من الدروس التي تعلمتها من هذه الرواية ، و التي و إن كنت أعرفها من قبل فقد ترسخت أكثر في وجداني ، فليس الخبر كالمعاينة كما نعلم ، و إن كان في الخيال .
أولاً أننا أحياناً قد نحسد الناس الذين لا يتعبون أنفسهم بترتيب الأولويات ، و لا تردعهم الواجبات و الحقوق ، و لا يزعجون رؤوسهم في المبادئ، و ينغمسون في ملذات الدنيا بلا رادع ، فنقول : نيالهم اللي معندهمش ضمير !
لكننا لا نعلم أن هؤلاء _ و كما كان جلياً في الرواية _ مع أول مطبٍ تتجلى لهم الفوضى بداخلهم ، و لا يجدون ملجأً حقيقياً يؤوون إليه أو ركائز متجذرةً يستندون عليها .
كذلك قد تجلى لنا في القصة أن التعلق الشديد بالدنيا و بالأشخاص الذين نحبهم لا يعود علينا إلا بالحزن العميق و الانكسارات المتتابعة ، و ربما الأمراض النفسية ، و قد نفقد إيماننا بقيمتنا في الحياة لأننا كنا نعيش لأشخاصٍ غير مخلدين ، و لأشياءٍ فانيةٍ نفنى مع فنائها و إن كنا على قيد الحياة ، فهذه الدنيا هكذا ... لا تخلو من المصائب و الابتلاءات ، و لا تدوم أبداً على حالها ، فدوام الحال من المحال .
لذلك ما أعظم حظ الذي يعيش كعابر سبيل ، يجهز نفسه و من يحب للدار التي لا فقد فيها و لا أحزان ، للدار الباقية التي لا تفنى ، فعش ما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارق .