سيدة القرفة > مراجعات رواية سيدة القرفة > مراجعة دينا ممدوح

سيدة القرفة - رحمة ضياء
تحميل الكتاب

سيدة القرفة

تأليف (تأليف) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

لم تكن الرواية في مخطط قراءتي مطلقًا، ولكن قرر رفاق القراءة البدء فيها ومع قُرب انتهاءهم منها قررت الخوض معهم متأخرة، فسحبتني صفحاتها حتى النهاية دون أن أشعر، بدأت فيها صباحًا واستمررت في قرأتها بشكل متقطع على مدار اليوم لأنهيها في الصباح التالي.

الرواية تحكي عن الفتاة مالابار ذات الاسم الغريب الذي اختاره لها الشيف توفيق والدها، تعيش حياتها بأكملها ما بين والدها ودراستها فقط بعد أن توفت والدتها، من الصفحة الأولى لا تخفي الكاتبة أن الأب مختفي وترك الفتاة وحدها تبحث عنه دون جدوى، فجلست الفتاة لتكتب له في المطبخ الذي كان يجمعهم حتى لا تجن، فبدأت تحكي عن حياتها التي كانت مليئة بالتوابل والمعجنات ورائحة أعواد القرفة.

في الجزء الأول من الرواية -والتي يمكنني تقسيمها إلى جزئيين- كنت أشعر بكل ما تمر به البطلة بعد أن عرفت بمقتل والدها وأن والدتها مازالت على قيد الحياة، كيف تشعر بالتيه الذي يغرقك فيه فقد الأحباء والأشخاص الذين كانوا هم بوصلة الحياة بأكملها، كنت أبكي معها، أشعر بالغصة التي تأكل قلبها، كنت أعرف هذا الطريق الذي سلكته للبحث عن الشغف في أي شيء فكانت تملأ مطبخها بالمعجنات الساخنة، كنت أشم رائحة السينابون والتفاح والكرواسون، كنت أشعر بنثرات القرفة على وجهي، شعرت بالجوع وأنا أبكي معها، كنت أشعر بكل ما مرت به والدتها من اكتئاب بعد الولادة وتأثير ذلك على علاقتها بأبنتها، كنت أشعر بكل شيء حتى أن جسدي كان يؤلمني!

في هذا الجزء كان يمكنني أن أمنح أكثر من خمسة نجوم لهذه الرواية، كانت الكاتبة بارعة في الوصف والتقاط التفاصيل الأقرب إلى القلب، وإذا ما أستمرت الرواية بتلك الذاتية والحميمية كان يمكن أن تكون واحدة من رواياتي المفضلة، ولكن الجزء الثاني من الرواية أخل بمعظم ما شعرت به في الجزء الأول.

هل يمكنك أن تضع نكهة إضافية لطبخة مكتملة رائعة فتجعلها أسوأ؟ نعم، وهو بالتحديد ما حدث في هذه الرواية.

فجأة تجد أن أحداث الرواية تتحول من الذاتية والحميمية إلى جريمة قتل وأخت تظهر من حيث لا تدري وقُرب منها غير منطقي، شخص يقتحم حياة البطلة فيشجعها على السفر معه وهي التي لم تكن تعرف أحد في حياتها حتى أصدقاء دراستها، كل شيء يحدث سريعًا ولا تفهم ما الذي جعل تلك الأحداث تجري وأنت تلهث ورائها بهذا الشكل.

هل كان يمكن أن يختفي الأب بأي صورة دون أن تتواجد كل هذه الخلفية التي لم يتم التمهيد لها مثل جريمة القتل وسبب قتله من الأصل؟ ربما كان هذا هو الحل الأمثل للمحافظة على ثبات مستوى الرواية الذي كان متواجد في الجزء الأول، فمن غير المنطقي أن تتعرف الفتاة على جريمة الأب التي فعلها وقُتل بسببها ولا تُصدم أو يحدث خلل في مشاعرها تجاهه، وهو الأيقونة التي كانت تبني حياتها بأكملها عليها.

