رقم اثنان وستون / 2024
في صالون العقاد كانت لنا أيام
أنيس منصور
تطبيق أبجد
"" أنا لم أختر العقاد، إنما اخترت نفسي في العقاد. ولا أجد وصفا يصف الكتاب كمثل هذه العبارة.""
"" يروي لنا الكاتب الكبير أنيس منصور في هذا العمل الكثير من القصص والحكايات النادرة التي دارت بين العقاد وضيوفه في صالونه الذي كان يديره ببيته، فقد كان أنيس أحد مريدي العقاد للدرجة التى جعلته يقول: «عندما انتقلت من المنصورة إلى القاهرة التحقت بجامعتين في آن واحد؛ جامعة القاهرة، وجامعة العقاد». وكانت جامعة العقاد من وجهة نظره أقرب وأعمق وأعظم.ويأتي هذا الكتاب كاشفًا عن العقول والضمائر والأفكار الراقية التي احتشد بها صالون العقاد في شهادة تاريخية دينية فلسفية تُعرض للأجيال وينقلها لنا أنيس منصور بقلمه الساحر لتمثل كتابًا من أهم الكتب في ترجمات أدبائنا المعاصرين""
" و نسارع إلى شارع العقاد ، و لا نرى أي معالمٍ لهذا الشارع ، حتى أننا لم نعرف شكل البيت و لا المدخل و لا عدد السلالم التي نصعدها إلا بعد سنوات طويلة ؛ فلم نكن نرى و لا نسمع .. و إنما ندخر الرؤية للعقاد ، و ندخر السمع لكلامه ، و قد كان رأسي مثل راديوصغير ،مضبوط على موجة واحدة ! فالمؤشر لا يتحرك إلى محطات أخرى ؛ فلا محطات أخرى ! إنه العقاد : و هذا يكفي"
من هو العقاد؟ اثناء قرائتي للكتاب كنت اتسائل من هو لانه من الصعب تصنيف العقاد هل هو فيلسوف ، كاتب، شاعر، صحفي، اديب، واطلق عليه لقب العقاد لان والده كان يعمل في صناعة الحرير و هو كاتب مصري توفي عن عمر 75 عاما عام 1964 وولد في اسوان 1889 والكتاب كشف لنا اشياء واشياء عن العقاد الاديب وان كانت بسيطة.
أنيس منصور: هو الكاتب نكتشف من خلال الكتاب جوانب مهمة من شخصيته وفكرة حيث يمكن تصنيف الكتاب انه السيرة الذاتية لانيس منصور توفي عام 2011 بالتهاب رؤي ومن المعروف عنه انه دائم الخوف من الزكام ، ن أهم أعماله: كانت لنا أيام.. في صالون العقاد – أرواح وأشباح – حول العالم في 200 يوم .
صفحات الكتاب:
1. الكتاب وصف متواصل للصالون الذي كان يجتمع فيه أسبوعياً عدد كبير من المفكرين والمبدعين المصريين والعرب وبعض الأجانب اوالزائريين بين الحين والآخر، وكان الكاتب المصري أنيس منصور أحد هؤلاء، وقد وصف ذلك بالقول : ""عندما انتقلت من المنصورة إلى القاهرة التحقت بجامعتين في آن واحد، جامعة القاهرة، وجامعة العقاد""
2. تحدث الكتاب عن العقاد و أرائه حول الحرية والديمقراطية و عن أساليب الحكم والتفكير التي نقلها أنيس منصور في كتابه. يقول محمود فوزي: “ليس هذا الكتاب عملا أدبيا فلسفيا تاريخيا دينيا فقط، لكن عصر الكاتب لب الحياة الفلسفية وقدمها لنا في كأس تغنى عن محيط عمالقة الفكر المصري، وصنف الكاتب الحياة الثقافية في مصر في مطلع الأربعينيات من خلال وصف المعارك واللقاءات والنقاشات التي دارت في وقتها بين عباقرة ثقافة المصرية من أمثال طه حسين، العقاد، توفيق الحكيم وسلامة موسى وغيرهم.
3. يروي الكاتب أن صالون العقاد كان ينعقد في منزله صباح كل جمعة وينتهي في الساعة الثانية ظهراً، ومن رواده عبدالرحمن صدقي وصلاح طاهر وزكي نجيب محمود وطاهر الجبلاوي وعلي أدهم. وفي ذلك نجد أن كل العقول والأذواق والضمائر والمعارك بين المبادئ والقيم، قد احتشدت في صالون العقاد.
