"أوَ ليس من الهين أن يحسب إنسان نفسه رجلًا عظيمًا إذا ما كان هذا الإنسان يجهل أن الدنيا قد عرفت رامبرانت وبيتهوفن ودانتي؟" - لاعب الشطرنج النمساوي شتيفان تسڤايج 🇦🇹
قصيرة هذه الرواية (ترجمة يحيى حقي) ولكنها عظيمة القيمة كدراسة تحليلية لشخصية بطلي العمل الذي يجمعهما دور شطرنج. ليس لدى الكثير من الأدباء مقدرة تسڤايج في النفاذ تحت جلد شخوصه والشعور بكل خلجاتهم وبكل عارضة تعتريهم عظمت أو صغر شأنها، وهو ما لمسته حين قراءة أعمال أخرى له.
في هذا العمل، يستعرض تسڤايج مشوار شخصين وصولًا لمباراة شطرنج غير متوقعة على متن سفينة في عرض المحيط، أولهما بطل عالم شديد البرود والغرور، وثانيهما شخص لم يلعب الشطرنج في حياته سوى في رأسه تطبيقًا لخطط قرأها خلال سنوات من الإقامة الجبرية في غرفة أثناء التحقيق معه من قِبل الجستابو. هل تتفوق المخيلة التي صنعتها الحيلة على الخبرة المستندة إلى ممارسة فعلية؟ هل يلهم القهر الوجدان فيمنحه أجنحة تجعله يحلق خارج المألوف؟ هل تُفلت أوروبا الفِكر من قبضة النازية المستندة إلى منطق القوة؟
إن ذات الحساسية التي وضعت أعمال تسڤايج على خارطة الأدب العالمي هي التي دفعت به إلى الإنتحار بعد أن رأى عالمه يتهاوى وأوروبا التي تمثل كل القيم التي آمن بها تسحقها أصابع الناري ورحى حرب ضروس. تخيلوا أعزائي: لقد كتب تسڤايج نحو مائتي رسالة وداع للأهل والأصدقاء قبل انتحاره وزوجته! أهناك انتحار أكثر رِقّة؟
#Camel_bookreviews