بالنسبة لي بعض الأفكار في الرواية لم تُستغل بشكل مثالي على الرغم من أنه في حالة استغلالها بشكل صحيح كان يمكنها أن تجعل الرواية أكثر تماسكًا وروعة، مثل فكرة سيدات التوابل وفكرة الأحلام والتي كانت تلجأ فيها الكاتبة إلى الفانتازيا إلى حد ما أو الأسطرة كما يقال، على الرغم من واقعيتها التي جعلت البطلة تتعرف على الكثير من الأحداث الحقيقية بالصدفة، وكأنه خيط بدأته الكاتبة وتركته متدلي في منتصف الطريق، كذلك مرض نادية أختها لم يكن له مبرر ولم يضيف الكثير للأحداث، بالمناسبة لم أفضل أيضًا عناوين الفصول الطويلة، بجانب أن مشهد الاعتراف في النهاية كان درامي ويشبه الكثير من الأفلام العربية القديمة.

على الرغم من الثغرات في حبكة الرواية وتناقض الجزئيين فيها بالنسبة لي بهذا الشكل إلا أنها من الروايات التي أنهيتها سريعًا وسأرشحها لمن يبحث عن رواية خفيفة تتحدث عن المشاعر والطعام وهو الجزء الأجمل فيها.

*اقتباسات:

-❞ تشبه الحياة طنجرة ضغط؛ تُطهى بداخلها الأقدار على مهل. وأبسط قواعدها التنفيس. حين ننسى القاعدة، يحدث الانفجار. ❝

-❞ ألم تعلمني كل شيء عن الحياة، لكنك نسيت أن تعلمني كيف أحياها من دونك! ❝

-❞ لم أعد أشعر برغبة في الجلوس في البيت بأكمله حيث أتعثر في ذكرياتنا معًا في كل خطوة. ❝

-❞ ألسنا نعيش في عالم مجنون، مزيف، مرعب؟ والأدهى أننا محبوسون فيه جميعًا دون أمل بالخلاص، نفترس بعضنا البعض بلا رحمة كوحوش كاسرة، ولا يوجد عاقل واحد يبحث عن المفتاح ويحررنا. ❝

-❞ يطلب الجميع منا الغفران. يقولون إننا سنرتاح إذا سامحنا، هل سنفعل؟ أم سنتألم مرتين؛ مرة حين وجعنا ومرة ثانية حين ابتلعنا وجعنا كترياق. ❝

❞ بعد سنوات من التجربة أدركت أن الأمومة، بكل عذوبتها وعذابها، لا تختلف كثيرًا بين امرأة وأخرى، ما يختلف هو نظرتنا إليها وإدراكنا لأنفسنا يمكن للأمومة أن تصبح محطة يتوقف عندها قطار الحياة، ويمكنها كذلك أن تمنحنا رؤية طازجة للعالم إذا اخترنا أن نبصره بعيون صغارنا؛ فهي ترى كل ما هو اعتيادي وممل جديدًا ومبهرًا، وعندها سيعاود العالم إدهاشنا. ❝

❞ تناولت وجبات القلق وحدي، لم أشاركها مع أحد لأبدو متماسكة أمام الكل. اختبرت كذلك طعم العجز وقلة الحيلة، فليس بوسعي أن أوقف قطار الفقد عن المضي في طريقه المقدر. ❝

❞ يأتي الصباح ليذكرنا أن الحياة يمكنها دومًا أن تبدأ من جديد، أن تمنحنا فرصة ثانية لنكون نسخة أفضل من أنفسنا، لا يهم أن نكون فيها الغالبين، المهم ألا نستسلم أو نتوقف عن المحاولة. ❝

❞ اكتشفت أن للألم قدرة هائلة على إعادة تشكيلنا وأن الليالي الطويلة التي نبكي فيها بحرقة دون أن يسمعنا أحد، أو يحتضننا أحد، نستيقظ في الأيام التالية وقد تبدل شيء فينا إلى الأبد تختلف بعده ملامحنا وعيوننا وشكل ابتساماتنا، وخطوط وجوهنا وكأن الدموع صهرتنا وأعادت تشكيلنا في قوالب جديدة❝

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق