُمكنها أن تمنحك حريتك بشكل كامل؟ دعني أسألك بشكل أوضح؛ هل توجد بقعة في هذا العالم بها حرية بشكل كامل؟

ولا يكتفي "كافكا" بنبش مقابر البيروقراطية بأوراقها العفنة الهائلة، بل يتوسع إلى أكثر من ذلك، ويشمل بذلك علاقة التجارة بالسلطة، علاقة الدين بالسلطة، علاقة المجتمع بالسلطة، من خلال لفيف من الشخصيات الذين يُمثلون فكرة أو عينة هائلة من البشر أكثر من كونهم يمثلون أنفسهم فقط. استخدم كافكا الحوارات بين الشخصيات ليقارن بين أفكار متعددة، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ حوارات السيد "ك" مع التاجر والراهب والمحامي، مواجهات تحمل أسئلة وجودية حقيقية ونبحث عن إجابات تُرضينا، ويبحث "كافكا" معنا عن تلك الإجابات الملعونة، هل الشقاء في العالم يستحق العيش من أجله؟ هل الحرية يُمكن أن ننالها؟ في ظل كل التعقيدات والقوانين التي تُكتفنا وتجعلنا كالمتهمين دائماً، كل فعل نقوم به، يجعلنا مُعرضين للمحاكمة من المجتمع والناس والدولة والدين، كل فعل مهما صغرت أهميته، بل ويخبرنا "كافكا" أنه يُمكن ألا نفعل أي شيء على الإطلاق، ورغم ذلك نجد أنفسنا نُحاكم ونترك على الرصيف مثل كلب.

ختاماً..

رواية رمزية تغوص في الحياة وفلسفتها، تطرح أسئلة عديدة، وتشركنا فيها، رغم معرفتنا أن الإجابات لن تُعجبنا بكل تأكيد.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق