ربما تلك هي المرة الأولى التي أبدأ في كتابة رأيي عن العمل وأنا لا أعرف ماذا أكتب، لذلك قررت أن أفعل مثل الكاتب؛ أن أجعل يدي تحركني، وأن تقودني إلى النهاية، أو ربما البداية.
لذلك يمكن أن يكون ذلك أول عمل يكون رأيي به غير مقيَّد، وغير مشروط، ولا يتبع الخطوط التي طالما كنت أضعها.
عنده ضيوف كما نملك جميعًا ضيوفًا، ضيوف عِشنا معهم لحظات لن تنسى،
ضيوف أخذوا من أعمارنا أيامًا أو ساعات، وربما دقائق، ولكن إن انتشلناهم من عمرنا أصبح العمر من دونهم مجرد أيام.
ربما كانت اللحظات التي عشناها معهم هي السبب في تكويننا الفكري الآن.
أُحب أنغام جدًّا، أعتبرها إحدى الضيفات اللاتي مرَرنَ عليَّ، ولكن للحقيقة، لم أكن أنا مَن استضافها، كانت أمي.
أذكر حينما كنت في السابعة كان لجيلي ارتباط بفناني الجيل، أما أنا فكنت أُدندن شنطة سفر، وأنا في غاية الاستمتاع، ربما حينها لم أكن أعي معنى الكلمات، ولم أكن أفهم المشاعر الجياشة الموجودة في تلك الكلمات، ولكن هناك شيء ما جذبني إليها.
كانت أنغام أحد ضيوفي، كما كانت نجاة، وأم كلثوم، وفايزة أحمد، ولم أنسَ شيريهان ونيلي.
حينما اندلعت الثورة، كنت في الرابعة عشرة لم أفهم ماذا يحدث، لا أفقه شيئًا عن السياسة، وللحقيقة إنه بعد أحد عشر عامًا، ماذا؟ لا أفقه شيئًا عن السياسة أيضًا، ولكني أتذكر يومها، كم كنت سعيدة وأنا أرى إننا نستطيع أن نختار، أن نثور، وأن نقول بأعلى أصواتنا: لا.
كانت الثورة أحد ضيوفي أيضًا.
ربما اختلفَت الأحداث والشخصيات، ولكن بالتأكيد كل ضيف مرَّ بي ترَك بداخلي أثرًا، وها أنا أُعلن أن الساعات التي مررتُ بها وأنا أقرأ ذلك العمل، جعَل عمر طاهر أحد ضيوفي.
ضيف لم أملُّ منه لحظة، كنت أشعر به وهو يكتب كل حرف، وهو يكتب عن لحظات مرَّ بها وتركَت بداخله شيئًا ما.
تلك هي المرة الأولى التي أقرأ عملًا لهذا الكاتب، وبالتأكيد إنه ليس العمل الأخير،
فهو ليس بالضيف الذي يُملُّ منه أبدًا.