دي قراءة ثانية جديدة عبر تطبيق أبجد بمناسبة عيد ميلاد دار نشر كتوبيا العزيزة

قراءة جديدة على أبجد ✅

رواية : النبوءة الرقمية

الكاتب : ضياء الدين خليفة

قال الكاتب الراحل ضياء الدين خليفة في إفتتاحية رواية النبوءة الرقمية

"لكل كاتب شبح ... يتلبسه وقت الكتابة"

واليوم نقدم مراجعة تلك الرواية الفريدة من نوعها

حيث أنه، في العادة ينخرط الناشر والكاتب في حوار حول الكلمة على ظهر الغلاف، وغالبا ما يختار الكاتب الإقتباسات الأكثر تشويقًا، ولكن تلك الرواية لم يكن لها من ذلك نصيبًا، لقد رحل الصديق المحترم والأخ الخلوق عن تلك الحياة قبل أن يتمها ويضع كلمة النهاية فيها، لذلك قد عمد الناشر إلى مسابقة كتابة نهاية الرواية.

والآن نبدأ في مراجعة ذلك العمل، ونبدأ مع طلب الكاتب أن تقرأ الرواية بصحبة الآلة الحاسبة، فهذه الرواية عن الأرقام والمعادلات، عن باي وفاي و متسلسلة فيبوناتشي، عن مجموعة من القوانين الرياضية التي تُشكل الحقائق ولغة الكون نفسه.

أولا الغلاف

للأسف جاء الغلاف مخيبا لكافة الآمال التي وضعتها أو تصورتها.

ثانيا الحبكة والأحداث

هنا سوف يطول الحديث قليلا، هل تذكرون طاهر صاموئيل؟

تلك الشخصية التي ظهرت في رواية مقابر الأحياء، طاهر صاموئيل رجل الأعمال الذي جاء لينقذ الأرض من الهلاك بعد كارثة اقتصادية عظيمة، هل تتذكرون الآن؟

تأتي رواية النبوءة الرقمية لنتعرف على طاهر في عام 2021، وهو بعد الطالب في كلية الهندسة الذي يعيش مع والده مبتور الأقدام، والذي يتفاجأ بعودة خاله جبريل وابنته نورا ليعطياه ميراثه عن والدته، وتبدأ حياة طاهر كلها في التقلب,

نتفاجأ نحن القراء مع طاهر أن والده في الحقيقة ليس هو أبوه، وأن خاله جبريل ليس بخاله

ونورا ليست ابنة خاله، وهناك معادلة رياضية تخبرنا نهاية العالم، وأن له دور في كل هذا.

ومع نهاية صفحات الرواية المنشورة نكتشف المزيد من الألغاز والأحجيات والمعادلات الرياضية غير المحلولة، ليترك لنا الكاتب الراحل والناشر مهمة حل تلك الأمور كلها ووضع النهاية.

وفي رأيي الخاص أنه لن تكتمل تلك المهمة إلا بفهم وتدبر ونظر مُتفحص وتدقيق في كل كلمة قد كتبها ونشرها الكاتب الراحل.

ثالثا الفكرة:

والفكرة التي وضعها الكاتب في تلك الرواية هي : كيف يمكن أن تكون النهاية؛ نهاية الحياة ونهاية كل شيء على الأرض.

وحتى نعلم النهاية لابد من معرفة البداية كيف كانت، علينا حل أحجيات التاريخ والكشف عن البدايات، بداية الصراعات ما بين البشر، وإرهاصات ظهور الحضارات والأفكار واللغات الأولى، وهذا ما سوف نجده في روايات هومو وحورس وأمير بلاد السند.

حتى إذا ما تم الكشف عن التاريخ كان من السهل فهم الحاضر، وفهم كيف يدور العالم من حولنا ومن يديره، بل وكيف وصل المدير إلى منصبه، وهذا ما كشفت عنه رواية شفرة الدولفين وكذلك قصة أكسير أوزير في مجموعة اعترافات.

وأخيرا ماذا سيكون مصير البشرية، إذا أستمر الحال على ما هو الآن؟

وإذا ما استمر طمس الحقائق وغياب العقل؟ وإذا لم يحدث تغيير جذري في الأفكار الحاكمة؟

فإن المصير المحتوم هو ما نجده في رواية مقابر الأحياء.

ومن خلال فهم ذلك كله نفهم أن رواية النبوءة الرقمية هنا يمكن أن نعتبرها تتمة الرسالة والفكرة التي عاش من أجلها الكاتب رحمه الله.

هي التوضيح الشافي والكامل لكل تلك الأفكار، لذلك كان لابد لكل قارئ أن يحمل معه آلة حاسبة، وذلك الجهاز الصغير سوف يجعلك مرغما تتمسك بالحقائق المتفق عليها فقط، والتفكير بعقل حر غير مقيد بالدين أو بخلفية ثقافية أو فكرية محددة

رابعا الشخصيات:

لا يوجد عدد كبير من الشخصيات، فقط ثلاثة حول البطل طاهر محور الأحداث كلها،

وهذا ما منح الكاتب الفرصة لرسم كل شخصية بعناية، وهو ما يجبر القارئ على الغوص في أعماق أفكار كل شخصية والبحث عن دوافعها.

خامسا السرد واللغة:

السرد كان باللغة العربية الفصحى السليمة الرائعة والمتميزة، وتلك النقطة في نظري هي التحدي الرئيسي لكل كاتب قرر أن يشارك في كتابة النهاية.

حيث أن السرد واللغة التي يستخدمها الكاتب الراحل أحد أهم ميزاته

سادسا الحوار:

الحوار باللغة العربية الفصحى غير الكثيف وخاصة مع التحليق في السرد والوصف، وهو ما يجعل القارئ يتعاطى مع الأفكار والمعلومات والمعادلات في الرواية بالعقل والقلب

يمكن أن نقول أن جرعة الحوار كانت منضبطة للغاية لهدف الكاتب.

الخلاصة هنا أن الرواية رائعة لا غبار عليها خاصة إذا ما تم مراعاة النهاية وفق تلك الرؤية التي تتم عالم ضياء الدين خليفة الروائي الرائع.

وبتلك المراجعة أكون قد أتممت مراجعة كافة أعمال الكاتب الراحل.

نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يجعل كل كلمة كتبها في ميزان حسناته.

#أحمدمجدي