4. نحن نقرء عن العقاد من خلال أنيس وأسلوبه، فهو تحدث عن العقاد وحياته من خلال انيس منصور وحياته فانت تقرء صفحات عن انيس وملخصات عن العقاد يمكن القول انه سيرة مشتركة أو منفردة .
5. انيس هنا بشخصيتين كل شخصية اخذت من الثانية ، فهو يتكلم كثيرا عن نفسه في الوقت الذي أوهمنا أنه يتحدث عن العقاد، وربما في محاولة إظهار نفسه على حساب العقاد، فهو عمل على رد اعتبار لما كان يحصل له من تنمر نفسي من العقاد في صالونه ، لذلك الكتاب هنا منحاز لأنيس، وآراء أنيس، ونظرة أنيس، بل وأنيس نفسه، وقد أوضح هو ذلك، فقال أنه يحب توضيح نفسه لنفسه قبل الناس، فهو في تدريسه في الجامعة، في محاضراته، في مقالاته، كان كل ما يقوم به هو توضيح نفسه وشرحها وإخراجها إلى حيز الوجود، حتى وإن أوهمنا أنه يتحدث عن شخص آخر، بل إنه في طريقة حديثه تجده يحلل ويقارن وكأنه يتحدث إلى نفسه ويقنعها قبل أن يتحدث الى القارئ ، ويتضح من زاوية رؤيته حبه للفلسفة وتشربه لها، لذا فإنك تجده يحلل حوارات العقاد وهو ينقلها، ويصبغها بنظرته الفلسفية.
6. مناقشات العفاد وضيوفه ابحرت في كل مكان عبر 720 صفحة في التاريخ و في الحرب و في الفلسفة، والشعر بل تعدت الى الامور الحياتية والشخصية لرواده .حيث عمل على حل امورهم ومشاكلهم الصغيرة، ولذلك كانت عنده هذه الأبوة وهذه الأستاذية التي تجعلنا نشعر أنه عظيم دائماً، يعرف ما نريد ويقدم لنا المساعدة بل ويضعنا على الطريق.
7. كان العقاد رجلا لا يابى الا الكمال وكان عنده من عزة النفس والكبرياء ما جعل غيره يصفونه انه متكبر شديد الكبرياء، لا يرتضي أن يشعر بالاحتياج لغيره، وأظن أن عداوته للمرأة ناشئة من شعوره بالاحتياج إليها هو ذلك الذي أفنى حياته مثبتا أنه ليس بحاجة أحد! لقد عقد العقاد حياته بنفسه، لم يرتض الوصول للعظمة إلا عن طريق السبل الوعرة، لم يرض الطرق الميسرة، لم يمش في الطرق المعتادة، إنه رجل أنهك نفسه في التفكير، وإن كان من شيء تعلمته منه، فهو أن لا أفكر كثيرا، لكيلا أمرض بالحياة ومن الحياة، لم يستطع العقاد أن يعيش حياة الناس لأنه كان بحاجة لتفكيك وتحليل كل خطوة كان الناس يتخذونها ببساطة.
8. لقد توفي العقاد لأن جسمه لم يعد يحتمل عقله، هذه العبارة التي قالها في مرضه لا زالت ترن في أذني وستظل، لقد قال: "إن عقلي يوجعني"، نعم لقد كان عقله مصدر آلامه كما كان مصدر إلهامه، لقد نصب عقل العقاد للعقاد تمثالا، لكنه بعد ذلك حفر له قبرا ودفنه فيه، ورغم ان الصورة العظيمة للعقاد، إلا أنه كان يحمل في داخله طفلا يضحك لمجرد ابتسامة عابرة، لكنه حاصره وطوقه بالعقاد "المثالي" الذي أراد الوصول إليه.
9. ناقش الصالون هموم المجتمع المصري في فترة مهمة من تاريخه الى الانقلاب او ثورة 52 وما بعدها وحكم عبد الناصر الذي لم يحبه العقاد مثل قضايا الشباب والمال والزواج انتقد سياسات ووقف مع اخرى وتخاصم وتصالح---.
