"وما سر اهتمامه بالبطل؟ كانت إجابته التي كررها كثيرًا، أن يطلب ممن يسألونه تخيل أنفسهم وقد رحلوا عن الدنيا مبكرًا قبل تحقيق أحلامهم. ألا يسعدهم أن يظل شخص واحد على الأقل يتذكرهم، ويطيل أعمارهم القصيرة باستمراره في الحكي عنهم؟" - بصورة مفاجئة، مجموعة قصصية لمنتصر القفاش 🇪🇬
هل يمكن لقصة قصيرة أن تترك في النفس أثرًا كذلك الذي تثيره رائحة الخبز الطازج أو صياح بائع الروبابيكيا أو العثور -صدفةً- على مُذكرات سنوات الصِّبى؟ الإجابة بالقطع ترتبط بخصوصية التجربة لدى القارئ، وكقارئ مصاب بحالة متقدمة من النوستالجيا المزمنة، وجدت ما يشفي غليل حنيني بين صفحات هذه المجموعة.
أزاح القفاش "مسؤولية" البطولة عن شخوص قصصه، فحررها من عبء قد يثقل كاهلها، ومنح تلك البطولة لأشياء اعتدنا عدم التوقف أمامها: قطعة شطرنج، صندوق قديم مُبطّن بالقطيفة، دفتر يوميات، دُرج سرّي، باب خشبي…وبالتوازي، يبدو كل شخص في القصص وكأن له حضور مادي ووجود موازي لا يدركه جميع من حوله، مما يدفع بالقارئ لاستنباط ما يتوافق مع قناعاته بشأن المتحقق والقابل للتحقق.
القصص -أدبيًا وإنسانيًا- متقنة، ولا ينقصها سوى كسر رتابة تأخير عنصر المفاجأة لنهاية القصة دومًا. لغة القفاش مباشرة وتتناسب مع طبيعة الحكايات، كما أن القصص جميعها مرتبطة عضويًا في كلٍ أراهُ فائق التناغم.
#Camel_bookreviews