10. الكاتب هو الذي أكثر في وصف الحياة الثقافية في مصر في مطلع الأربعينيات عبر الكتاب في صالون العقاد حيث وصف واللقاءات والنقاشات والخصومات التي دارت وقتها بين عباقرة الثقافية المصرية حيث عرفنا منه تاريخ العقاد وآراءه في الثقافة والسياسة والفن، وعرفنا معه تاريخ مواهب شابة في كل مناحي الحياة والفن والأدب. وكما يقول الدكتور عاطف الشيرازي:“ربما مكّنت إجادة أديبنا أنيس منصور بعدة لغات من امتلاك هذه الثقافة الواسعة ومن الكتابة في موضوعات مختلفة، فقد كتب عن كل شيئ وفي كل شيئ، فهو أكثر كاتب تألق في نشر كتب عن مختلف الحضارات وعن كتاب الموتى وعن أسطورة لعنة الفراعنة التي رسخت في رؤوس عاشقي الحضارة المصرية، وعن الأرواح والأشباح، وكذلك كتب عن الضحك وكتب عن الموت أيضا.
11. يعد كتاب في سيرة ثقافية تاريخية لعالمية الفن والثقافة والفلسفة و الأدب الفلسفي للعقاد والكاتب وجيلهما من الأدباء والمفكرين في مواجهة عباقرة الفكر والأدب والفن والسياسة والدين في مصر، وهو بشهادة معظم النقاد المصريين والعرب من أحسن ما ظهر في الخمسين عاما الماضية، فهي أيام وسنوات في صالون شخصية فذة أعجب بها وارتبط بها اتفاقا واختلافا، ففي صالون العقاد وبالرغم منه أيضا رأى أن هناك عظماء آخرين تأخر في معرفتهم والالتقاء بهم مثل طه حسين وتوفيق الحكيم والمازني ومصطفى السيد وسلامة موسى ومي وغيرهم وغيرهم .
12. الكتاب فيه دمج لكل شيئ حيث لخص العنوان الكتاب فهو تحدث عن الادب واهتمامات الكاتب المصري الكبير عباس محمود العقاد دون تسلسل زمني للاحداث . ومن هذه النقطة نجد أن الكتاب لم يعد ترجمة للعقاد فقط بل عرض لمشكلة جيل شاب متعلم في مصر والعالم العربي يعاني من تخبط فكري شديد جدا. يخرج الكاتب عن موضوع سيرة العقاد ليخوض في نقاشات فلسفية دينية اجتماعية تقف كالجدران في وجه الشباب الصاعد فلا يعرف لها حلا ويبقى متخبطا بينها لكنها قضايا ارهقت الجيل .
13. وصف العقاد بانه عدو المراة لانه رفض الزواج وربما استهوته الأديبة الكبيرة مي زيادة، وبينهما مراسلات كثيرة، ولكنه لم يتزوج رغم كل ذلك، وكان للعقاد فلسفته الخاصة في هذا الموضوع".
14. وكان العقاد يكره الفلسفة الوجودية ويمقتها، في الوقت الذي يتبناها أنيس منصور ويكافح من أجلها، فالعقاد يرى أن الفلسفة الوجودية مريضة أو من أعراض المرض، لأنها تبالغ في مفهوم الحرية والقلق والموت عند الإنسان، وتعطي الإنسان ما لا يستحق من الوزن، وتسلب الكون ما يستحق من الوزن، وكان الشباب من معتنقي هذه الفلسفة يخفون مشاعرهم نحوها ولا يريدون أن يتأثروا برأي العقاد، وينمون ما يشعرون به سراً، وهم بين نار محبة أستاذهم وبين نار قناعاتهم التي تتأجج، وفي هذا الشأن يقول أنيس: "كان العقاد يصدمني أيضاً، فقد كان يدين بفلسفة غير التي أدين بها، فأنا صاحب قلب وهو صاحب عقل، أنا أنبهر وهو يضيء، أنا أتغنى وهو يخطب، ولا أعرف كيف صدمني العقاد في أعز ما أملك، (حبي الوجداني للفلاسفة)، هو صاحب عقل كبير وكنت صاحب قلب صغير، كنت أمسك في يدي شمعة أما هو فيمسك النجوم والشموس".
15. وأخيرا تميز العقاد بنوع من التكبر لانه كان يرى نفسه منفردا وعالما بكل المجالات
اطلعت على مقال نقد الكتاب لمحمد الباز حيث استند في عملية التكذيب الى الصور لا يوجد صورة تجمعهما الا صورة الغلاف عمر انيسكان 60 وليس 40 عاما
لقد ربح العقاد كثيرا، عندما قدمه أنيس منصور إلى أجيال لم يكن لها أن تعرف هذا العملاق الكبير، لكن أنيس هو الآخر ربح كثيرا، فلا يذكر العقاد الآن إلا ويذكر إلى جواره أنيس.